صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


بالأرقام| نزيف النفط والاقتصاد في ليبيا

بوابة أخبار اليوم

السبت، 25 يوليه 2020 - 02:24 ص

د. محمد شادي

يُسيطر على ليبيا انقسام حاد بين الشرق والغرب، فى مشهد أقرب إلى دولتين على إقليم واحد. وبينما يُسيطر على الشرق والجنوب الجيش الوطنى الليبي، تُسيطر فى الشمال الغربى حكومة السراج، التى وقّعت اتفاقًا أمنيًّا مع تُركيا يُتيح للأخيرة التدخل فى البلاد، وإقامة قواعد عسكرية فيها. وفى مُقابل ما توفره الحكومة التُركية من مُعدات عسكرية ومُرتزقة سوريين، سهلت حكومة السراج لها العودة مُجددًا للسيطرة على اقتصاد البلاد، بعد تراجع الاستثمارات التُركية بشدة مع انتهاء حكم «القذافى» فى عام 2011.

هذا المقال يهدف إلى تفكيك الوضع الاقتصادى التُركى المُسيطر داخل ليبيا بهدف استبيان الأهداف الفعلية لتدخلها الخشن فى الإقليم فى هذا الصدد، تجب الإشارة أولًا إلى أن الاقتصاد الليبى يقوم بالأساس على النفط، إذ شكلت أنشطة استخراج النفط والغاز الطبيعى والمُنتجات النفطية حوالى 72% من الناتج المحلى الإجمالى الليبي، قرابة 41 مليار دينار ليبى فى عام 2012، قبل أن يتضرر القطاع وفقًا لآخر إحصاءات مُعلنة، قبل أن ينخفض إلى 9.7 مليارات دينار فى عام 2014. وقد بلغت صادرات النفط الليبية فى عام 2019 حوالى 27.7 مليار دولار. ويوضح الشكل التالى تطور صادرات النفط الليبية مُنذ عام 2008.

ويتضح من الشكل السابق وصول صادرات النفط لأعلى مُعدلاتها فى عام 2012 عند مستوى 57.9 مليار دولار، لتبدأ بعدها فى التراجع إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق فى عام 2016 وذلك بما يُعادل 6.3 مليارات دولار فقط.

رغم أن قطاع النفط هوالأهم فى الاقتصاد الليبي؛ إلا أن تواجد الشركات التُركية فيه اتصف بالخفوت، ذلك أن صناعة النفط هى صناعة كثيفة التكنولوجيا ورأس المال، بما يجعل مُنافسة الشركات التُركية فيها مع الشركات العالمية محدودة للغاية. ولذلك، فقد اقتصر التواجد التُركى فى هذا القطاع خلال فترة حكم «القذافى» على شركة واحدة هى شركة البترول التُركية العالمية المملوكة للدولة (TPIC) وبعدد محدود للغاية من المشروعات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.

على النقيض من ذلك كان الوضع فى قطاع التشييد، حيث عملت الشركات التُركية قبل عام 2011 على نطاق واسع فى الأراضى الليبية.

وبنهاية عام 2010 بلغ عدد المشروعات التى نفذتها شركات المُقاولات التُركية فى ليبيا 529 مشروعًا من إجمالى 5910 مشاريع تركية فى الخارج، بقيمة 187.6 مليار دولار.

وخلال العام الماضى أظهرت تُركيا نواياها فى السيطرة على ثروات ليبيا ، مُستغلة تعطش حلفائها  فى حكومة الوفاق غير الشرعية للسُلطة، فتوسعت فى إمداد ميليشيات السراج بالأسلحة رغم حظر تصدير السلاح المفروض بقرار أُممي. وفى المُقابل، بدأ السراج يُمعن فى تقديم العطايا والتنازلات فى شكل اتفاقات تفضيلية لم تظهر كُلها إلى السطح حتى وقتنا هذا، وإن كانت قد رشحت بعض مؤشراته وهوما نرصده فيما يلي:

حاولت تُركيا تعويض خسائرها فى العقد الماضي، فنجحت فى الحصول على اتفاق تعويض مبدئى من حكومة السراج بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نُفّذت فى ليبيا خلال عهد «القذافى»، كان من المفترض أن يسددها الأخير قبل حرب 2011، وذلك مع الإبقاء على قضايا التحكيم الست المنظورة أمام غرفة التجارة الدولية دون التنازل. ويتضمن الاتفاق الذى أعلن عنه الجانب التُركى خطاب ضمان بمليار دولار إلى جانب 500 مليون دولار عن الأضرار التى لحقت بالآلات والمعدات، إضافة إلى ديون غير مسددة بقيمة 1.2 مليار دولار. كما أُعلن عن نية تُركيا استكمال تأخيرات الأعمال التركية المتعاقد عليها فى ليبيا، والتى تأخرت بفعل الحرب وتصل قيمتها إلى 16 مليار دولار، بما فى ذلك ما بين 400 و500 مليون دولار لمشروعات لم تبدأ حتى الآن.

كما جرى توقيع عقود جديدة لمشروعات مثل محطات طاقة ومشاريع إسكان ومراكز تجارية، لعل أبرزها إعادة إسناد بناء نحو5 آلاف منزل فى العاصمة طرابلس لخمس شركات من بينها ثلاث شركات تُركية واثنتان محليتان، على أن تقوم الشركات التركية ببناء 3050 منزلًا.

وتُجرى شركة الطاقة التركية Karadeniz Holding محادثات مع الحكومة الليبية لبيع الكهرباء من سُفنها التى تعمل كمحطات عائمة لتوليد الكهرباء، ويجرى الاتفاق على بيع نحوألف ميجا وات من الكهرباء، على أن تبدأ العمل بحد أقصى فى شهر سبتمبر 2020، وذلك من نحوعشر سُفن من إجمالى 25 سفينة بقدرة 4100 ميجا وات تملكها الشركة، وهوما يُحمل الدولة الليبية أرقامًا ضخمة فى تجربة يشهد بفشلها الاقتصاد اللبنانى الذى تُؤجر له تُركيا ذات السُفن بدلًا من بناء محطات كهرباء دائمة تتحول لأصول للبلاد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة