إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة :

الآن.. وغدًا

إبراهيم عبدالمجيد

السبت، 25 يوليه 2020 - 08:08 م

كان من أهم تداعيات جائحة الكورونا أن كثيرا من الناس التزموا بالبقاء فى بيوتهم. لقد كان الأمر بالنسبة للكتاب والمبدعين فرصة للانفراد بأنفسهم والإبداع. قامت بعض البرامج بالاتصال بالكتاب والمبدعين للحديث عن عزلتهم وما يفعلون من خلال تطبيقات مثل زوم وسكايب وغيرها. بالنسبة لى لم تساعد الإنترنت فى المنطقة التى أقطن فيها وهى حدائق الأهرام لكنى لم أشعر بالضيق فأريد العزلة أكثر، لكنها فى العالم كله صارت بديلا عن اللقاءات المباشرة والندوات. ورغم صخب الأوضاع السياسية فى كل الدنيا إلا أنه بين ذلك كانت الحقيقة أن كثيرا جدا من الأعمال فى العالم صارت تتم من البيوت. برامج التوك شو فى القنوات التليفزيونية المختلفة، اجتماعات المسئولين فى كل الدنيا، كثير جدا من أعمال البنوك والصفقات التجارية، التعليم فى المدارس والجامعات وحتى الامتحانات صارت فى كثير من البلاد عن بعد. بدا أن هناك بديلا عن الحياة التى اعتدناها وبشكل واسع استطاع الإنسان أن ينجز بالغياب ماكان يتم إنجازه بالحضور العينى الذى يستدعى الخروج من البيوت وزحام الدنيا. المعنى المباشر لذلك كله هو أنه يمكن استمرار الحياة باستخدام التقنيات الحديثة للاتصال دون الحضور المباشر للبشر. صحيح أنه سيكون لذلك بعض الأضرار من نوع عمليات النصب فى المعاملات التجارية وهو بالمناسبة أمر حادث الآن فكثير من مواقع البيع والشراء تقدم مغريات مليئة بالكذب، لكن مع الوقت ستصل القوانين. بمعنى أن الإنسان سيجد مرغما وسيلة على تنظيم الحياة الافتراضية هذه. فى الحياة كان ظهور الآلة أحد أسباب نفى الإنسان فى مكانه، فهو الذى اخترعها يخضع لقوانينها ويديرها وفقا لقوانينها، ولقد وصل التقدم إلى صنع الروبوت الذى أبعد الإنسان عن العمل فى كثير من البلاد مثل بعض مصانع السيارات فى اليابان. ولقد تقدمت صناعة الروبوت إلى أن صار هناك منها ما يقوم بالترجمة، ويقال إن منها الآن من يقوم بالتأليف، ولابد سيكون منها ما سيقوم بالتغطيات الصحفية أو على الأقل بعمل «الديسك» وتجهيز الصفحات فى المقرات الصحفية، وهكذا يزداد نفى الإنسان الذى هو صانع هذا كله. الآن أضافت الكورونا إمكانية إنجاز كثير من الأعمال من البيوت، وسوف تكون عودة من تعودوا الشهور الماضية على العمل من بيوتهم أمرا مثيرا للدهشة وسيبدو مكان العمل الذى كانوا يذهبون إليه كل يوم كأنه زيارة تمت يوما إلى بلد عجيب. ولا شك أيضا أن كثيرين من أصحاب الأعمال سيجدون فى غياب الكثيرين فرصة للتقليل من الأيدى العاملة أو توفير بعض النفقات كما سيجد من قاموا بذلك أنهم أصبحوا يملكون وقتهم أكثر ويمكن أن يستفيدوا منه فى أعمال أخرى، وإذا طال وقت الكورونا وحدث ما قالوا عنه من توقع موجة أخرى مع الخريف سيزداد الاعتماد على تقنيات البعد والابتعاد، ولن يعجز الذين ابتعدوا وأدوا أعمالهم من بيوتهم من اختراع شركات أو جمعيات ذات طابع جديد تضم إليها البارعين فى استخدام تقنيات الابتعاد. وهكذا سيسعى البشر إلى عالم جديد. لن تنفى فيه الآلة مخترعها لكن ستفتح له طرقا جديدة فى قيادة العالم على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وهكذا. هنا تقفز علامة هامة هى التعليم. ذلك كله لن يتم كما لا يتم الآن، إلا بالحصول على مستوى من المعرفة التقينة. هذه المعرفة متاحة دون مدارس فما أكثر المراهقين الذين يستطيعون اختراق حسابات الآخرين ودخول المواقع المحجوبة وغير ذلك مما يبدو وكأن هذه المنجز فى علوم الاتصال مناسب جدا للعقول البشرية، هذا لا يعنى إلغاء التعليم لكن يعنى ضرورة تطويره مع ما ستأتى به الأيام.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة