الكاتب الصحفي جمال حسين
الكاتب الصحفي جمال حسين


جمال حسين يكشف أسرارًا من دفتر أحوال ثورة يونيو

حكاية قصر لاظوغلى .. إختاره الاخوان ليكون حزب «الحرية والعدالة» مجاورًا لـ «الداخلية» !!

جمال حسين

السبت، 18 يوليه 2020 - 12:22 م

 

الشاطر لـ «حسن مالك»: موقع القصر أكثر من رائعُ

ويُطلُّ على «حبايبنا» .. إدفع فيه أى ثمنٍ!!

مفاجآت المستندات التى عُثر عليها داخل مقرات «الحريَّة والعدالة»

مرسى ألغى شرط التحريات السياسيَّة.. لتمكين أبناء الإخوان من دخول كليَّة الشرطة

عبدالعاطى طالب المعزول بإعادة العلاقات مع إيران ..  مقابل 10مليارات دولار وديعة

المرشد أمر بتشكيل جماعات ضغطٍ مثل الألتراس والبلاك بلوك وأخْونة الإعلاميين والرياضيين

العثور على استماراتٍ بصورٍ لقيادات بـ «الوطنى» طلبوا عضويات فى حزب الإخوان !!

آلاف الطلبات لتشغيل الإخوان بالوزارات المهمة وشركات البترول وهيئة قناة السويس

استفزازٌ

كنت أتردد يوميًا على شارع منصور؛ الموجود به حزبُ الإخوانِ، أثناء ذهابى إلى وزارة الداخليَّةِ، بحكم عملى محررًا أمنيًا، ومندوبًا لجريدة الأخبارِ لدى الوزارة.. وفى أحد الأيامِ، فوجئ الجميع بتلك الفيلا الأنيقةِ، قد وضُع عليها لافتةٌ ضخمةٌ مضيئةٌ بطول 8 أمتارٍ، وارتفاع مترين؛ مكتوبٌ عليها “حزب الحريَّة والعدالة”، وأصبحت الفيلا  التى لا يفصلها عن ديوان وزارة الداخليَّة سوى أمتارٍ قليلةٍ مقرًا لحزب الحريَّة والعدالة.. وتساءلتُ فى نفسى “كيف ذلك؟ ولماذا”؟!

أصرَّ مكتبُ الإرشادِ على افتتاح مقر الحزبِ فى احتفالٍ أسطورىٍّ؛ ليُصبح حزب الحرية والعدالة مواجهًا لوزارة الداخليَّة فى منطقة لاظوغلى، وقد كان مجرد اسم كلمة الداخليَّة أو لاظوغلى ترتعد منها فرائص الجماعة، بل كانت المنطقة بأكملها “بعبع الإخوان”، يترددون عليها مُكبَّلين بالقيودِ الحديديَّةِ، أثناء عرضهم على مباحث أمن الدولةِ.

أراد الإخوانُ من تخصيص هذه الفيلا مقرًا لحزبهم، إرسال عدة رسائل ذات مغزى إلى الشعبِ المصرىِّ؛ بأنهم أصبحوا يُقيمون فى وسط البلد، تُحيطهم الوزارات كلها، أرادوا الكيدَ لوزارة الداخليَّة، فيبعثون برسالةٍ إلى الضبَّاطِ؛ كأنهم يقولون لهم فيها “بقينا جيران” !!

سألتُ أحد قيادات وزارة الداخليَّة فى هذا الوقتِ: كيف يحدث ذلك؟ وهل لذلك معنى ومغزى؟، وجاءتنى الإجابةُ بأن تخصيصهم لهذه الفيلا المُطلَّة مباشرةً على وزارة الداخليَّة بميدان لاظوغلى؛ لتكون مقرًا لحزب الحريَّةِ والعدالةِ، له معنى نفسى، ومعنى لوجستى، ومعنى أمنى لجماعة الإخوان؛ التى تُضمر الشرَ لمصر، ولوزارة الداخليَّة على وجه الخصوص.. المعنى النفسىُّ رسالةٌ إلى الداخليَّة مؤداها “يا مَنْ كنتم تعتبروننا جماعةً غير شرعيةٍ محظورةٍ، نحن الآن شرعيون، وجيرانٌ للمؤسسة الأمنيَّة الأولى فى مصر”.. والمعنى اللوجستى، أن وجود الحزب بجوار الداخليَّة يُعطيهم قوةً للتردد على منطقة لاظوغلى؛ التى كانت قلوبهم، حتى أيامٍ قليلةٍ، ترتجف من سماع اسمها، وفرائصهم ترتعد عند المرور فوقها، حيث كانوا يترددون عليها مكبَّلين بالقيود الحديديَّة، أثناء عرضهم على مباحث أمن الدولةِ فى لاظوغلى.. وهناك بيتُ شعرٍ قديمٍ يُلخِّص حالَ المشهد الجديد فى 9 شارع منصور يقول: “ومن نكدِ الدنيا على المرء أن يرى.. عدوًا له ما من التعامل معه بُدُ”.

أما المعنى الأمنىُّ فهو أن الإخوان أرادوا أن يقولوا للجميع، إنهم الآن أصبحوا فى أمانٍ، وإن المقرَّ الرئيسى لحزبهم “الحريَّة والعدالة”، أصبح ملاصقًا لديوان وزارة الداخليَّة، حيث الكثافة والحراسات الأمنية المكثفة على ديوان الوزارة، وبالتالى لا يستطيع أحدٌ من معارضيهم الاقتراب من المبنى.

المؤتمر الصحفى الفضيحة 

تتكون الفيلا من ثلاثةِ طوابقٍ، حيث تمَّ تخصيص الطابق الأول للحملة الإعلاميَّة لمرشح الحزب فى الانتخابات الرئاسيَّة محمد مرسى، إضافةً إلى قاعة اجتماعات الهيئة العليا، والمكتب التنفيذى، وكذلك الهيئة البرلمانيَّة، بينما تمَّ تخصيص الطابقين الثانى والثالث لمكتب رئيس الحزب، ومرشح الجماعة للانتخابات الرئاسيَّة وبقية أمانات الحزب، إضافةً إلى قاعة اجتماعات كبيرة؛ لعقد المؤتمرات الصحفيَّة، ويشتمل كل طابقٍ فى الفيلا على 4 غُرفٍ تتسع لعددٍ كبيرٍ من المكاتب.

اختار محمد مرسى، مرشح جماعة الإخوان للرئاسة، المقرَّ الجديدَ للحزبِ لإدارة حملته الانتخابيَّة فى مواجهة مبنى وزارة الداخليَّة، وبدأنا نرى صورة مرسى معلقةً بطول ارتفاع الحزب، ونرى سيارات الإخوان التى تحمل شعار “مرسى رئيسًا”، تقف أمام الحزبِ على بُعد امتارٍ قليلةٍ من وزارة الداخليَّة، فى مشهدٍ مُستفزٍ للغايةِ لكل الضبَّاطِ والأفرادِ المتواجدين والمترددين على ديوان الوزارةِ.

وهنا فرضوا هيمنتهم، وذلك بعد التنسيق مع الإدارةِ الأمريكيَّةِ، وحصولهم على دعمٍ كاملٍ من الرئيس الامريكى باراك أوباما، وهيلارى كلينتون وزيرة خارجيته فى هذا الوقت، والسفيرة الأمريكيَّة بالقاهرة آن باترسون، بأنهم قادمون إلى الحكمِ لا محالة.. أصبح الإخوانُ يتعاملون على أن الأمور قد دانت لهم، ووضعوا الانتقامَ من وزارة الداخليَّةِ هدفًا؛ لتحقيق  حلمهم فى الوصول إلى حُكم البلاد بعد 80 سنةً من العنفِ والعمل السرىِّ والانتظار حتى تحين الفرصة.

بعد إجراء الانتخابات الرئاسيَّة، أعلن الإخوانُ، فى تصريحاتهم للجزيرة وأخواتها من قنواتهم الدينيَّة، فوز محمد مرسى على أحمد شفيق، قبل أن تُعلن اللجنةُ العليا المشرفةُ على الانتخابات النتيجةَ، ولم يكتفوا بذلك، بل أشار عليهم محمد بديع - مرشد الإخوان-، بعقد مؤتمرٍ صحفىٍّ لإعلان النتائج التى رصدتها لجانهم، واستباق إعلان نتيجة الانتخابات بشكلٍ رسمىٍّ؛ حتى يضعوا الدولةَ المصريَّة فى مأزقٍ، وأمام الأمر الواقع.. وبالفعل عقد قيادات مكتب الإرشاد، من هذا المقر، أول مؤتمرٍ صحفىٍّ له، كان بمثابة الفضيحة، وأعلنوا بكل بجاحةٍ وصِلفٍ، فوز محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة لعام 2012، قُبيل إعلان النتيجة رسميًا بأيامٍ.

ثورة الخلاص

ونحمد الله، أن هذا الوضع لم يستمر كثيرًا، فقد رفض الشعبُ المصرىُّ حكم الإخوانِ، وقامت ثورة 30 يونيو؛ لتُعيد الإخوانَ إلى جحورهم، ثم تصطادهم وتضعهم فى مكانهم الطبيعى خلف القضبان؛ حتى تقى المجتمعَ المصرىَّ من شرورهم ودمويتهم.. وكان مقر حزب الحريَّة والعدالة، أول ما استهدفه المتظاهرون الغاضبون من هذا الوضع المقلوب، وقاموا بمحاصرة الحزب واقتحامه، كما تمَّ اقتحام جميع مقرات الحزب بالمحافظات، وذلك فور صدور حُكمٍ نهائىٍّ من المحكمةِ الإداريَّةٍ العليا بحل حزب الحريَّة والعدالة، وتصفية كل ممتلكاته السائلة والمنقولة وإعادتها للدولة.

كشف المستور

بعد اقتحام مقر حزب الحريَّة والعدالة فى لاظوغلى، ومقار الحزب بالمحافظات، ومقرات مكتب الإرشاد أيضًا، تمَّ العثور على مستنداتٍ غايةٍ فى الأهميَّة؛ تُؤكِّد المصائبَ التى كانت تنتظر مصرَ والمصريين فى عهد الإخوان الأسود.. إذ تمَّ العثور على أسلحةٍ ناريةٍ وبيضاءٍ، وخوذٍ وماء نارٍ بداخله، وزجاجات مولوتوف!!.. وتوالت المفاجآت، عند فحص المستندات الخطيرة؛ التى عُثر عليها داخل المقرات بعد اقتحامها، والتى تم تسليمها للأجهزةِ المعنيَّةِ والتى كشفت بوضوحٍ مخطط جماعة الإخوانِ لحكم مصر.

عُثر على أوراقٍ تُؤكِّد وجود قسم الأخواتِ بمكتب الإرشاد؛ لاستخدامهن فى الانتخابات الطلابيَّة وانتخابات النقابات الفئويَّة، كما عُثر على وثيقةٍ بخط يد أحمد عبدالعاطى - سكرتير الرئيس مرسى -، يقترح فيها ضرورة اللجوء إلى إيران، مقابل دفعها 10 مليارات دولار كوديعةٍ فى البنك المركزى، وإمداد مصر بالمواد البتروليَّة؛ نظير هذا التقارب، ثم عُثر على مستندٍ خطيرٍ بعنوان “الأمن الوقائى المضاد”، به مقترح فصل عددٍ من القيادات والضبَّاط بجهاز الشرطةِ، وترقية ضعف هذا العدد، وادعوا أن ترقية هذا العدد الضخم من صغار الضبَّاط يضمن ولاءهم للنظام الجديدِ، أيضًا تمَّ العثور على مقترح إعادة هيكلة وزارة الداخليَّة والأجهزةِ السياديَّةِ، وإنشاء جهازٍ أمنىٍّ إسلامىٍّ، على غرار الحرس الثورىِّ الإيرانىِّ!!

عُثر على آلاف الطلباتِ الموقَّعةِ لتشغيل أعضاء وأبناء الإخوانِ فى عددٍ من الوزارات والهيئات المهمة، وفى شركات البترول والكهرباء، وهيئة قناة السويس، وهيئة موانئ البحر الأحمر، والمؤسسات الكبرى؛ لضمان السيطرة على مفاصل الدولةِ.. وتوالت المفاجآت بأن عُثر على مستندٍ بخط يد محمد بديع - مرشد الإخوان- يأمر مرسى باتخاذ عددٍ من القرارات المهمة؛ لإخماد الثورة ضد الإخوان؛ منها إقالة شخصيات كبرى فى الدولةِ، وعمل إعلانٍ دستورىٍّ يُحصِّن قراراته!!، ومستنداتٍ تُطالب بتكوين جماعات ضغطٍ؛ مثل الألتراس والبلاك بلوك، ووضع خُطة لأخْونة بعض الإعلاميين والصحفيين والرياضيين؛ لمساندة الجماعةِ.

كانت المفاجأة غير المتوقعةِ، بأن عُثر داخل مقر حزب الحريَّة والعدالة على استماراتٍ موقعةٍ من عددٍ من الشخصيات، بعضهم كانوا قيادات بالحزب الوطنىِّ المنحل، يطلبون عمل عضويات فى حزب الحريَّة والعدالة؛ لضمان دخولهم انتخابات مجلس الشعب، والبقاء فى مناصبهم، معتقدين أن الإخوان سيظلوا فى الحكم، بعد أن وعدهم الإخوانُ بمناصب قياديَّة.

الإخوان وكليَّة الشرطة

من العجب العجاب، أن عُثر داخل مقر حزب الحريَّة والعدالة على قائمةٍ بأسماء الطلابِ؛ الذين طلب مكتب الإرشاد إلحاقهم بكليَّة الشرطة لأول مرةٍ فى التاريخ، بعد أن كان دخول كليَّة الشرطة مُحرَّمًا عليهم؛ بسبب التحريات السياسيَّة حسب القانون.. ولهذا الموضوع حكايةٌ، حيث إنه عندما سيطر الإخوانُ على مُجريات الأمور فى البلاد، كان فى مقدمة أهدافهم، إلحاق أبناء الأهل والعشيرة بكليَّة الشرطة، التى كانوا محرومين منها فى إطار مخطط أخْونة وزارة الداخليَّة، إذ علت أصواتهم بحق أبنائهم فى الالتحاق بكليَّة الشرطةِ والكليات العسكريَّة، وضغطوا بكل قوةٍ على مكتب الإرشادِ، وعلى الرئيس محمد مرسى وقتها، الذى تحدَّث فى هذا الأمرِ مع وزير الداخليَّة، وكانت العقبة هى التحريات السياسيَّة، فأصدر محمد مرسى قرارًا بإلغاء شرط التحريات السياسيَّة؛ لإلحاق طلاب الإخوان بكليَّة الشرطة فى هذا العام، وكان من نتيجة ذلك التحاق عشرات الطلاب من أبناء وأقارب الإخوان؛ على رأسهم نجل شقيقة الكتاتنى، رغم أن أهم شروط الالتحاق بكليَّة الشرطة والكليات العسكريَّة، ألا يكون الطالب أو أى من أفراد عائلته منتميًا لأى تنظيماتٍ سياسيَّةٍ أو دينيَّةٍ متطرِّفةٍ.. بعد سقوط الإخوان تم فصل هؤلاء الطلاب من أكاديمية الشرطة، حيث أكَّدت المتابعات الأمنيَّة لهم، تورط أقاربهم فى التظاهرات والفعاليات التى تُنظمها الجماعة، عقب الإطاحةِ بحكم الإخوانِ، وأقام بعضهم دعاوى قضائيَّة أمام محاكم القضاء الإدارىِّ للعودة، لكن دون جدوى.. كما حاول الإخوان بكل قوةٍ أخْونة عددٍ من ضعاف النفوس من الضبَّاط، ونجحوا فى ذلك مع ضبَّاط وأفراد اللحية، وفتحوا قنوات اتصالٍ معهم، لكن وزارة الداخليَّة وقطاع أمن الدولة نجحا فى إفشال هذا المخطط؛ بإبعاد أى ضابطٍ أو فردٍ تحوم حوله أى شبهة اتصالٍ بالجماعةِ.

حفظ الله مصر وشعبها من كل سوءٍ بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وجعل رايتها عاليةً خفاقةً للأبد.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة