د. محمد أبوالفضل بدران
د. محمد أبوالفضل بدران


يوميات الأخبار

اسحبوا منه «نوبل»

د.محمد أبوالفضل بدران

الأربعاء، 22 يوليه 2020 - 05:42 م

إن حملة سحب جائزة نوبل للسلام منه كفيلة أن تزلزل كيانه لأن مثقفى العالم وأحراره سينضمون إلينا وإلى حقوقنا المشروعة فى الحياة.

أليس من حق المثقفين بمصر ومن وَالاهم من مثقفى العالم العربى والعالم الحر أن ينظّموا حملة لسحب جائزة نوبل للسلام من أبى أحمد رئيس وزراء اثيوبيا التى حصل عليها فى العام الماضى ويدق الآن طبول الحرب مع دول الجوار ضاربا بكل المواثيق الدولية والأعراف الدبلوماسية عرض الحائط وكأن هذه الأمطار ملك يمينه يهبها لمن يشاء ويخزنها متى يشاء، إنه يدفع المنطقة للخطر إضافة إلى الأخطار المحدقة بها.
إن حملة سحب جائزة نوبل للسلام منه كفيلة أن تزلزل كيانه لأن مثقفى العالم وأحراره سينضمون إلينا وإلى حقوقنا المشروعة فى الحياة، ربما لا تستجيب مؤسسة نوبل لسحب جائزتها منه لكن يكفى أن يعرف العالم أنه لا يستحقها مثل توكل كرمان وأشباههماَ وإن داعى الحرب ومانع المياه لا يستحق أن يتوّج بجائزة للسلام ولو كان دافعه تغطية عجزه السياسى الداخلى وانقسامات المجتمع الإثيوبى وأعراقه المتصارعة.
اسحبوا جائزة نوبل للسلام من عدو السلام.
 اصلاح السيارات والحوادث
هل يعقل أن يقتل أحدهم بسيارته شخصا ويتركه ينزف حتى الموت هاربا بسيارته متوجها إلى أقرب ورشة تصليح السيارات بإحدى المدن الصناعية ليسلمها إلى صاحب الورشة كى يصلحها له وبعد يومين يأخذها بعد مَحْو جميع آثار الحادث وتلميعها تلميعا جيدا ويمضى بها وكأن شيئا لم يكن ؟
هل هناك قانون يُلزم صاحب الورشة بالإبلاغ اليومى عن السيارات التى يرغب أصحابها فى إصلاحها بعد تهشم أجزائها؟ هل هناك قانون يجعله شريكا فى الجريمة فى حال عدم الإبلاغ لأنه ضيّع معالم تُعين المحقّق للوصول إلى ملابسات الحادث ودوافعه وكيفية حدوثه وآثاره؟
كيف يشارك أصحاب الورش فى إفلات مجرم من قبضة العدالة؟ إذا كان القانون موجودا فَعِّلوه وطبّقوا عقوباته وإذا لم يكن موجودا أو كان غير كاف فشرّعوا مواده وحدّثوه وفق متطلبات العصر ومجرياته، فكم من الجرائم نجا أصحابها من خلال ذلك.
إن دماء كثيرة تنزف على أسفلت الشوارع أحرى بنا أن نبحث عن حقها وعن تقديم مُرتكبيها إلى العدالة.
 مبادرة: كل يوم شاعر
كيف ننشر الشعر فى الأرض؟ هذا ما كنا نفكر فيه عندما طرحت د. شيرين العدوى فكرة بث قصائد الشعراء بأصواتهم على لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة الذى شرفت بأمانته سابقا وأشرف الآن كونى مقرر لجنة الشعر التى تضم كبار الشعراء والنقاد فى مصر الأستاذ فؤاد طمان (رحمه الله) (والأساتذة: أحمد حسن وأحمد عنتر وأحمد سويلم ود.أسامة البحيرى وحسين القباحى وسامح محجوب ود. شيرين العدوى ود. عادل الدرغامى ود.علاء عبد الهادى وعماد غزالى وبأمانة السيدة هدى عبد الدايم) الذين تلقفوا الفكرة وهاتفوا الشعراء الذين تحمسوا أكثر منا واستجاب أكثر من مائتىْ شاعر سجّلوا لنا فيديوهات قصائدهم بأصواتهم لنكتشف أننا حصلنا على كنز عظيم، فإلقاء الشاعر جزء من قصيدته، فكم من الشعراء رحلوا دون أن نظفرلهم بتسجيل صوتى واحد..إن الشاعر أدرى بدروب قصائده وَعْرها وسهلها، فرحها وترحها، لذا فإن إلقاء الشاعر قصيدته يختلف عن إلقائها من أى أحد آخر لأن الآخر قد يتأثر بها لكن الإحساس الأسمى سيكون من إلقاء الشاعر قصيدته لأنه يلقى قصيدته من قلب مقروح- على رأى أبى العلاء المعري- كِما أن اختيار الشاعر قصيدة أو قصيدتين من كل شعره اختيار له دلالته النقدية فالشاعر يرى قصائده برؤية نقدية وأرى أن الابداع رؤية نقدية وإن النقد رؤية إبداعية، وجدنا تشجيعا كبيرا من السيدة د. ايناس عبد الدايم وزيرة الثقافة والدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والأستاذ وائل حسين شلبى وفريقه الذى يعمل ليل نهار دون كلل وبابتسامة دائمة يعملون فى حب واحترام وتفانٍ وإنكار للذات، كم كنت أشفق عليهم وعلى السكرتارية لدى وكل موظفى المجلس عندما كنت أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة، إنهم لا يذهبون لبيوتهم إلا سويعات فهم عاشقون للثقافة، محبّون عملهم، فشكرا لأخى وائل حسين وهذا الفريق الأعز ولكل موظفى المجلس الأعلى للثقافة؛ وانطلق البث الشعرى فى الرابع من هذا الشهر بصوت الشعراء أحمد عبد المعطى حجازى ومحمد ابراهيم أبو سنة ومحمد على شمس الدين ومحمد سليمان وعلى العلاق ومها العتوم ومحمد الشهاوى وبقية الشعراء الذين سيلقون تباعا فتحية إلى لجنة الشعر التى جعلت الشعر يملأ الأرض ويزيدها اتساعا وجمالا.
 الشاعر يوسف أبو عثمان
 من الشعراء الذين لا يعرفهم أحد سوى أهل قريتنا العُوَيْضَات مركز قِفط بمحافظة قنا يأتى الشاعر يوسف أبو عثمان الذى وُلد على الأرجح فى 1900 وتُوفى فى عام 1952 تقريبا، ولم تُنشر أشعاره لكنها ظلت محفورة فى أذهان قريتنا؛ وقد كان يميل إلى الفكاهة والسخرية ومداعباته مع أصدقائه ماتزال محفورة فى ذاكرة القرية، فقد كان له صديق مقرئ خطيب فقال له:
بَطْنِ الخطيبْ كَدَنْ ِفيقْ
وعيُنْه للرّغيفْ نقّادهْ
إذا سمِع جنازهْ في دَنْفيقْ
يِصبّحْ مَعَادى نقادهْ
أى أن بطن الخطيب هذا مثل دَنْ فِيقْ كالدِلو الفائق لا يُملأ أبدا بينما عيناه تنظر بتمعّن للأرغفة وتنقد وتختار أجْودَها، إذا سمع بجنازة غرب النيل بقرية دَنْفِيقْ بقنا فإنه من الفجر يعبر النيل من قِفط إلى نَقَادة ليلحق بجنازة دنفيق ويقرأ فيها القرآن الكريم.
وفى إحدى المرات داعب صديقه الشيخ خير أبو صالح ممازحا:
ياناسْ أنا مغلوبْ من خيرْ
ودَمعى على خدِّى سايِلْ
عاملْ فقيرْ من أهلِ السّيرْ
كدّابْ لكنْ كِدْبُه خايِلْ
هُوَّ إمامْ فَِ نجعْ أبْ غايْ
كُلّهْ نَبَاههْ ودْرايهْ
ولمّا يروحْ فِ حفلةْ شايْ
يسْرقْ فِ جيبُه الكُبّايهْ
وقد كان- رحمه الله - يعتمد على الجناس التام والناقص فى قوافيه، وكان له جمهور كبير يستمتعون بشعره ويُعجبون به ويحفظونه ويردّدونه فى مجالس سمرهم فى «المَلَقَة» ليلا، وقد عاتب ولده أحمد ذات مرة عندما لم يُطع أمره فقال له ممازحا:
سَمُّوكْ أحمدْ وحَمْدونْ
ماسِخْ وكُلّكْ رَزَالهْ
وانْت ياولدى زَيْ الأفيونْ
مايْلمَّكْ إلاّ التّفالهْ
ويضحك الجميع ويضحك ابنه أحمد على هذه السخرية والصور والتشبيهات المضحكة التى كانت مادة السّمر يتبارى فيها الشعراء يرتجلون أشعارهم ويتحول الجمهور إلى حَكَم بينهم وكأننا فى نقائض جرير والفرزدق والأخطل، آمل أن أجد باحثين يجمعون هذا التراث الشفهى قبل أن يفنى الرواة.
 النصيحة بِجَمَل
 كان أحد التجار يسير فى درب الأربعين بالصحراء وقد أحضر معه أربعين جَمَلا ويصحبه دليلُه وحارسان، وفى منتصف الطريق تشاجر مع الدليل على الأُجرة فتركه الدليل وتبِعه الحارسان، وهنا وجد التاجرُ نفسه وحيدا مع الجمال الأربعين وبدلا من أن يسترضى الدليل والحارسيْن تركهم يمضون واتجه فى طريقة ظانا أنه سيهتدى إلى وجهته، ولكنه بعد يومين فى الصحراء هائما وجد نفسه يسير دون معرفة الاتجاهات وبلغ التعب الجمال لكنه اشتد فى السير، حتى عطشت الجمال بينما كان يعتمد على ماء له جلبه معه، وفجأة أبصر بدويا يسير فوق ناقته فاتجه له مناديا فى غِلظة وتكبُّر فدنا منه البدوى فبادره التاجر: أين الطريق وأين الماء يا بدوي؟ دون أن يلقى عليه السلام.. فأجابه البدوي: تبغى النصيحة؟ فقال نعم، أجبنى بسرعة.. فبادرة البدوى : النصيحة بجمل! ولأنه بخيل متكبر رفض أن يعطيه جملا نظير النصيحة، فتركه البدوى ومضى، وبدأت الجمال تنفق واحدا واحدا وهو لا يعرف الطريق ولا الماء.. وفى اليوم التالى مرّ البدوى فرأه مريضا نائمًا وقد نفذ الماء منه، فناوله الماء فاسترد صحته وتطلّع إلى الإبل التى نفقت من حوله، فسأله أين الطريق؟. من فضلك؟ فأشار البدوى: خلف هذا الجبل على بعد خطوات منك، وهناك بئر ماء...اعتدل الرجل التاجر وتحامل على نفسه ومضى خلف الجبل فرأى البئر والطريق لكنه كان وحيدا... حقًا.. «النصيحة بجمل»، فذهبت مثلا.
فى النهايات تتجلى البدايات
يُولد الحزنُ كبيرًا ثم ينمو،
ثم ينمو فى خفايا القلب
والذكرى رِواءُ الحزن
كى يقتات أعمارا وأجسادا وحُلما
يبدأ الحزنُ كبيرًا ثم ينمو مثل ليلٍ،
يبْتنى فى القلب بيتا
ربما يغفو كذئبٍ
راح كى يغفو قليلا بعد يوم الصيد
ربما يغفو رويدا مثل ذئب
هدَّهُ الصيدُ فنام.
ما الذى جعل الذئب تجرأ
ومشى وسط غابات البكاءْ
وانتقى أجمل ريمٍ
ثم يمضى كيف شاءْ
ثم يغفو فاتحا عَينًا ونابا
يبدأ الحزن كبيرا
ثم يخبو مثل نارٍفى رمادْ
جمرُها كل الحصاد
يبدأ الحزن كبيرا
تاركا أطلال روح
وبقايا ذكريات

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة