جمال الشناوى
جمال الشناوى


يوميات الأخبار

الرقص مع ذئاب الجماعة

جمال الشناوي

الأربعاء، 01 يوليه 2020 - 07:41 م

قديما أدخل عمرو بن العاص الإسلام فى مصر وغدا يخرجه منها مأمون رضوان بثقل ظله.. هكذا كان يرى الأديب نجيب محفوظ الشخصية الإخوانية فى روايته القاهرة الجديدة (1945).

يسجل التاريخ على الحكام نتائج أعمالهم، ولا يتوقف كثيرا على الحب والكره، ويدون فى كتبه على استحياء الشعبية التى يتمتع بها الحاكم...كلنا نحب عبد الناصر زعيما مخلصا لبلاده، لكن مصر تلقت فى عهده أكبر ضربة فى تاريخها..شيعنا السادات بطلا للحرب والسلام، ولكن رغباته الشخصية دفعته للثقة بعصابات الإخوان، حتى قتلوه قبل أن يعم الرخاء الذى وعدنا به..حتى مبارك كان رئيسا شريفا، ولكن مصير من سبقه جعله يعلى منطق السكون فى الإدارة،وساد التيبس والجمود أوصال الدولة فتأخرت كثيرا وفقدت كل فرص الإنطلاق.
 كانت «النخب» السياسية تردد كما الببغاء، المشير سلم البلد للإخوان، وكنت لا أصدق، فالرجل الذى تحدثت إليه مرة واحد وخصنى يوما بتصريح صحفى، بعد قطع زيارته مرافقا للرئيس مبارك إلى الصين بعد زلزال 1992..من أمام عمارة مصر الجديدة المنهارة..عهدناه صادقا فى القول..ويسبقه تاريخ مشهود فى حرب أكتوبر عندما قاتل بشراسه دفاعا عن تراب مصر فى المزرعة الصينية وصموده أمام الهجوم الإسرائيلى الشرس وتعطل الإمدادات إليه، جعلنى لا أصدق يوما أنه يبيع مصر لعصابه..و بعد حين فهمنا أنه ذات المقاتل الشرس، الذى أخلص ليمين الولاء للوطن.فبعد 100 يوم من وصول مندوب العصابة إلى قصر الحكم، انكشف زيفها لكل المواطنين، حتى من خدع فيهم «بتوع ربنا»..واكتشف الجميع أنهم «أبناء بررة للشيطان».  حتى جاء رجل من ابنائها المخلصين منفذا لأمر الشعب، وعكس كل حسابات أهل السياسة،غامر وزير الدفاع بحياته الشخصية، والعائلية ومميزات الرضا الشعبى الغامر، وإغراءات العصابة لاستمالته..لم أصدق نفسى وأنا أرى السيسى يومها حاسما وحازما فالدفاع عن وجود مصر تتوارى أمامه الحسابات الشخصية، فتقدم الصفوف لانتشال مصر من براثن العصابة، التى ترى الوطن مجرد حفنة من تراب، وتلعن مصر وأبو مصر.
 المرشد تحت السرير
 كبيرهم تسلل من ميدان الاعتصام - الذى بدا كرقعة من عمق التاريخ - تحت جنح الظلام وستر النقاب، تاركا اتباعه ممن يسلمون مفاتيح العقل قبل الدخول للجماعة،أغلب قيادات الجماعة سقطوا فى رحلات الهروب غربا وجنوبا، أعين كثيرة كانت تبحث عن المرشد الذى اختفى من ميدان الشهيد هشام بركات قبل ساعات طويلة من الفض..أين ذهب هل عبر الحدود.
 فى مكتب رئيس مباحث مدينة نصر الذى تمكن منه التعب جراء ثلاثة أيام بلا نوم،هناك من يلح على الاتصال به..وأخيرا رد عليه وهو بين اليقظة والنوم، المتحدث عبر الهاتف هو مواطن مصرى يبلغ عن شقة مغلقة منذ سنوات يملكها الإخوانى حازم فاروق، ويتم نقل أطعمة عبر «منور» العمارة من الشقة المغلقة التى تعلوها والتى تسكنها شقيقة ذات الإخوانى، احساس المواطن أن هناك من يختبئ فى الشقه المهجورة.
اهتم الضابط بما سمعه لكن التعب الشديد واحتمالية عدم وجود ما يستدعى مهاجمة الشقة وتفتيشها جعله يتردد قليلا..واستلقى على كرسيه يحاول اختلاس قسط من النوم، يحميه من السقوط إرهاقا..وغفا لثوان ليجد نفسه يهب ويطلب من رجاله مرافقته..وانطلق إلى المكان .. عمارة كبيرة قريبة من ميدان الشهيد هشام بركات ذات مدخلين توجه مباشرة إلى شقة شقيقة حازم فاروق..سألها عمن يسكن الشقة التى تعلوها، لكنها قالت الشقة مغلقة ولا يوجد بها أحد..لم يصدقها فهم متمرسون على الكذب وأمام إصرارها وقسمها المستمر للمقدم علاء بشندى بأغلظ الأيمان أن الشقة خالية، جعلت الشك يتمكن من ضابط المباحث، فطلب منها مفتاح الشقة، لكن عاودت القسم بعدم وجودها معها الآن..فأسرع إلى الطابق الأعلى..وكسر باب الشقة ليلمح شخصا بالملابس الداخلية يجرى عبر ممر بين الغرف..وبعد تفتيش وجد أحد صبية الإخوان، سأله عمن يقيم معه..فراح هو الآخر يقسم بعدم وجود أحد غيره.
وبدأ التفتيش، حتى عثر أحد رجال الشرطة على بطاقة وأوراق شخصية باسم محمد بديع عبد المجيد، وهنا بات ضابط المباحث أمام صيد ثمين..وبدأ تفتيش دقيق للشقة، ليصيح أمين شرطة من إحدى الغرف وهو يسحب مرشد الجميع من اسفل السرير فى غرفة النوم..وفى ثوان كان المرحوم الصديق العزيز اللواء سامى لطفى يهرع إلى المكان، ليتم اخراج المرشد الذى بدا مذعورا، فاقدا لكل بطولة تظاهر بها امام أتباعه، لكن وجد حسن المعاملة من مدير مباحث القاهرة الراحل..يومها كنت رئيسا لتحرير إحدى القنوات الفضائية، فتلقيت اتصالا من اللواء محمد الألفى وهو ضابط مباحث متميز، عرفته فى يومه الأول فى المباحث عندما ألقى  القبض على إرهابى خطير فى ميدان رمسيس فى اوائل التسعينات..يبلغنى بسقوط المرشد..وظللت ألح عليه فى التصوير، وبعد قليل عاود الإتصال بى ليبلغنى بالموافقة، وكان أمامي نصف ساعة على الأكثر لتكون الكاميرات فى قسم شرطة الزيتون على ما أذكر.. وهو ما انفردنا به يومها فى أولى لقطات للمرشد المقبوض عليه وأمامه العصير الشهير.
 ابنه الأستاذ
 دخل الإسلام على يد عمرو بن العاص بدهاء وسيخرجه منها مأمون رضوان بثقل ظله..
هكذا كان يرى الأديب نجيب محفوظ الشخصية الإخوانية فى روايته القاهرة الجديدة التى صدرت عام 1945، تذكرت وصف الأستاذ لشخصية الإخوانى، وانا أسمع بقصة غير معروفة بطلتها ابنة الروائى الكبير نجيب محفوظ، الذى كشف خبث فكر الجماعه منذ أربعينيات القرن الماضى..عندما اختار لشخصية - فى روايته القاهرة الجديدة -الإخوانى مأمون رضوان ثقيل الدم.
أم كلثوم ابنة الإستاذ تلقت عرضا مغريا لشراء عملين لم ينشرا للأستاذ مقابل أكثر من ثمانية ملايين جنيه..إلا أنها رفضت رغم إلحاح دار حمد للنشر فى الدوحة عبر مسئول بها من جنسية عربية. القصة نقلها لى صديق مشترك..وحكى لى موقفها الرافض لما وصفته بممارسات قطر «الإجرامية» ضد مصر.
ويبدو أنها ورثت عن الأستاذ أحد أهم صفاته وهو رفضه للاتجار بالدين، وهو ما جعلهم يخططون لقتله فى التسعينيات..عبر دفع جاهل لطعن الأستاذ فى رقبته بالسكين قاصدا قتله، ومازلت أذكر يوم الجراحة الكبيرة التى أجراها استاذ الأوعية الدموية سامح همام..وجلس يرسم لى مسار السكين وعمليات اصلاح الأوعية الدموية التى مزقتها سكين الإرهابى الذى لم يقرأ روايات الأستاذ نجيب، ولكن الإرهابيين الكبار «قالوا له « .
إنذار الرئيس
 لمرتين خلال شهر يونيو، يوجه الرئيس إنذارا واضحا لا تخطئه عين وأذن مراقب.. خلال افتتاحات باتت بالجملة لمشروعات غيرت وجه مصر فى شتى المجالات، الرئيس يطلب من المسئولين عدم الانفصال عن نطاق مسئولياتهم، فما تم من إنجاز يستحيل الحفاظ عليه عبر بعض المسئولين الذين يفضلون العيش فى مكاتبهم..
جولات الرئيس الحرة فى مناطق مختلفة جعلته يقف على آليات جديدة لتقييم عمل المسئولين.لكن أهم ما لفت انتباهى فى الأيام الماضية هو إحياء الرئيس لعيد الجلاء والإستقلال فى سيدى برانى على حدودنا الغربية الذى يصادف يوم 18 يونيو..رأيت أن السيسى هو المصرى الوحيد الذى تذكر هذا اليوم..وفيه أعلن عن عودة مصر القويه إلى محيطها، وانه تم إكمال بناء القوة القادرة على فرض السلام على الجميع.
 الأحزاب إلى أين ؟
 تقترب استحقاقات انتخابية هامة، وكالعادة تذكر النواب دوائرهم الإنتخابية وأهلهم وعشيرتهم..ولكن يبقى سؤال هام عن قدرة الأحزاب على العمل السياسى على الأرض..الوقائع تقول أن هناك تحديات وجودية للعمل الحزبى ليس فى مصر وحدها.. فالتطورات فى وسائل الاتصال والتغييرات التى أحدثتها فى المجتمعات إضافة إلى ما تنتجه مراكز البحث عبر الأطلنطى من أفكار شيطانية، تسعى إلى تغييرات جوهرية فى مكونات الدولة فى القرن الحادى والعشرين،وبينها بالطبع الأحزاب، وأغلب الظن أن الأحزاب السياسية بشكلها الحالى ستعانى كثيرا إذا استمرت على جمود الوسائل وثبات الأدوات، فمنذ انتخابات 2016 فى امريكا وما تبعها من انتخابات فى اوروبا،كشفت ضعف التنظيمات السياسية التقليدية.. فهل تستطيع الأحزاب المصرية القيام بعملية اعادة تجديد فى الفكرة والوسائل وحتى الأهداف، ويبدو أن الصينيين يستعدون لذلك..فهذا الأسبوع بدأت اجتماعات متواصلة لدراسة عشرات الأفكار لتطوير الحزب الشيوعى الصينى. لضمان فعالية الحزب «فى العصر الجديد» كما قال النص الرسمى لبيان الحزب.
لف وارجع تانى..!
بعد ثورة الشعب، وقرارات 3 يوليو بإزاحة الجماعة..وتكليف المستشار الجليل عدلى منصور..دارت الدنيا تحت أقدام الانتهازيين ، جزء منهم انضموا إلى صفوف الإخوان توهما لعودتهم بإدارة امريكية ووعد أوباما، وآخرون اهتزت الرؤية لديهم وقرروا أن يجمعوا الغنايم عبر صفوف الجماهير..وبعد ثبات الدولة ونجاح قيادتها فى العبور بها إلى بر الثبات،حاول الكثيرون منهم الاندساس وخداع الدولة طمعا فى الفوز بمنصب..
التقيت أحدهم،فى الذكرى الأولى لثورة 30 يونيو، فبادرنى مش عارف اعمل ايه، «عاوز فكرة ألف بها وارجع تانى» إلى صف الدولة..والحقيقة أن ما ارتكبه صديقنا الإستاذ الجامعى «بتاع العلوم السياسية « كان قاسيا فى تسديد ضرباته إلى قلب الوطن علانية، طمعا فى رضا سيدته هيلارى كلينتون..والحقيقة أننى لم أجد ما أقوله سوى ما قلته لانتهازى آخر يعيش فى لندن عندما سألنى نفس الحاجة،»عليك أن تحمل كفنك بين يديك وتسلم نفسك للسلطات فى المطار  والخضوع للقانون فلم يعد أمامكم سوى الاستسلام لحكم القانون أو العيش مشردين بين العواصم فى انتظار كسرة خبز من عصابه الإخوان، ولا تظنوا أنه سيأتى الصفح يوما عن جرائمكم ولن تمر مرور كرام العافين عن المجرمين.فلا سماح مع خائن، ولا شفاعة فى خيانة الأوطان .
 أخيرا
لم أجد أفضل من أبيات للشاعر أحمد مطر للتعبير عمن رقصوا مع ذئاب الجماعة وهى تنهش جسد مصر، ولا تسامح مع أولئك الذين خدعوا وخانوا أوطانهم
 رأيت جرذاً يخطب اليوم عن النظافة
وينذر الأوساخ بالعقاب
وحوله... يصفق الذباب

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة