يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

تحديات

يوسف القعيد

الخميس، 16 يوليه 2020 - 06:28 م

تقول كتب التاريخ، والتاريخ خير معلم أن مصر اخترعت الأبدية. وعلمت الدنيا ماذا تعنى كلمة الزمان؟ يحدثنا توالى القرون وتتابعها أن مصر ربما كانت البلد الوحيد فى العالم الذى قام تاريخه على ثنائية: التحدى والاستجابة. بل إننى أستأذن القارئ فى تعديل الجملة لتسبق كلمة الاستجابة كلمة التحدى.
ولهذا فإن معظم المؤرخين الذين عاصروا الأحداث الكبرى فى سيرورة التاريخ أمام أبواب بلادنا أن مصر خاضت الحروب فى أكثر من جبهة فى وقت واحد. وصل عددها إلى سبع جبهات. وأنها حاربت دفاعاً عن أمنها وكيانها وانتصرت. لا أهدف من كلامى للقول أن المصرى سوبر مان. فهو إنسان أصيل يؤمن بحب بلاده أكثر من حبه لنفسه. وتوشك هذه الظاهرة أن تكون مصرية أولاً وثانياً وثالثاً وأخيراً فى تاريخ علاقات المصرى بوطنه. ليس معنى هذا أن المصرى محصن ضد القلق والتوتر والمخاوف. فحب المصرى لمصره يُضرب به المثل فى العالم من حولنا. ففى أى بلد من بلدان العالم عندما يريدون أن يحددوا حب مواطن لبلده يقولون عنه إنه كالمصرى. ولكن مهما تكاثرت الهموم والمشكلات والمؤامرات. فإن تعامل المصرى مع هذه الطوارئ يضعها فى سياقها الذى يجب أن توضع فيه.
بدون تهوين أو تهويل. لا يقلل من خطورتها. وأيضاً لا يحولها إلى مشاكل آخر الزمان. فصبر المصرى ودأبه يؤكد له دائماً لا توجد مشكلة بدون حل. وأن العلاقة بالوطن من ثوابت مصرية المصرى. أتوقف أمام هذه الحالة كمثال. خرج من أديس أبابا فجأة وهى الكلمة التى نستخدمها فى القصص الرديئة. خرجت علينا أحاديث تقول أن الأثيوبيين بدأوا ملء خزان السد. فماذا كانوا يفعلون معنا قبل هذا بساعات أو بأيام؟ هل كانت مشاركتهم فى التفاوض الثلاثى حول السد مع مصر والسودان عملية شراء وقت؟ أو تضليل لنا وللإخوة السودانيين عن أهدافهم الحقيقية؟.
فبينما كانوا يحضرون الإجتماعات ويتكلمون ويستمعون كانت لهم نوايا أخرى فى قضية السد "ولن أستخدم وصف النهضة بعد كلمة السد أبداً لا الآن ولا مستقبلاً". ماذا فعلت مصر؟ تصرفت تصرف من يعتبرون الوطن قضية لا تناقش ولكنهم فى نفس الوقت يتصرفون تصرف العقلاء المتحضرين الذين يمثلون أقدم حضارة. سألت مصر أثيوبيا بالطرق الدبلوماسية عن بدء الملء قبل الإتفاق. وطلبت إيضاحات قبل أن تقرر رد فعلها.
سيكتب للدولة المصرية التى يقودها بحكمة واقتدار الرئيس عبد الفتاح السيسى، أنها خاضت حروباً فى الشمال والجنوب وفى الشرق والغرب. ولكن كل هذه الحروب لم تشغل مصر عن المضى قدماً فى مشروعات إعادة البناء. بل عندما فاجأنا الوباء لم تفكر الدولة إلا فى المواجهة الشاملة. ووسط كل هذه التداخلات واصلت العمل والبناء والتنمية.
يبقى لى فى الموضوع الأثيوبى الكثير. فقطرة المياه من نيلنا تساوى أعمارنا جميعاً. ولكنى أتوقف أمام أمرين، أولهما ما قاله سامح شكرى، وزير خارجيتنا إن الدفاع عن حق البقاء ليس اختياراً معبراً عن ضمير مصر وروحها ووجدانها.
ثانيهما الغمغمات والهمهمات الأثيوبية المتمثلة فى تصريحات تعقبها إيضاحات ثم تليها تكذيبات، هى لعبة أثيوبية مستهلكة تمارس تقريباً كل يوم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة