مفيد فوزى
مفيد فوزى


يوميات الأخبار

هدى عبدالناصر

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 12 يوليه 2020 - 07:51 م

مفيد فوزى

ودائما كنت اشعر ان فى حياة جمال عبدالناصر مثلث «هيكل وسامى شرف وهدى عبدالناصر».

-1-
لست ناصريا ولكنى عشت الزمن الشمولى، وفصلنى نظام عبدالناصر 14 شهرا ولم يعتقلنى! وسبب الفصل مقال كتبته فى مجلة صباح الخير، اكشف فيه أن مشروعا زراعيا جديدا سيرى النور ليس سوى «ديكور» ساهم فى رسم صورته الاتحاد الاشتراكي! وعندما ذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل اسمى أمام الرئيس عبدالناصر أمر بعودتى وتولى هيكل مهمة ابلاغ وزير الاعلام بعودتى للصحافة والاذاعة والتليفزيون. لقد ترك الفصل فى روحى «ندبة» ولعله جرح عالجته الايام والسنون. وأنا أستثنى من الزمن الناصرى ثلاثة! هدى عبدالناصر ابنة الرئيس واحترامها فوَّاح. والسيد سامى شرف- مد الله فى عمره-وفاؤه لذكرى الزعيم يضرب بها المثل، وهيكل ابن الهيئة كبيرنا الذى حظى باحترام الرئيس الخالد لشخصيه وقلمه. فقد كان مقال هيكل فى الاهرام نهار الجمعة هو قراءة لكف الدولة.
والناصرية «ذهبت بعد رحيل امامها عبدالناصر» على حد قول د. هدى عبدالناصر. بيد انه تربطنى صلات أدبية وصحفية يحوطهاالتقدير المتبادل مع كاتب وكاتبة. يوسف القعيد وفريدة الشوباشى. كلاهما يدافعان بضراوة عن عبدالناصررغم خطاب الزعيم وهو يتنحى ويريد «ان ينضم لصفوف الشعب دون أى منصب رسمى..» كان عظيما فى افكاره. لكن الخلاف فى الرأى يعكس حرارة وحركة، ومهما يصل حد الجدل فهو «لايفسد للود قضية».
وقد كنت أرى الفاضلة «منى عبدالناصر» فى مناسبات اجتماعية مختلفة وكانت رقيقة فى تعاملاتها وبسيطة. لم تشعرنا يوما انها ابنة الزعيم فى الوقت الذى تزهو فتاة أخرى بوالدها مأمور المركز!! وكنت اتابع- مثل غيري- نشاط د.هدى عبدالناصر. وكنت اسمع من اصدقاء ان الرئيس الخالد كان شديد الثقة فى ابنته «هدي» على المستوى الشخصى والمهنى والأفق السياسى، ومرة، تجرأت وسألت الاستاذ هيكل عن هدى عبدالناصر فقال لى «شعلة من ذكاء ويكفى انها اتربت فى بيت عبدالناصر» وسألنى هيكل: لماذا تسأل؟ قلت: إن طموحى يقودنى لأجرى معها حوارا بعنوان: هذا هو أبى.. قال هيكل: اهم ما قلت ان «طموحك يقودك»!
وفهمت ان ما أطلبه فى ذلك الحين، كان يصعب تحقيقه.
-2-
ومرت الأيام، وصارت هدى عبدالناصر قريبة من الاعلام ولكنها اختارت من تتحاور معه وهذا حقها، ويبدو أن «حادثة فصلي» ظلت تلازمنى كظلى وجعلتنى «أخاصم» نظام عبد الناصر لاعبدالناصر نفسه! لقد بكيت كالاطفال عبدالناصرمرتين. مرة بعد خطاب التنحى وشعرت ان «الرمح انكسر» ومرة ثانية حين كان الشعب يودعه الى مثواه الأخير. ولهذا كانت لى محاولة مع ابنة الزعيم حين كنت أقدم برنامج «مفاتيح» على شاشة دريم.. واسطتى كانت منى عبدالناصر ولكن د. هدى تعتز بقراراتها النابعة من قناعات. ادركت أنيىأمارس«طموحا» هو فى النهاية «طحن بدون غلة» وظهرت ابنة الزعيم مع الاستاذة منى الشاذلى وظهرت فى آخر النهار مع الأستاذ محمود سعد. وربما مع زملاء اعزاء آخرين. ظهرت هدى عبدالناصر فى مئوية عبدالناصر. ونجح سعد فى «نكش» استاذة العلوم السياسية حين سألها عن الرئيس السادات وقالت هدى عبدالناصر «توجه مختلف عن والدى فالرئيس السادات طرد الخبراء الروس وتقارب مع امريكا، وتصالح مع اسرائيل». وعندما سألها عن الاخوان كانت محددة «لا مصالحة مع التنظيم السرى للاخوان» وذكرت محاولة اغتيال عبدالناصر فى الاسكندرية، التى صاح فيها الزعيم وقال عبارته الخالدة «كلنا جمال عبدالناصر» وطالبت الاعلام «بحملة توعية للشباب قبل الوقوع فى الفخ» فخ الاخوان.
وقالت ان المأساة تكمن فى فلسفة سياسة الاخوان التى تتركزحول فكرة «الطاعة» العمياء.
لم أنجح طيلة السنوات فى اجتذاب هدى عبدالناصر استاذة العلوم السياسية و«الصندوق الاسود للزعيم الخالد». حاولت صحفيا فلم احصل على رد قاطع وحاولت تليفزيونيا وكان الاعتذار اللبق المهذب.
وكانت د. هدى عبدالناصر قد نذرت نفسها لعمل سياسى هام قلما نلجأ اليه وهو تصويب الوقائع الخطأ فى التاريخ فهناك مؤرخون يلجأون الى سرد الحوادث دون استنباط مضمونها ومؤرخون يقفون عند دلالات الاحداث. لقد عكفت هدى عبدالناصر على ماى يسمى بتوثيق سيرته السياسية وطلبت من مكتبة الاسكندرية «موقعا» تجدده الآن بعد 15 عاما من المواظبة. وهناك صفحة عبدالناصر على الفيس بوك. «جمال عبدالناصر الغائب الحاضر»فيها الحدث والاحداث وكل كلمة نطبق بها وكل الخطب السياسية التى ألهبت الجماهير.
-3-
ولما كنت أطل على الناس طلّة اسبوعية من خلال شاشة «النهار» وأواظب على مناقشة قضية محورية هامة هى الوعى وأحلم دائما باستديو تحليلى للوعى اسوة باستديوهات التحليل الكروية. ولما كنت قد أستعنت بخبرات د.احمد زايد ود.نادية رضوان ود.حسام بدراوى ود.نجوى الفوال ود.هدى زكريا، فقلت لنفسى. لماذا لا نستفيد من خبرة استاذة علوم سياسية، وقفز اسم د.هدى عبدالناصر. واتصلت بها وردت وباحترام كبير اكنه لها طلبت منها مباشرة أن تجرى مداخلة مع النهار اى اتصال تليفونى ويكون الموضوع هو الوعى العام وكيف نرفع منسوبه. وكانت أول عبارة قالتها هدى عبدالناصر «لا نستطيع ان نطلق احكاما عامة على وعى المصريين». وقالت لى تليفونيا «ماكان يسمى عالم أول لن يحتفظ بهذا اللقب بعد الكورونا» وقالت «المصرى واعى بفطرته قبل المثقف».
ودخلنا معا فى جدل عميق واكتشفت عقلية متفتحة على العالم ويهمها أن تعرف «موقعنا فى مرايا العالم».
واكتشفت ان هدى عبدالناصر مثل أبيها «اكبر همومه الناس» وحدثتن باسهاب عن «بشرية» الناس ورغبتهم المشروعة فى التنفيس عن انفسهم، وعن تفكير الحكومة «الرشيد فى مطلبين هما الصحة والاقتصاد معا».
ان د. هدى عبدالناصر تتمتع بفضيلة نادرة بين النساء وهى فضيلة الانصات لمحدثها. لا أدرى اذا كانت هدى عنيدة مثل ابيها للكرامة الشخصية. ولم أتطرق عبر هذا الاتصال الهاتفى الصدفة ان اسألها فى أمور شخصية. هى التى تطوعت وقالت لى انها بعيدة عن العمران وصخب المدن فهى تحدثنى من بقعة ارض داخل الصحراء تمنحها الهدوء والتأمل «وتوثيق حياة ابى تحتاج الى هدوء لا تعكره تليفونات» قالت انهاحرصت على الرد خلال برهة تلتقط  فيها انفاسها ان فى التوثيق تحليلاً ومحاولة فهم. وهدى عبدالناصر تعيش مع ابيها فى المهمة التى نذرت نفسها من اجلها. كنت اشعر دائما ان منى عبدالناصر تفكر بقلبها اما هدى عبدالناصر فيحكمها عقلها طول الوقت واظن انى لا اخطئ اذا قلت ان الزعيم الخالد كان يعتمد على ابنته هدى فى وقت من الاوقات. فى تلك الواحة الصغيرة التى تعيش فيها هدى عبدالناصر «تحيى شجنا خاصا» وهى تقلب صفحات كفاحه صفحة صفحة. ودائما كنت اشعر ان فى حياة جمال عبدالناصر مثلث «هيكل وسامى شرف وهدى عبدالناصر». عدت لاقتراحى بمداخلة تليفونية لبرنامج آخر النهار استفيد من رؤيتها، لكنها ارادت البعد عن الضوء. وتعجبت لماذا تعتذر وهى التى أستمتع بالجدل الذهنى معها قرب 40 دقيقة دون ملل وحرصت ان ترسل لى «لينك» صفحة جمال عبدالناصر. التى أسرعت  وقرأت بمتعة زمنا احتشد فيه الوعى خلف زعيم. وكيف امارس الكتابة دون التريض فى حدائق تاريخ مصر، الورود والاشواك.
ناس
> أصبح الموت قريبا من الناس، اقرب مما تتصورون!
> عرفت مستشار أمير الكويت عبدالرحمن العتيقى وهو متزوج من الادبية الصحفية المصرية «لوتس عبدالحكيم» الصديقة قابلتهما مرة فى لندن واتفق معى ان اهاتفه قبل وصولى ارض الكويت وبالفعل تقابلنا على موعد فى الكويت وأول ما فعله ان اصطحبنى فى سياحة بسيارته نرى سويا احياء الكويت القديمة والحديث ولاحظت تحية الناس للعنيفى وهو يرد بود شديد. وكنت الاحظ ان جيلا من شرائح المجتمع يحاول اثناء مرونا على الاقدام لمصافحته وادركت انه نمط من الناس القريبة من قلوب الناس فى الكويت وكنت اسمع دعوات للعتيقى بطول العمر من عجائز فى عشش من الصفيح وتلك سمة مهمة فى السياسة. لقد شغل العتيقى مناصب عديدة لعل اهمها وزارةمالية الكويت.. لا انسى دروسا سمعتها من العتيقى حول «الاعتدال فى الحياة» مثلا: المكيف على درجة 24 دائما. مثلا: لاتفق نقودا مهما كان القادم اكثر فى الرزق. مثلا: الاعتدال فى العواطف يجنبك الغضب والتبهور. مثلا: لا تسمع لهمس آخر. انها فى الغالب مقدمات ؟؟! رحم الله العتيقى صديقا ومواطنا كويتيا بدرجة مستشار لسمو الامير الصباح حاكم الكويت أعزه الله.
> فى كل مرة أقابل الوسيم حسين فهمى، انسى أن اسأله: لماذا تتعدد زيجاتك؟!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة