أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

«الزلزال» فى ليبيا... و«التوابع» تونسية

أسامة عجاج

السبت، 04 يوليه 2020 - 07:23 م

اختلفت تداعيات وتأثيرات حالة الفوضى وعدم الاستقرار فى ليبيا طوال السنوات التسع، على دول الجوار، وهى بالأساس مصر والجزائر وتونس والسودان ومن الدول الأفريقية تشاد والنيجر، ولكنها ظلت جميعا معنية بالوضع هناك، خاصة مع تعقد المشهد، وعدم قدرة الليبيين عن ايجاد حل، مما سمح بتدخلات إقليمية ودولية، وقد نجحت مصر خلال الأيام الماضية فى الإعراب عن شواغلها الأمنية،وسعيها إلى ايجاد صيغة لعودة الهدوء والاستقرار وإعادة الاعتبار إلى المسار السياسى ووقف فورى لإطلاق النار.
وفى هذه السطور، نحاول رصد تبعات الزلزال الليبى على تونس، ولعل البداية بمحاولة خلق اصطفاف تركى مع تونس والجزائر، من خلال زيارة اردوغان إلى البلدين فى ديسمبر الماضي، قبل الإعلان رسميا عن موافقة البرلمان التركى على التدخل فى ليبيا،الزيارة المفاجئة اثارت غضبا فى الشارع التونسي، ورفضا من المكونات السياسية، خاصة أنها ضمت من الجانب التركى وزيرى الخارجية والدفاع ومدير المخابرات التركية، وغاب عنها نظيرهما من الجانب التونسي، وتصاعدت مخاوف من دخول البلاد فى محور مع تركيا وحكومة السراج، وجاء البيان الرئاسى حول الزيارة متأخرا، للتأكيد على ثوابت الموقف التونسى من الأزمة، ولكن ذلك لم يمنع من تحولها إلى جزء من الصراع السياسى الداخلي، مع تصاعد الرفض من جهات عديدة، ورغم تجاوز هذه الأزمة، الا ان القوات المسلحة التونسية رفعت حالة التأهب الكامل فى ديسمبر وخلال شهرى ابريل ومايو الماضي، وذلك لحماية المناطق الحدودية، ومنع تسرب الأسلحة أو ادخال إرهابيين إلى تونس.
لم تقتصر التوابع على الصعيد العسكري، بل خلقت حالة من «التأزيم السياسي» فى ظل صراع بين المكونات السياسية وحالة من تنافر بين الرئاسات الثلاثة، الجمهورية «قيس سعيد»، والبرلمان «راشد الغنوشي»، والحكومة «إلياس الفخاخ»، مع وجود تناقض فى المواقف تجاه الأزمة الليبية وأطرافها فى الغرب والشرق، ووصل الأمر إلى حالة من الاستنفار والرفض الواسع لموقف رئيس مجلس النواب راشد الغنوشى الذى سارع بتقديم التهنئة إلى فايز السراج رئيس حكومة الوفاق، على الانتصارات التى تحققت، وقام بزيارة رسمية إلى تركيا واجتمع مع اردوغان، دون توضيح هل ذهب بصفته رئيس مجلس النواب؟ أو رئيس حركة النهضة، مما دفع قيس سعيد إلى رفض محاولة الإستيلاء على صلاحياته، وقال فى خطاب علني، محذرا «من ان الدولة التونسية واحدة ولها رئيس واحد فى الداخل والخارج»، كما رد الرئيس قيس سعيد على تحركات الغنوشى الخارجية، بعقد اجتماع لمناقشة الأزمة الليبية فى ابريل الماضي، ضم رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع والعدل، وتم استبعاد الغنوشى رئيس مجلس النواب فى رسالة فهمها الجميع،
ووصل الأمر إلى مناقشة مجلس النواب للقضية، ومثلت الجلسة محاكمة علنية للغنوشى وحركة النهضة، وقد تكررت الأزمة مع ردود افعال ليبية وتونسية على تصريحات قيس سعيد مع الرئيس الفرنسى ماكرون، اثناء زيارته منذ أيام إلى باريس، عندما تحدث عن شرعية حكومة الوفاق المؤقتة، وضرورة الذهاب إلى انتخابات فى ليبيا،
وكشف تصريح لوزير الدفاع التونسى عماد الحزقى منذ أسابيع، عن حقيقة نظرة المؤسسة العسكرية تجاه الجماعات المسلحة فى الغرب الليبي، عندما وصفها «بالمليشيات» وقال نحن مضطرون للتعامل معها على المعابر الحدودية لتسهيل عودة العالقين التونسيين، واضطر رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى الاجتماع مع الوزير وإصدار بيان، وإجراء اتصال مع السراج للتأكيد على ان التصريحات تم إساءة فهمها،
خلاصة القول، ان هناك تونس لا تحتمل أى تبعات للتصعيد فى الأزمة الليبية، وهى التى تعانى من خلافات شديدة متعددة الأبعاد بين الرئاسات الثلاثة، وكذلك السيولة فى العلاقات بين الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة، وفى ظل أزمة اقتصادية خانقة، وتزايد معدلات الفقر، وتداعيات فيروس كورونا.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة