محمد السيد عيد
محمد السيد عيد


الوصل والفصل

لن تعطش مصر

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 19 يوليه 2020 - 06:53 م

 

أعجبنى ماقاله سامح شكرى وزير الخارجية أمام مجلس الأمن من أن النيل بالنسبة لمصر قضية وجود. إن الأجيال الحالية لاتعرف معنى أن يأتى النيل شحيحاً، أو ألا يأتي، فبعد بناء السد العالى لم تعد مصر تعانى من المجاعات أوتعرف العطش، أما قبل ذلك فكم رأى المصريون من ويلات حين كان النيل يبخل بمائه. وسأروى لكم قصة واحدة من قصص توقف النيل، وهى قصة الشدة المستنصرية.
حدثت هذه الواقعة فى عهد المستنصر بالله الفاطمي، إذ استمر الجفاف سبعة أعوام، وفيها عز القمح، وانعدم القوت، فأكل الناس أوراق الشجر، والقطط، والكلاب، وبلغ سعر الكلب خمسة دنانير، والدينار ثمانية جرامات ونصف ذهباً. أى يساوى بسعر اليوم أكثر من سبعة آلاف جنيه، مايعنى أن سعر الكلب تجاوز خمسة وثلاثين ألف جنيه، ثم أكل الناس جيف الموتي، وأخيراً أكلوا بعضهم، فكان الرجل يأكل ابن جاره، ولايستنكر الجار ذلك، وكان الناس يختبئون فوق الأسطح ومعهم خطافات فإذا رأوا شخصاً يمر ألقوها عليه، وأخذوه فأكلوه.
ويحكى أن الوزير ذهب للقاء الخليفة راكباً بغلته، فلما ترك البغلة أمام القصر هجم الناس عليها فأكلوها، وحين علم الوزير بما حدث أمر بشنق من أكلوها، وبعد الشنق أنزل الناس الجثث من المشانق وأكلوها. وكان فى القاهرة حارة يسكن بها بعض الأثرياء، الدار فيها تساوى ألف دينار، فبيعت كل بيت بطبق خبز، فسميت بحارة الطبق.
ومن القصص التى رواها المؤرخون، أن امرأة كان لديها عقد من الجوهر يساوى عشرة آلاف دينار، فدارت به على التجار ليعطوها بدلاً منه دقيقاً، فلم يوافق أحد، حتى عطف عليها رجل فأعطاها مقابله جراب دقيق، فهاجمها الناس، ونهبوا الدقيق، فزاحمتهم وملأت كفيها دقيقاً، ثم خبزته رغيفاً، وذهبت إلى قصر الخلافة فصاحت: إدعوا للخليفة المستنصر الذى أكلنا فى عهده الرغيف بعشرة آلاف دينار.
ولم يكن الخليفة أحسن حالاً من الشعب، إذ كان طعامه طبقاً من فتيت تتصدق به عليه امرأة من أهل الخير، ولايأكل غير وجبة واحدة فى اليوم. ولن نسترسل لأن المساحة لن تحتمل المزيد من التفاصيل، لكننا نقول إن مصر لايمكن أن تسمح بتكرار الشدة المستنصرية، وحسناً أن يعرف رجال دولتنا أن قضية سد إثيوبيا هى قضية وجود بالنسبة للمصريين.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة