أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

الخونة فى خدمة الغزاة

د. أسامة السعيد

الإثنين، 13 يوليه 2020 - 09:05 م

إذا كان ابن خلدون فى مقدمته الشهيرة انتهى إلى حكم مفاده أن «الطغاة يجلبون الغزاة»، فإن هناك حكما آخر كان على ابن خلدون، لو عاش فى عصرنا، أن يضيفه إلى مقدمته، وهو أن الخونة دائما يخدمون الغزاة.
والخونة ليسوا فقط أولئك الذين يتعاملون مع العدو مباشرة، بل أيضا الذين يروجون له ويخدعون الناس فى حقيقته، وللأسف يزخر تاريخنا العربى بالعديد من نماذج السقوط والخيانة، ولعل العثمانيين أكثر من استفادوا من هؤلاء الخونة، والعثمانيين الجدد يسيرون على نهج أسلافهم.
كتب التاريخ تروى أن السلطان الغازى سليم الأول، ورغم قوة جيشه، عددا وعدة فى مواجهة جيش المماليك خلال معركة مرج دابق (١٥١٦م)، كاد أن يُهزم، لولا خيانة الأميرين المملوكيين خاير بك والغزالى بك، اللذين انسحبا بقواتهما وسط المعركة بعدما رأوا تفوق السلطان قنصوة الغوري، وأشاعوا مقتل السلطان، فعاد العثمانيون إلى القتال بعدما بدأوا فى الفرار.
وها هو التاريخ يعيد نفسه، ويكرر مآسيه، فـ«الإخوان» الذين انتعشت آمالهم باقتناص السلطة مع اندلاع «الخريف العربي» الذى تحول إلى «ربيع تركي»، بادروا باستدعاء أردوغان «الغازى العثماني» المطرود من جنة أوروبا والطامع فى ثروات المنطقة، فانطلقت حملات التضليل والتزييف عبر وسائل إعلامهم والتواصل الاجتماعي، تتلاعب بالعقول، وتخدع البسطاء بوهم أن عودة تركيا إلى المنطقة إحياء لماض مجيد، والحقيقة أنه لم يكن سوى ماضٍ بغيض، احتُلت فيه أراضينا، وأُهدرت دماء أجدادنا فى خدمة الباب العالى ومغامراته الفاشلة، واستُنزفت ثرواتنا لشراء الحريم والجوارى والإنفاق على ملذات سلاطين اسطنبول.. والذين يروجون لوهم «الخلافة» الدينية لا يذكرون أنه لا يوجد سلطان عثمانى واحد أدى فريضة الحج (!!)، وكثير منهم كان مدمنا للخمر، وبعضهم كان شاذا جنسيا (!!)، والذين يتحدثون عن «الجهاد» يتناسون أن تركيا كانت ثانى دولة مسلمة تعترف بإسرائيل فى مارس ١٩٤٩، وهى حاليا أكبر شريك لدولة الاحتلال اقتصاديا وعسكريا!!
كل من يخدم الغزاة ويضلل الناس ليقبلوا بالاحتلال خائن مصيره «مزبلة التاريخ»، ولا فرق هنا بين خاير بك وبين «الإخوان»، ولا بين جان بردى الغزالى وفايز السراج وميلشياته الإرهابية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة