الذهب الأبيض.. انتشال «ديناصور» الصناعة المصرية من «الانقراض»
الذهب الأبيض.. انتشال «ديناصور» الصناعة المصرية من «الانقراض»


الذهب الأبيض.. انتشال «ديناصور» الصناعة المصرية من «الانقراض»

محمد محمود فايد

الثلاثاء، 28 يوليه 2020 - 01:47 م

 

الذهب الأبيض، هذا هو التعريف المصري لقطاع الغزل والنسيج، فعلى مدار ما يقرب من مائتي عام، كان لقطاع الغزل والنسيج في مصر شأن كبير، حتى أصبحت مصر مشهورة بزراعة القطن "طويل التيلة"، وأن أي شئ يدخل في صناعة القطن في العالم، كان متكوب عليه "صنع في مصر"، وكان ذلك مصدر فخر واعتزاز كبير لدى المصريين.

 

وكانت المحلة الكبرى وكفر الدوار والإسكندرية، رمزاً لتلك الصناعة الاستراتيجية، يعمل فيها ما يقرب من 100 ألف عامل وفني ومهندس مصري، وكانت الخبرات المصرية في ذلك المجال أصبحت على درجة كبيرة من العالمية، إلا أنه مع مرور الوقت، ومع تقدم الأدوات الخاصة بذلك القطاع الحيوي، عانى من الإهمال، نتيجة عدم تطوير اتلك الصناعة الإستراتيجية، كما عانت العديد من القطاعات الحيوية والإستراتيجية في الدولة طيلة عشرات السنوات.

 

وبعد أن أصبحت مصر من أوائل الدولة في قطاع الغزل والنسيج في العالم، تراجع مركزها إلى الوراء، وأصبحت تلك الصناعة الإستراتيجية في مصر، مهددة بالانقراض، مما توجب على الدولة أنها تعمل على إعادة إحياة تلك الصناعة الإستراتيجية وعودة مصر إلي مكانتها الطبيعية علىمستوى العالم في تلك الصناعة.

 

إعادة إحياء صناعة الذهب الأبيض

 

إعادة صناعة الذهب الأبيض، كان الشغل الشاغل للقيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والحكومة المصرية، وكانت البداية بإعادة هيكلة الشركات والمحالج، لكي تتواكب مع التطور التكنولجي، والاستعانة بالخبرات الأجنبية في تلك الصناعة الإستراتيجية، بالإضافة إلى الاعتماد على التكنولجيا في الرؤية الجديدة لقطاع الغزل والنسيج لتواكب الحداثة العالمية.

 

 

وبالفعل، تحركت الدولة منذ عام 2017 في ذلك الاتجاه، وتم الاستعانة بالخبرات الأجنبية ودراسة ما توصلت إليه تلك الصناعة من أدوات حديثة واستخدام التكنولجيا المتقدمة، لكي يتم تطبيق ذلك في مصر، كما أنه تم دراسة أوضاع القطاع داخل مصر بالتفصيل، والوقوف على ما يحتاجه تحديدا لكي يحقق مكانته الطبيعية.

 

تطوير العنصر البشري

 

ولأن الاستثمار في البشر، هي الطريقة التي يتبعها الرئيس السيسي لكي يتم تحقيق التنمية، فكانت التوجيهات والأوامر واضحة، بأنه لا يوجد استغناء عن العنصر البشري الموجود حاليا في تلك الصناعة، بل يتم إعادة تأهيله جيدا ليواكب التكنولجيا الحديثة، وليواكب الجديد في تلك الصناعة، وذلك في إطار توجه الدولة لإعادة إحياء تلك الصناعة التي يعمل فيها الآلاف من المواطنيين والتي وروثها أباً عن جداً.

 

نهضة مصر الثالثة

 

النهضة الثالثة لمصر، هو التعريف الحقيق لما يتحقق حاليا على أرض الواقع، فالنهضة الأولى لمصر كانت في عهد محمد علي باشا، أمام النهضة الثانية كانت في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أما النهضة الثالثة لمصر، هي التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ عام 2014 حتى الآن.

 

فلقد صارح الرئيس شعبهً منذ بداية وصوله بالحكم، وراهن عليه، ولم يخذله الشعب أبدا، مؤمناً به وبما يريد أن يفعل لصالحهم، لذلك، كانت الملحمة الكبرى بين الرئيس وشعبه في الاتفاق على أن نهضة مصر لن تحدث إلا بالمصريين أنفسهم، وجنى المصريين بعد سنوات الإصلاح الاقتصادي العديد من ثمار التنمية وذلك بفضل صبرهم وعملهم لصالح الوطن والأجيال القادمة.

 

الشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية

 

ولأن العالم لا يحترم إلا القوي، كانت لمصر الرؤية الواضحة بأن من لا يملك غذائه ودوائه وصناعته وسلاحه، لا يستحق أن يكون بين الأمم المتقدمة، لذلك، كانت للقوات المسلحة المصرية الدور الكبير خلال السنوات الماضية، في تحقيق الاكتفاء الذاتي والسعي إليه في العشرات من الصناعات الإستراتيجية والصناعية والزراعية والإنتاجية والطاقة، بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة والمختصين، مما ساهم في وضع مصر على مصاف الدول الكبرى بشهادة المؤسسات العالمية المتخصصة المختلفة.

 

ومن تلك الصناعات الإستراتيجية التي قامت بإنشائها القوات المسلحة، هي الشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية التابعة لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، لتمثل إضافة جديدة للجهاز الذى يساهم فى مسيرة التنمية بصورة كبيرة.

 

وكانت بشائر الخير لتلك الشركة، هو إنشاء مُجمع مصانع للغزل والنسيج، وذلك في مدينة الروبيكي، حيث يضم المجمع في مرحلته الأولى، 6 مصانع هم: مصنع الغزل الرفيع وآخر للغزل السميك، و3 مصانع لتحضير النسيج وللنسيج الدائرى والمستطيل، وآخر للصباغة والطباعة، مجهزين بأحدث الماكينات التى تم استيرادها من أكبر وأهم الشركات العالمية المتخصصة فى هذا المجال، لتعمل وفق أحدث النظم والبرامج التكنولوجية

 

ولقد بدأ التحضير لمُجمع مصانع للغزل والنسيج بمدينة الروبيكي منذ عام 2017، وبدأ تنفيذه فعليا على أرض الواقع فى عام 2018، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى منهُ خلال 30 شهر فقط، وسيتم الانتهاء من ثلاثة مصانع آخرين بنهاية العام، وقد تم إنشاء المجمع الصناعي العملاق على مساحة 469 فدانًا، تنفذ منها المرحل الأولى للمجمع.

 

 

ويعمل المشروع على توفير 1350 فرصة عمل مباشرة، و12 ألف فرصة عمل غير مباشرة، كما أنه يشهد، ولأول مرة، تقليل أعداد الوظائف الإدارية إلى نسبة 7٪ فقط، ومن المقرر، كما أن الشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية تمثل "منطقة حرة"، تخدم قطاعات مثل المنسوجات، والأثاث المعدنى والخشبى والمهمات الواقية للأجهزة الأمنية للقوات المسلحة والشرطة المدنة.

 

إنتاج خيوط رفيعة بجودة عالية

 

قال اللواء كامل هلال، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية، المجمع الصناعي الجديد يضم مصنعاً للغزل الرفيع لإنتاج خيوط رفيعة بجودة عالية بطاقة 4.5 طن يومياً مقام على مساحة 16 ألفا و500 متر مربع، ومصنعا آخر للغزل السميك مسئولا عن إنتاج الخيوط السميكة والمخلوطة بطاقة إنتاجية 9 أطنان يومياً مقاما على مساحة 20 ألف متر مربع، ومصنعا آخر لتحضيرات النسيج بطاقة إنتاجية 60 ألف متر طولى يومياً مقام على مساحة 8500 متر مربع.

 

وأوضح أن المجمع الجديد يضم أيضا مصنعا للنسيج وهو المسئول عن إنتاج الأقمشة بكافة أنواعها بطاقة إنتاجية 30 ألف متر طولى مقاما على مساحة 10 آلاف متر مربع، ومصنع للتريكو الدائرى بطاقة إنتاجية 10 أطنان قماش تريكو فى اليوم مقاما على مساحة حوالى 6 آلاف متر مربع، وكذلك مصنع للصباغة والطباعة بطاقة انتاجية 40 ألف أقمشة منسوجة فى اليوم و10 أطنان قماش تريكو فى اليوم مقام على مساحة 38 ألفا و400 متر مربع.

 

كما أنه تمت الاستعانة بخبرات تصنيعية فى مجال الغزل والنسيج من أوروبا وتم توريد ماكينات بتكنولوجيا سويسرية وإيطالية وألمانية وإسبانية، لمواكبة أحدث ما توصلت إليه تلك الدول فى هذه الصناعة.

 

وكشف "هلال" أن المرحلة الثانية للمجمع يضم مصنعين لإنتاج الأثاث الخشبى والمعدنى، وأن المرحلة الثالثة قطاع المهمات الواقية وهو مصنع لإنتاج الجواكت الواقية من الرصاص والخوذة القتالية.

 

الإشراف على زراعة القطن

 

أكد اللواء كامل هلال، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية، أن الشركة ستتولى متابعة الصناعة من بدايتها من زراعة القطن المصرى طويل التيلة مروراً بجميع مراحل الإنتاج، وحتى خروجه فى صورة قماش جاهز للتصنيع.

 

تعاون بين مؤسسات الدولة

 

قال المهندس سعيد حماد المدير التنفيذى للشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية، أن هناك تنسيقا كاملا مع كافة الجهات المعنية بصناعة الغزل والنسيج حيث يتم التواصل مع الشركة القابضة للغزل والنسيج، والتي سوف يكون هناك تعاون قوى الفترة القادمة لتطويرها بعد إنشاء الشركة الوطنية.

 

وأوضح أن القوات المسلحة دائماً ما تكون هى قاطرة الدولة للتنمية، مضيفا أنه سوف يتم التواصل مع الفلاحين بصورة مباشرة لتوريد القطن المصرى طويل التيلة بالسعر المناسب، مما يحقق للفلاحين ميزة نسبية، ويدفعهم للتوسع فى زراعة القطن.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة