محمد بركات
محمد بركات


يوميات الأخبار

ماذا جرى منذ سبع سنوات؟

محمد بركات

الثلاثاء، 07 يوليه 2020 - 06:22 م

الآن.. وبعد سبع سنوات على الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، نحاول القاء نظرة فاحصة عبر بوابة الزمن، على ما جرى وما كان فى هذه اللحظات الفارقة من تاريخنا.

سبع سنوات مرت على ذلك الحدث الجلل الذى هز المنطقة والعالم فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، واحدث بمصر والمنطقة العربية والشرق الاوسط كله مجموعة من المتغيرات الجسيمة، التى أطاحت بالعديد من الافكار والمزاعم، ظن أصحابها أنها ثابتة قوية باقية،..، فإذا بها تتهاوى أمام الزحف الشعبى الهائل وغير المسبوق لجموع الامة المصرية، التى خرجت كلها فى ثورة شعبية عارمة، ومشهد غير مألوف ولا متوقع وغير مصدق من هؤلاء الذين توهموا انهم ملكوا مصر وشعبها الى الابد، فإذا بأوهامهم تتطاير فى الهواء تذروها رياح الثورة الشعبية العاصفة.
وفى تلك اللحظة الفارقة من عمر الزمن.. فى اليوم الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣ كانت جموع المصريين تعلن للعالم كله رفضهاالقاطع لاستمرار الواقع المر والبائس، الذى فرضته عليها جماعة الإفك والضلال بعد أن سيطرت على الحكم وقبضت على السلطة طوال عام أسود أغبر،..، وكانت الجموع تعلن وتؤكد للعالم اصرارها على الخلاص، وانقاذ مصر ممن اختطفوهافى غفوة من الزمن.
الخروج المبكر!!
والآن.. وبعد سبع سنوات على ماجرى وما كان فى الثلاثين من يونيو، سنحاول القاء نظرة خاطفة عبر بوابة الزمن، فى اطلالة سريعة على مجريات الأحداث التى جرت وقائعها فى تلك اللحظات الفارقة فى تاريخ امتنا ومسيرة شعبناالوطنية.
وفى هذه الاطلالة أجدنى متصفحا لدفتر الاحوال، الذى حرصت على تدوين انطباعاتى فيه، عن الأحداث الهامة والوقائع المؤثرة على المستويين الشخصى والعام،..، ثم اجدنى متوقفا أمام ما دونته عن ذلك الحدث الجلل فى حينه، حيث قلت،..، «لا استطيع مهما حاولت أن أصف أو اسجل بالكلمات والجمل، روعة الاحساس بمشاعر الفرح  والسعادة الفائقة، التى انتابتنى مع كل المصريين، أو غالبيتهم الكاسحة على الاقل، واستولت على جماع مشاعرى مساء الاحد الماضى، الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، وأنا أعيش وأشارك مع الكل معجزة الخروج الكبير وغير المسبوق فى تاريخ الشعوب والدول».
«ما شاهدته ولامسته فى هذه اللحظات الفارفة، من ذوبان المكونات والملامح الخاصة والصفات الشخصية المميزة لكل مواطن فرد، وامتزاجها فى مكون واحد، وملامح عامة ومشتركة لجميع الجموع التى خرجت من كل فج عميق على ارض مصر زاحفة محتشدة فى كل الشوارع والميادين بطول البلاد وعرضها، معلنة عن نفسها انها الشعب صاحب الشرعية ومصدر كل السلطات،..، مؤكدة رغبتها فى التغيير، ووضع نهاية للتعاقد الذى كان قد تم ابرامه بينها وبين النظام الحاكم، بعد ان فشل هذا النظام التابع والمعبر عن الجماعة، فى تحقيق الأهداف التى تعاقد معه الشعب لتحقيقها،..، ليس هذا فقط بل فشل ايضا فى تنفيذ أى خطوات ايجابية على الاطلاق، وأخل بكل بنود وشروط العقد،..، حيث لم يحترم الدستور والقانون، ولم يرع مصالح الشعب، ولم يحافظ على أمن الوطن ولاسلامة اراضيه،..، بل وحنث بالقسم الذى أقسم فيه بالله العظيم انه سيلتزم بكل هذا وسيحترمه.. ولكنه لم يفعل، بل الأكثر من ذلك أنه لم يكن ينوى ان يفعل على الاطلاق».
معجزة كاملة!!
واذا ما حاولت تفسير هذه المشاعر التى تملكتنى فى هذه اللحظات الفارقة، الآن وبعد سبع سنوات من وقوعها، أقول... ان ذلك يعود فى الاساس لكون ما عايشناه كان وبحق معجزة بكل المقاييس، وبكل المعانى التى تعنيها هذه الكلمة، وبكل المواصفات التى تدل عليها،..، وان هذه المعجزة وقعت أمامنا وحولنا ولنا فى وقت وفى زمن هو بالتأكيد ليس زمن المعجزات، وفى ظل ظروف ومناخ  كان خاليا تماما من أى بصيص ضوء يشير اليها أو يبشر بها من قريب أو بعيد.
وازيد على ذلك بالقول بأن احدا لايستطيع أن يدعى توقعه المسبق لهذا الذى جري،..، فما حدث وما جرى فاق كل التوقعات  وتجاوز كل خيال، مهما كان هذا الخيال جامحا أو متجاوزا فى انطلاقه وشطحاته كل دوائر ومساحات الواقع المرئى والملموس، ومهما كان محلقا فى آفاق واسعة وغير محدودة.
فهل كان احد يمكن أن يتصور هذا الخروج الاسطورى والمعجز لشعب بأكمله، أو على الأقل فى غالبيته العظمي؟!،..،
أو أن يتصور وصول هذا الخروج الى ما يزيد عن الثلاثين  مليونا من البشر، طبقا لتقديرات كل الجهات العالمية التى راقبت ورصدت وسجلت؟!
واذا كان ذلك سؤالا وهو كذلك بالفعل، فإن الاجابة الواضحة والصادقة الوحيدة على هذا السؤال هى بالنفي،..، أى أن احدا على الاطلاق لم يكن يتصور أن يرى هذا الذى حدث وعلى الصورة التى حدث بها.
ثورة الشعب!!
والحقيقة لقد كانت اكثر التوقعات تفاؤلا تتوقع ان ترى خروجا يصل الى حدود المليون فى ميادين القاهرة والاسكندرية، بالاضافة الى مليون اخر أو  أكثر قليلا فى المحافظات، وبذلك يصل الرقم الى حدود المليونين أو يزيد قليلا، أما اذا وصل الى ثلاثة ملايين فيكون ذلك شيئا مذكورا،..، ولكن ما حدث كان بالتأكيد غير ذلك، حيث تضاعفت هذه الارقام بمايزيد عن عشرة اضعاف على الاقل،..، وكان الفاعل هو الشعب الذى أذهل الجميع، وجاء بما لم يتوقعه احد على الاطلاق.
نعم.. كانت المفاجأة هى الشعب وكانت المعجزة هى ما فعله هذا الشعب، وماقام به فى لحظة مصيرية كان هو يدركها دون غيره، بحسه التلقائى الفطرى بمدى وحجم الأخطار الحقيقية المحيطة به والمتربصة له، وكان مقدرا بحكمته المتراكمة عبر ملايين السنين ان هذه هى لحظة الحسم والفعل، وانه لابد ان يخرج الان ليقول كلمته ويحدد مساره ومصيره، فى ذات الوقت الذى تصور فيه الكل وخاصة هؤلاء الذين ظنوا انهم تمكنوا منه، وأفلحوا فى الامساك برقبته انه قد سكن واستسلم واسلس لهم قياده.
من هنا فاجأت هبة الشعب الجميع، ووقف الكل ذهولا وهم يرون ذلك الحضور اليقظ وتلك الحيوية الدافقة للشعب المصرى، الذى انتفض بكامل وعيه الانسانى العميق بأهمية اللحظة التاريخية، وما تمثله من تأثير بالغ على مصير الوطن، وأثر مؤكد على استمرار وجوده فى دائرة الحضارة والتنوير، وما سيكون لذلك كله من نتائج واضحة  على سعيه لبناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة القائمة على المساواة وسيادة القانون، والمحققة لطموحاته وأماله فى الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية التى يحلم بها ويسعى اليها.
لحظة فارقة!!
واذا جاز لى ان استرجع الان تلك اللحظة الفارقة فى عمر الزمن منذ سبع سنوات، فى محاولة للامساك بها وبكل ما احتوته من مشاعر فخر فياضة غمرتنا جميعا ونحن نشاهد ونلمس ونشارك مع الجموع، فى رسم ملامح معجزة الخروج الكبير والهائل وغير المسبوق، فلابد أن اعترف بأنه مهما قيل عن الجحافل والملايين التي هبت من كل مكان على ارض مصر، وخرجت الى كل الميادين والشوارع بالقاهرة والاسكندرية وجميع المدن والقرى والمحافظات، لتؤكد ارادتها وتمارس حقها المشروع فى انقاذ دولتها وتحديد مصيرها واسترجاع هويتها، فيبقى القول ناقصا فى تعبيره  عن عظمة ما وقع، وعاجزا عن الاحاطة بحقيقة ما جرى وما كان. وفى هذا الاطار وأمام كل هذا الذى جرى، وبالصورة المذهلة التى وقعت بهاالمعجزة، على مرأى ومسمع العالم كله، اصبح واجبا ان اقول بكل الوضوح، ان ما جرى فى هذا اليوم المشهود، كان وبحق تعبيرا صحيحا واضحا ومباشرا عن ارادة الأمة المصرية، ونقطة ارتكاز هامة وفاصلة فى المسيرة الوطنية للشعب المصرى العظيم.
وعلينا أن نعى وندرك جميعا ان هذا الخروج الكبير والمذهل لجموع الشعب فى الثلاثين من يونيو، كان هو جسر العبور التلقائى والطبيعى بل وايضا الضرورى، للقرارات المصيرية التى اعلنتها رموز الشعب وجموع قواه الوطنية فى الثالث من يوليو ٢٠١٣،..، أى ان هذه القرارات كانت الترجمة الصادقة والتعبير الأمين عن ارادة الشعب المعلنة فى الثلاثين من يونيو.
جيش الشعب
كما كان الانحياز الطبيعى والتلقائى لجيش مصر البطل الى جموع الشعب وثورتها العظيمة، هو التصرف والفعل الوحيد والمنطقى والطبيعى لجيش الشعب، فى ظل الانتماء الدائم والكامل للجيش للشعب بوصفه جزءا لاينفصل عنه.
وفى هذا السياق كان انحياز الجيش لشعبه هو المتوقع الوحيد،..، وفى هذا الاطار من الالتزام خرجت الى النور القرارات المصيرية التى كانت بمثابة «خارطة الطريق»، التى تضمنت خطوات المسيرة الوطنية خلال المرحلة المقبلة، وصولا الى بناء الدولة المصرية المدنية الحديثة والقوية، بعد انقاذها من الضياع والفوضى والفشل الذى كان يتهددها فى ظل سيطرة واستبداد حكم المرشد وجماعته.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة