الثلاثاء، 14 يوليه 2020 - 01:08 م

على بعد عشرات الأمتار من مبنى محافظة القليوبية؛ وبالتحديد خلف قسم ثان بنها، توجد عشرات الأبراج المخالفة والتي تحتوي على مئات الشقق التي تم بناؤها بالمخالفة للقانون، وبالتحديد في مناطق الفيلل، وزمام «بنها – كفر سعد».

التصوير في تلك المنطقة ليس بالشيء اليسير ولا بالأمر الآمن؛ فعندما دخلت إلى منطقة الفيلل في مدينة بنها بمحافظة القليوبية، كان الهدوء يخيم على تلك المنطقة.. فجأة استوقفني أحد الأشخاص ممسكًا بسلاح ناري "خرطوش"، فسألني عن سبب تواجدي في تلك المنطقة، فقد كانت حركاتي مريبة بالنسبة له كما قال لي، فما كان مني إلا أن أخفيت هويتي حفاظا على أمني الشخصي، فأجبته أنني أبحث عن شقق في تلك المنطقة لكن بثمن بخس، فهدأ روعه وبدأ في الحديث معي غير متوجس، عله يظفر بمال جراء سمسرة يهفو إليها قلبه، فقد عرف نفسه لي على أنه "حارس" و"سمسار".

سعر المتر بالعقارات المخالفة يبدأ من 4500 جنيه

قال "السمسار" في حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن الشقق في منطقة الفيلل بها مساحات مختلفة تبدأ من 100 متر، وقد تصل إلى 240 مترا، مضيفا أن سعر المتر في تلك المنطقة يبدأ من 4500 جنيه، وهناك أنظمة في التقسيط تمتد لعام.

حاول "السمسار" إقناعي، بالشراء في الأدوار المرتفعة بحجة أن الهواء في تلك الأدوار طلق، والضوضاء تكاد تكون منعدمة، لكنني قلت له إن تلك الأدوار مخالفة فما كان منه إلا أن قال لي: «ههاودك في السعر، ولو حابب في الأدوار الأولى مفيش مشكلة، صحيح إن الأدوار المرتفعة مخالفة لكن إن شاء الله مفيش قلق وكله هيكون تمام، وبشكل عام مفيش حد بيجي هنا أصلا».

وبعيدا عن منطقة الفيلل -التي يظهر بها بشكل ملفت العدد الهائل من العقارات المخالفة بهذا المكان الحيوي- توجهت عدسة «بوابة أخبار اليوم»، إلى منطقة زمام «بنها – كفر سعد»، فرأيت أبراجًا شاهقة، بعضها لا يزال العمل به جارٍ، لكنني وجدت الأسعار منخفضة مقارنة بمنطقة الفيلل، فسعر المتر نصف التشطيب يبدأ من 3500 متر.

وخلال رحلتي بتلك المناطق والتي امتدت لنحو 4 ساعات؛ كان لافتا تواجد «حارس» أسفل كل عمارة، كما رصدت أكشاكا للحراسة في هذه الأماكن، حتى لا يتمكن أحد من كشف عالم «مافيا المخالفين».

أبراج تم الصالح بشأنها

كان الحديث في السطور السابقة عن أبراج تم بناؤها منذ أشهر معدودات ولم يتم التصالح بشأنها حتى الآن، لكن عدسة "بوابة أخبار اليوم"، رصدت على الجانب الآخر  أبراجا "مخالفة" بنيت منذ مدة ليست قصيرة، كاد العمل أن يكون مكتملا بها، لكننا وجدنا أغلبها مكتوب عليه "تم التصالح".

محافظ القليوبية: القانون سيطبق على الجميع بكل حسم

من جانبه قال اللواء عبدالحميد الهجان محافظ القليوبية، لـ«بوابة أخبار اليوم» إن مشكلة العقارات المخالفة قديمة وموجودة منذ ٢٠١١، مضيفا أنه تمت إزالة من ١٥: ٢٠ حالة بناء مخالف في منطقتي كفر سعد والفحص.

وشدد محافظ القليوبية على أن «القانون سيطبق على الجميع بلا أية استثناءات في المناطق كافة ومنها منطقة الفيلل، وسيتم التعامل بكل حسم وفقا لتوجيهات القيادة السياسية»، موضحا أنه «يتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل الحالات المخالفة».

«الهجان»: إذا لم يكن العقار المخالف ساكنا فستتم إزالته

وتابع: «البيت الذي به سكان لا نقوم بإزالته مراعاة للبعد الاجتماعي، ونقوم بمجهود كبير بالتعاون مع التخطيط العمراني لحل تلك المشكلة، وفيما يتعلق بطلبات التصالح التي تقدم، يتم قبولها تحت أي وضع لحين الفحص، وإذا لم يكن العقار ساكنا فستتم إزالته».

، لكن القارئ يسأل:

متى تم بناء تلك المباني الشاهقة؟

ومن سمح ببنائها؟!

ولماذا تم السكوت عليها؟!

وما الذي حال دون إزالة تلك المخالفات حتى الآن؟

خبير قانوني: الإزالة الفورية في حال عدم التصالح

قال الدكتور أحمد مهران الخبير القانوني، إنه منذ ٢٠١١، تم بناء عقارات مخالفة، وقامت الدولة المصرية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإصدار قوانين للتصدي لتلك المخالفات ولردع كل من تسول له نفسه اقتراف أية مخالفات، مضيفا أن «الدولة رأت أن بعض المخالفين ترتب على مخالفاتهم وضع مراكز قانونية جديدة لأشخاص "حسني النية" وهم هؤلاء المواطنين الذين اشتروا عقارات من الملاك فأصبح لهم مركز قانوني مستقر وثابت».

وتابع في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»: «الدولة قررت أن تحمي هؤلاء المواطنين الذين اشتروا عقارات مخالفة، عبر وضع قانون للتصالح، وهو ما يترتب عليه عدم الهدم ويتم التصالح وفقا لقانون ٢٠١٩، ومفاده أنه يتم التصالح إذا دفعت قيمة المخالفة، وفي حال الامتناع عن ذلك يتم الهدم مباشرة» .

أحمد مهران: المشتري هو من سيدفع قيمة المخالفة

وأوضح «مهران»، أنه سيتم التصالح في العقارات التي بنيت قبل عام٢٠١٩، منوها أن «المخالفات تتنوع ما بين العقارات بدون ترخيص، والمباني التي أقيمت في العشوائيات، والعمارات التي تمت تعليتها».

واختتم حديثه قائلا: «المشتري هو من سيدفع قيمة المخالفة وليس المالك، فمعظم الملاك أقاموا عمارات وباعوا الشقق السكنية عبر "الكاحول" وهو شخص وهمي مزيف يظهر للناس ويبيع لهم الشقق على أنه المالك الحقيقي، لكن المالك يتخفى تحت ستار هذا "الكاحول"،  والدولة الآن تتعامل قانونا مع الذي اشترى الوحدة المخالفة وليس مالكها  لأن معظم الملاك هربوا».