محمد سعد
محمد سعد


آمنية

جسد مستباح !

محمد سعد

الأحد، 12 يوليه 2020 - 08:04 م

التحرش هو اعتداء مناف لقيم الأديان السماوية ومبادئ الإنسانية، فلقد علمنا أصدق القائلين فى سورة الأحزاب «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا»، والأكيد إنه من غير الصحيح توجيه اللوم إلى الفتيات المجنى عليهن باعتبارهن مساهمات فيما وقع عليهن من اعتداء، أو تبريره بأية أسباب.
لكن السؤال الاهم الآن لماذا يصر شخص على الإتيان بمثل هذا الفعل رغم كونه ضد كل القيم والأعراف؟ وما الذى تعكسه هذه الظاهرة التى تقاوم بشراسة كل محاولات قمعها؟ وظاهرة التحرش الجنسى يعتبرها البعض اضطرابا سلوكيا يدعمه خلل مجتمعى.
وهذه الأيام لا ينقطع الحديث عن هذه الظاهرة، بل ويتبارى الجميع فى عرض التحليلات والمقترحات والحلول، ولكن ما إن ينزل الباحثون إلى أرض الواقع حتى يجدوا أن المتحرشين مستمرون فى الإيقاع بمزيد من الضحايا !.
وأكثر الإجابات تطابقا مع الواقع على هذه الأسئلة، أن المتحرش إنسان ذو سلوك مضطرب بصرف النظر عن عمره أو مستواه الإجتماعى أو الثقافى، ولكنه ليس مريضا نفسياً، بل هو شخص مدرك لأفعاله ولكنه يعانى خللا يجعله يتصرف بعنف تجاه الآخرين، كما يعد نوعا من أنواع العنف والعدوان الذى يمارسه البعض كرد فعل.
و كل هذه العوامل عندما تجتمع مع غياب الضمير والمبادئ والتربية الصحيحة، يصبح سلوك الشخص مائلاً لكل أشكال العنف بشكل عام، وهنا يجب تسليط الضوء على التزام الوالدين بمسئوليتهم الدائمة عن أبنائهم، المبنية على الثقة المتزايدة بينهم، والعودة بهم إلى القيم والمبادئ الأخلاقية والدينية التى أُسس عليها هذا المجتمع العريق، بصورة عملية تناسب أعمارهم وأحوالهم، يرونها خلقا حيا خلال صحبتهم الدائمة لهم، دون الاكتفاء بوعظهم وإرشادهم.
مع ضرورة حِرص الآباء على مشاركة أبنائهم فى مواجهة أزماتهم، بصراحة متبادلة بينهم، يشملها حنان وعطف الوالدين عليهم، وطمأنتهم بأن لكل عقبة مخرجا، ولكل ابتلاء وخطأ اقترفوه توبة وإصلاحا وصلحا، وتوعيتهم بأن تقديس الحرمات وصونها أمر متبادل، فمن لم يصن عرض غيره لن يصان عِرضه، ومن نبذ الرذائل كفل الحماية لنفسه وأهله.
وأعود إلى المجنى عليها وأقول إنه رغم أن ظاهرة التحرش هى قضية مجتمعية تتحمل الدولة والمجتمع مسؤوليتها، فالضحية ما زالت تعامل على أنها هى المسؤولة، سواء بسبب وجودها فى الشارع أو سلوكها أو ملابسها غير المناسبة، هذا السلوك السلبى تقابله الضحية فى نظرات وسلوك الموجودين حولها الذين يتجاهلون ما يحدث أو أحيانا يبدأون هم أيضا فى امتهانها، وإذا لجأت لقسم الشرطة فغالبًا ما تخرج خائبة الرجاء، لأنها هناك سوف تكون مطالَبة إما بأن تدلى ببيانات الجانى وهو شيء شبه مستحيل أو تتسامح وتتنازل عن حقها فى مقاضاته.
         > مسك الختام
ممارسة التحرش تُشعر الجانى بلذة وقتية، كما تمنحه فكرة التعدى والقمع الشعور بالتفوق على من لا حيلة له، أما على الصعيد الآخر فالضحية تتلخص مشاعرها فى الإحساس بالإهانة البالغة والدونية، فجسدها أصبح مستباحا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة