نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

إحنا لسه «مش كويسين»

نوال مصطفى

الأربعاء، 08 يوليه 2020 - 06:08 م

 

لا زلت أتذكر مشهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وكلمته التى قالها للسيدة التى تعرضت للتحرش عام 2014 عندما ذهب إليها زائراً يحمل باقة ورد بمستشفى الحلمية العسكري، ليشد من أزرها مطيباً خاطرها، موجهاً رسالة للمجتمع بأسره أنه لن يسمح بهذه الممارسات، وقال لها بالحرف :»أنا آسف.. متزعليش إحنا مش كويسين».
وجاءت كلمات الرئيس من وقتها - منذ 6 سنوات - قوية معبرة عندما قال :»أنا أخاطب كل راجل عنده نخوة فى مصر عيب عليك يحدث حالة مثل هذه مرة أخرى فى مصر حتى وإن كانت حالة واحدة''. ولكن ثار البركان مرة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعى وعلى شاشات الفضائيات وعادت تلك الكلمة مرة أخرى عامل مشترك أعظم فى كل نقاشاتنا وكتاباتنا إنها كلمة «التحرش» و«الاغتصاب»، وهى العبارات التى تظل مدفونة تحت الرمال حتى تأتى حادثة فجة تخرج بالمارد من قمقمه من جديد، لكن هذه المرة كانت النغمة عالية جداً وتداخلت فيها الأصوات بكثرة وضجيج جعل الجميع فى حالة تشوش.
لكن العجيب أن هناك فريقا كان صوته عالياً جداً هذه المرة، ونشازاً جداً أيضاً، هم الذين يلقون اللوم والذنب على الفتيات لأنهن يرتدين ملابس فاضحة، يتزعمهم شيخ تبرأ منه الأزهر وأكد أنه ينتمى لوزارة الأوقاف، بعدها منعته وزارة الأوقاف من الصعود إلى المنابر، وهو شاب غاوى شهرة يحب أن يكون لافتا  للنظر، وبالطبع لن أذكر اسمه لأن هذا ما يريد، العجيب أنه يختم كل منشوراته وآرائه بجملة الأزهر قادم، وكأن الأزهر نائم أو غائب، أشاهد التعليقات على أى خبر أو منشور على مواقع التواصل الاجتماعى لاكتشف أننا فى حاجة ماسة للعمل ليل نهار لتغيير فكر الأشخاص الذين يبررون جريمة بشعة كالتحرش ويلقون اللوم على الضحية وليس على الجاني، وأنا هنا اسأل باختصار؛ هل لو كان هذا المتحرش يسير فى أحد شوارع أوروبا وتسير جواره سيدات وشابات بملابسهن التى تتفق مع عاداتهن من جيبات قصيرة وبلوزات مفتوحة، أكان سيقدم على الـ«تحرش»؟ بالطبع لا؛ لأنه يعرف أنه سيقضى أعواما من عمره وراء القضبان.
لكنى أرى أيضاً جانباً إيجابياً واضحاً هذه المرة وهو موقف جميع مؤسسات الدولة فالمجلس القومى للمرأة أدى دوره كحصن وملاذ لجميع سيدات مصر، وأيضاً مؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية العظيمة اللذين حرصا على إثبات صحيح الدين الإسلامى تجاه هذه الجريمة الشنعاء، وإبراء الإسلام ممن يتحدثون باسمه بكل ما من شأنه إلقاء اللوم الدائم على المرأة، ما يعطى المجرم الحقيقى المبرر لأفعاله الدنيئة.
أما النائب العام الجليل حمادة الصاوي، وجهاز النيابة العامة بأسره، فقد كان من الدقائق الأولى مبادراً بأخذ حقوق الفتيات اللاتى تعرضن للتحرش، وأصدر بياناً يعتبر وثيقة مجتمعية متكاملة لمواجهة هذه القضية المقيتة بصفته وكيلاً عن الشعب المصرى بأسره. يجب أن نعمل الآن على تغيير وعى الشعب والشباب منذ الطفولة نحو قضية التحرش، الآن.. الآن.. وليس غداً.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة