حقيقة مومياء المرأة الصارخة
حقيقة مومياء المرأة الصارخة


حقيقة مومياء «المرأة الصارخة».. الأشعة المقطعية تكشف سبب وفاتها

شيرين الكردي

الأربعاء، 15 يوليه 2020 - 02:45 م

 

تمكن الدكتور زاهي حواس عالم الآثار الشهير، ووزير الآثار الأسبق، والدكتورة سحر سليم أستاذ الأشعة بجامعة القاهرة، والمتخصصة في أشعة الآثار، من حل لغز "مومياء المرأة الصارخة"، من الخبيئة الملكية في الدير البحري، وذلك في الدراسة التي نشرت حديثا في إحدى المجلات العلمية الدولية.

وكشف البحث الذي أجراه العالمان المصريان باستخدام جهاز الأشعة المقطعية عن تصلب شديد في شرايين القلب التاجية، أدى الى موت الأميرة المصرية فجأة بنوبة قلبية، وحفظ التحنيط المصري القديم وضعية الجسد لحظة الوفاة لقرابة 3 آلاف عام.

القصة كاملة

في عام 1881 تم اكتشاف خبيئة الدير البحري الملكية في الأقصر، حيث قام كهنة الأسرتين ٢١ و ٢٢ بإخفاء أعضاء ملكيين من أسر سابقة لحمايتهم من لصوص القبور.


احتوت خبيئة الدير البحري الملكية على "مومياء الرجل الصارخ" والتي أثبتت الدراسات الحديثة بالأشعة المقطعية و الـDNA التي قام بإجرائها الدكتور زاهي حواس، والفريق العلمي للمشروع المصري للمومياء Egyptian Mummy Project، أن "مومياء الرجل الصارخ" هو الأمير بنتاؤر Pentawere ابن الملك رمسيس الثالث والذي أُجبر على الانتحار شنقا عقابا له على تورطه في قتل ابيه الملك رمسيس الثالث في ما يعرف بمؤامرة الحريم.

وتم عقاب الابن القاتل بعدم تحنيط جثته ولفها بجلد الغنم، مما يشير إلى أنه اُعتبِرَ (نَجِسًا) وليكون مصيره الجحيم في الآخرة، في الوقت الذي كانت فيه المومياوات الأخريات ملفوفةً بالكِتَّان الأبيض ومُحنَّطةً بعناية.

كما احتوت نفس الخبيئة الملكية في الدير البحري على مومياء لامرأة تظهر على وجهها علامات الرعب والألم والصراخ وعرفت بـ"مومياء المرأة الصارخة"، فرأسها مائل إلى الجانب الأيمن وساقاها مثنية وملتفة عند الكاحل، في الوقت الذي كانت فيه المومياوات الأخريات مغلقة الفم ومستلقية مستقيمة الجسد.

فما حقيقة "مومياء المرأة الصارخة" وكيف ماتت؟ و لماذا تم حفظها بشكلٍ مُختلفٍ لم يُر من قبل؟ وهل لاقت مومياء المرأة الصارخة نفس مصير بنتاور فتم عقابها بالموت ولم تحنط بالطريقة الملكية كباقي الأميرات؟

ولحل هذا اللغز قام الدكتور زاهي حواس والدكتوره سحر سليم أستاذ الأشعة بجامعة القاهرة، بهذه دراسة "مومياء المرأة الصارخة"، وفحصها على جهاز الأشعة المقطعية سيمنز والموجود في المتحف المصري بالقاهرة.

من هي صاحبة مومياء المرأة الصارخة؟

تشير الكتابات باللغة الهيراطيقية على لفائف الكتان حول مومياء المرأة الصارخة أنها: "الابنة الملكية، الأخت الملكية ميريت آمون"، ومع ذلك، اعتبرت المومياء غير معروفة فسميت بـ"مومياء المرأة غير المعروفة إيه" حيث كان هناك العديد من الأميرات بنفس الاسم، على سبيل المثال ميريت آمون ابنة الملك سقنن رع، من نهاية الأسرة السابعة عشر (1558- 1553 قبل الميلاد)، وكذلك ميريت آمون ابنة الملك رمسيس الثاني (1279-1213 قبل الميلاد) من الأسرة التاسعة عشر.



وتشير نتائج تصوير الأشعة المقطعية "CT scan" التي أجراها الدكتور زاهي حواس، والدكتوره سحر سليم، إلى أن مومياء المرأة الصارخة هي لسيدة ماتت في العقد السادس من العمر، وأن جثمانها (و على العكس من بنتاؤر Pentawere) قد نال عناية بالغة من المحنطًين الذين أزالوا الأحشاء ووضعوا موادا باهظة الثمن مثل الراتنج والحنوط المعطرة في تجويف الجسم واستخدموا الكتان الطاهر في لف المومياء،وبالتالي فإننا نفترض أن ظروف وفاة "مومياء المرأة غير المعروفه إيه"، كانت مختلفة عن حالة بنتاؤر أو "مومياء الرجل الصارخ".

ولم يتمكن المحنطون من وضع جسد الأميرة في حالة الاستلقاء، ولماذا لم يتمكنوا من تأمين غلق الفم كما كان المعتاد مع باقي المومياوات الملكية؟ ما الذي حدث فمنع المحنطين من إتمام مهمتهم؟


تشير نتائج التصوير المقطعي المحوسب أن "مومياء المرأة غير المعروفه إيه"، كانت مصابة بمرض تصلب الشرايين شديد الدرجة والذي أصاب العديد من شرايين الجسد، ومرض تصلب الشرايين هو مرض تنكسي يصيب جدار الشرايين بشكل تدريجي مما يؤدي إلى ضيق في تجويف الوعاء الدموي وانسداده .

ويتم تحديد أماكن تصلب الشرايين في فحص الأشعة المقطعية كمناطق عالية التكلس داخل جدران الشرايين والتي يمكن التعرف عليها حسب مكان الشريان.

وأسفرت الدراسات السابقة التي قام بها الدكتور زاهي حواس والدكتورة سحر سليم على المومياوات الملكية المصرية القديمة عن وجود تصلب الشرايين في البعض منها.

وعرف الطب المصري القديم "النوبة القلبية" وربطها بالموت، فوصفت بردية الطب المصري القديم المعروفة بـ"إيبرز Ebers"، مخاطبة الطبيب منذ أكثر من ٣٥٠٠ سنة: "عندما تفحص رجلاً يعاني من آلام في معدته، ويعاني من آلام في ذراعه وصدره فهذا هو مرض (واد WAD) المرادف للنوبة القلبية)".

وأثبت فحص الأشعة المقطعية لـ"مومياء المرأة غير المعروفة إيه"، أنها عانت من تصلب في شرايين القلب التاجية الأيمن والأيسر وكذلك شرايين الرقبة، وشريان الأبهر البطني والحرقفي، وكذلك شرايين الطرفيين السفليين والساقين.

وأثبتت العديد من الدراسات السريرية في الوقت الحاضر، أن مرض تصلب الشريان التاجي للقلب يعد السبب الرئيسي للوفاة المفاجئة لدى البالغين.

ويوصي الطب الحديث في مثل هذه الحالة الطبية الخطيرة المماثلة لحالة مومياء المرأة الصارخة، إلى إعطاء الأدوية التي تذيب جلطات الأوعية الدموية وربما قسطرة قلبية وذلك لمنع أو الحد من تلف عضلة القلب، وتفترض الدراسة التي أجراها دكتور زاهي حواس، ودكتورة سحر سليم، أن جلطة الأوعية التاجية لـ"مومياء المرأة غير المعروفة سببت تلف عضلة القلب مما أدى إلى موتها الفجائي.

وتفترض هذه الدراسة أن الأميرة ماتت فجأة بنوبة قلبية وهي على وضع الجسد الحالي ساقاها مثنية وملتفة عند الكاحل. وتسبب الموت في ميل الرأس إلى الجانب الأيمن وارتخاء عضلات الفك مما أدى إلى فتح الفم، وتشير الدلائل أن المتوفاه ظلت لفترة كافية لعدة ساعات على هذه الوضعية قبل ان يتم اكتشاف الجثمان فأدى التشنج الذي يعقب الموت الى تيبس العضلات و المفاصل وأبقاء مومياء الأميرة على وضعية الوفاة هذه فلم يتمكن المحنطون من تأمين أغلاق الفم أو وضع الجسد في حالة الاستلقاء كما كان المعتاد مع باقي المومياوات.

وأظهرت صور فحص الأشعة المقطعية، أن المحنطون لم يستخرجوا مخ المومياء حيث لا يزال يرى المخ بداخل تجويف الجمجمة ولكنه يميل إلى الجانب الأيمن وذلك لوضعية الجسد على هذا الجانب عند الموت وبعد التحنيط.

وساعدت الدراسات السابقة التي قام بها دكتور زاهي حواس ودكتور سحر سليم، على المومياوات الملكية، باستخدام الأشعة المقطعية على تحديد ملامح التحنيط في الأسر المختلفة.


وترجح هذه الدراسة من خلال ملاحظة خصائص طريقة تحنيط "مومياء المرأة الصارخة"، مثل عدم استخراج المخ أنها قد تكون "ميريت آمون"، ابنة الملك سقنن رع من نهاية الأسرة السابعة عشر 1558- 1553، قبل الميلاد وليست ابنة الملك رمسيس الثاني (1279-1213 قبل الميلاد) من الأسرة التاسعة عشر.

ويستكمل دكتور زاهي حواس مع دكتورة سحر سليم وبقية الفريق العلمي، مشروع المومياء المصري وعمل فحوصات الـDNA على مومياء المرأة الصارخة مما قد يساعد على تـأكيد هويتهـا.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة