مجلس الدولة
مجلس الدولة


"الإدارية العليا": حرية التعبير في وسائل الإعلام مشروطة بالحس الوطني

فاطمة مبروك

الثلاثاء، 21 يوليه 2020 - 12:10 م

أصدرت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية فحص برئاسة المستشار عبدالعزيز أحمد حسن، نائب رئيس مجلس الدولة، حكما في الطعن رقم 606 لسنة 61 ق عليا برفض الطعن بإجماع الآراء المقام من رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق ضد أحمد عبدالحى السنديونى وتأييد حكم تاريخي أصدرته محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ بجلسة 7 أغسطس 2014 برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، في الدعوى رقم 829 لسنة 12 قضائية ضد نظام حكم الإخوان يتعلق بضوابط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وحدود التعبير في وسائل الإعلام وأنها مشروطة بالحس الوطنى دون مساس بأمن البلاد أو النظام العام أو مقتضيات الدفاع الاجتماعي.


وكانت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة في أغسطس 2014 قضت بإلغاء القرار الصادر من رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات هشام جنينة في عهد الإخوان بنقل المدعى من مراقبة حسابات الائتمان الزراعى والتعاونى التابع للجهاز المركزى للمحاسبات بمحافظة كفر الشيخ إلى مراقبة حسابات الهيئة القومية للبريد بطنطا ووقف تنفيذ قرار نقله من طنطا إلى أسيوط الصادر في أكتوبر 2013 باعتباره تلاحقا لقرارات النقل مشوبا بالانحراف في السلطة، ولاستخدام المدعى حقا دستوريا في التعبير عن رأيه.


قالت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ في حكمها المؤيد بحكم دائرة الفحص بالمحكمة الإدارية العليا أن الدستور كفل للمصريين جميعا الحرية الشخصية وحرية الرأي وحرية التعبير وحرية النشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني، وذلك انطلاقا من أن الديمقراطية وهى الوصف الأول لنظام الحكم إنما هى ديمقراطية جميع أفراد الشعب طالما كان إبداء الرأي ونشره والدعوة إليه من خلال اقتناع ذاتي وحس وطني وطالما أنه لم يتعد بنشاطه حدود المشروعية الدستورية والقانونية ولا يصل إلى حد المساس بأمن البلاد أو النظام العام أو مقتضيات الدفاع الاجتماعي من خلال ارتكاب جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.


وأضافت المحكمة أن الأصل المقرر دستوريا والمتطلب ديمقراطيا هو وجوب كفالة حماية الموظفين العموميين في أداء واجباتهم مع كفالة حرية الرأى وتوفير حق الشكوى لكل منهم لوسائل النشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني وغير ذلك مما تستحدثه بيئة التطور الإعلامي دون مساس بأسرار الدولة وصيانتها وأن اجتماع حق الشكوى مع حرية الرأي والتعبير عنه يبيح كأصل عام لكل مواطن أن يعرض شكاياه ومظالمة على الرأي العام شريطة ألا يتضمن النشر ما ينطوى على مخالفة للدستور أو القانون أو اساءة استعمال الحق، لأن عدم إساءة استعمال الحقوق هو القيد العام المشروع الذى يسرى على جميع الحقوق والحريات.


وأشارت المحكمة أن للموظف العام أن يتظلم إلى السلطات الرئاسية وله أن يعبر من خلال وسائل النشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني عن تظلمه مما يعانيه أو مما يتصوره ظلما لحق به وأن يحدد وقائع ما لاقاه من عنت أو اضطهاد وكذلك أن ينتقد بصيغة موضوعية إجراءات ونظام العمل ووسائله مقترحا ما يراه بحسب وجهة نظره وخبرته من اصلاح في أساليب ووسائل تنظيم وأداء العمل مما يرتفع بمستوى الخدمات والإنتاج للمصالح العامة وحماية الأموال والأملاك العامة ورعاية حقوق وكرامة المواطنين شريطة ألا يلجأ إلى أسلوب ينطوي على امتهان أو تجريح للرؤساء بما لا يستوجبه عرض وقائع الشكوى، في إطار حسن سير وانتظام اَداء المرفق والمصالح العامة للخدمات العامة للشعب.


وأوضحت المحكمة أن المدعى قد انتقد مظاهر الفساد في عهد الإخوان بالأدلة قاصدا الاصلاح عبر وسائل الإعلام بوسائل الإعلام وهى تدور في الأساس حول مخالفات ارتأها وقعت في اَداء الوظيفة بالجهاز المركزى للمحاسبات فترة الإخوان، وقد علمها الرأي العام كله وانشغل بها وهى الدافع الرئيسي لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة في ذلك الوقت في إصدار قراره بنقل المدني من كفر الشيخ إلى الغربية ثم نقله إلى أسيوط، واعتبرت المحكمة أن تلاحق قرارات النقل المكانى وصدورها بغير مقتضى من الصالح العام إنما قصد بها مجازاة الموظف وتكون الجهة الإدارية قد انحرفت بسلطتها في نقل الموظفين من مكان إلى اخر عن الغاية التى وضعت لها واتخذتها أداة للعقاب وتكون قد ابتدعت نوعا من الجزاء التأديبيى لم ينص عليه القانون.


وانتهت المحكمة أن المدعى سبق له الحصول على حكم ببراءته من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها عن مخالفة النشر عن طريق المداخلات بإحدى القنوات الفضائية الصادر في الدعوى رقم 97 لسنة 54 ق بجلسة 7/7/2013 وحصوله على الصيغة التنفيذية لهذا الحكم بتاريخ 14 سبتمبر 2013 ورغم ذلك أصدر رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أصدر قراره الثانى بتاريخ 8 أكتوبر 2013 بنقله إلى محافظة أسيوط وأن تلاحقه للمدعى بقرارات النقل المكانى وصدورها بغير مقتضى من الصالح العام يؤكد على ان مصدر القرار انما قصد مجازاة المدعى لانه لم يكن راضيا لممارسة المدعى لحقه الدستورى في التعبير عن رأيه، ويعد ستارا انتقاميا من شانه أن يحطم المقومات الأساسية للمدعى ولأسرته ويؤدى إلى انفراط شملها وهو ما يحمل على عاتقه ما لا يطاق ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ويتضمن ارهاقا له من مشقة وعناء تنوء عن حمله الطبيعة الإنسانية اذ يقتضى منه ترك موطنه بكفر الشيخ ومحل إقامته مع أسرته ليقيم في أقصى محافظة في البلاد بأسيوط وفى ذلك تكلفة له ماديا ومعنويا ما لا يطيق لحاجته إلى تكاليف سفر ومعيشة قد لا يفى مرتبه بذلك، فضلا عن ترك أسرته وأطفاله وتشتيت شمل الأسرة مما يؤثر سلبا عليها على نحو يكون القرار المطعون فيه مخلا بالواجب الدستوري نحو الحفاظ على تماسك الأسرة ووحدتها.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة