كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر


إنهــا مصـــــــر

كرم جبر يكتب| وارتوت الأرض بالدماء

كرم جبر

الجمعة، 17 يوليه 2020 - 05:39 م

لم يدرك الشياطين الذين خططوا للربيع العربي، أن الحروب الدينية هى الأسوأ على مر التاريخ، لأن القتل والذبح والسلخ والتعذيب يكون باسم الأديان، والسماء بريئة من هؤلاء السفاحين.

فى الشرق إذا اشتعلت الحروب الدينية، لا تنطفئ جذوتها مهما طال الزمن، ولم تجف دماء الإمام على "‬كرم الله وجهه" حتى الآن، منذ أن شج السفاح ابن ملجم رأسه وهو يصلى الفجر، وما زالت دماؤه تسيل فى العراق والشام وليبيا وغيرها، تحت سيوف الصراع الدينى.

لم يكن "‬أبناء مصر الأوفياء" يريدون لبلدهم هذا المصير أبداً، بعد أن ذاقوا ويلات الجماعة الإرهابية، التى قدمت نموذجاً فاشياً دموياً، يفتح الجراح ويستحضر الفتن، ويمزق النسيج الوطني، ويدخل البلاد فى دائرة الجحيم العربي، ويجعل المصريين وجهاً لوجه، وكأنهم أعداء منتقمون وليسوا أبناء وطن واحد.

ليس فى وسع أحد أن يزايد على حب الأديان الذى يملأ قلوب المصريين، أشكالنا واحدة ونذهب إلى نفس المساجد والكنائس ونتبادل التهانى فى الأعياد، وبيننا عقلاء يستيقظون إذا ظهرت بوادر الفتن.

مصر تبنى دولة مدنية حديثة تحتوى تحت مظلة المواطنة كل أبناء الوطن، متساوون فى الحقوق والواجبات، يلتفون تحت علم مصر ويهتفون بنشيدها، وهذا هو السياج الآمن الذى يحمى البلاد ويدرأ المخاطر، ويمنع عودة أمثال تلك الجماعة الشاردة، التى أطبقت أظافرها وأنيابها فى رقبة البلاد والعباد، ولكن كانت يد الله فوق أيديهم.

جاء الشياطين إلى الشرق الأوسط بأكذوبة الفوضى الخلاقة، تحت مسميات كثيرة أهمها "الربيع العربى"، فأشعلوا الحروب الدينية فى الدول المستهدفة، وخططوا أن تستمر ثلاثين عاماً، مثلما حدث فى أوربا حتى تنهار كل الدول، وتقبل شعوبها المقهورة على السلام الذليل، فيسهل إعادة تقسيم المنطقة على أساس ديني، تسيطر عليه القوى التى خرجت منتصرة.

أنشأوا داعش وأيقظوا الإخوان والحوثيين والقاعدة وغيرها من التيارات المتطرفة، وأمدوها بالمال والسلاح، وساعدوها فى إسقاط الأنظمة العربية، وكانت مصر هى المستهدفة، فبدون سقوطها لا يكتب للربيع العربى النجاح، ولكن شعبها وجيشها رفضوا الهزيمة.

استنسخ الغرب نموذج الحروب الدينية فى أوربا لإعادة إنتاجها فى الشرق الأوسط، مثلما بدأت فى ألمانيا بحرق الكنائس واعتداء كل طائفة على أخرى، وتجاهل الحكام تحقيق المظالم ،فقررت الطوائف الدينية المختلفة أن تنتقم لنفسها بنفسها، وبدأوا بما عرف بعقوبة الرمى من النوافذ العالية لمخالفيهم فى المذهب والرأى.

وجاءت على الأخضر واليابس واستمرت ثلاثين عاماً فى ألمانيا، فقضت على ثلث السكان الذكور، وسقط حوالى سبعة ونصف مليون قتيل من إجمالى عدد السكان الذى بلغ عشرين مليوناً، وهبط عدد الذكور إلى النصف، مما اضطر أن يسمحوا بتعدد الزوجات.

ارتوت الأرض بالدماء، ودمرت مدن وقرى بأكملها، ووصلت البشاعة إلى حد الاغتصاب وبقر بطون النساء وحرق الأحياء وإغراقهم فى أقفاص حديدية، وبتر الأصابع وقطع الأيدي، وغيرها من فنون القتل البشع.

من الطبيعى أن تؤدى الحرب إلى السلام، بعد إنهاك قوى كل المحاربين، وقبولهم التفاوض والتنازل، ونشأت ديمقراطيات جديدة أساسها فصل الدين عن الدولة، فعندما تختلط السلطة بالدين، تفسد السلطة، وتنحرف الأديان عن رسالتها السامية، التى تستهدف إسعاد البشر، ونشر المحبة والعدل والتسامح والسلام.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة