لقطات متنوعة للدكتور محمد مشالي في عيادته
لقطات متنوعة للدكتور محمد مشالي في عيادته


حكايات| تفاصيل صغيرة في «عيادة الغلابة».. كيف كان يقضي محمد مشالي يومه؟

منةالله يوسف

الخميس، 30 يوليه 2020 - 11:13 م

 

عقار بطنطا مكون من 5 أدوار ترتسم عليه ملامح البساطة والأصالة، معلق على أحد جدرانه لافتة صغيرة تنوه أن هنا عيادة طبيب، عندما تصعد درج السلم الضيق تجد الباب مفتوحًا على مصراعيه ليسع من الفقراء والمساكين ألف، والترحيب بهم في شقة صغيرة تكاد تكون مهجورة.

 

وعندما تطأ قدماك غرفة الكشف تجد رجلًا عجوزًا هزيلًا  تحدّب ظهره بفعل تقدم العمر ، فهو كان شاهدا على ثورات وأحداث هامة، جالسًا بسترة بسيطة وسط تلال من أوراق الجرائد والكتب وبجواره سريرًا صغيرًا يستند على حائط مشروخ تبدو آثار الزمن عليه. 

 

عند دخول المريض يقف الطبيب المسن المُلقب بـ«طبيب الغلابة» ويسمع آلام المرضى بقلبه قبل أذنه، ويحاول التخفيف عنهم من خلال الكشف عليهم بنقود رمزية لا تُذكر، بعدما عاهد نفسه أن يكون في خدمة الفقراء ورفع رايات التواضع وقضى معظم أوقاته بين أركان تلك الغرفة الصغيرة رافضًا التبرعات.  

 

رغم كبر مشالي إلا أن ملامحه مازالت محتفظة بالبشاشة والتي تعكس ما يجول في صدره تجاه الفقراء، وخصاله الطيبة التي لم تعرف الجشع والطمع والجري وراء المال. 


يجلس مشالي على مكتب صغير باللون الفضي، يوجد عليه العديد من الكتب وأوراق الجرائد ولافته جلدية صغيرة محفور عليها اسمه ورائها مشوار من العطاء وشباكًا صغيرًا متهالكًا يعد المتنفس الوحيد لاستنشاق الهواء بعد عناء وشقاء اليوم. 

 

يقضي معظم أوقاته في العيادة جالسًا على احتساء أكواب الشاي واحدا تلو الآخر، بدون وجبتي الغداء أو الإفطار، ويكتفي بوجبة قبل النوم مباشرة رافعًا شعار «القناعة كنزًا لا يفنى»، ويمكنها أيضا أن تشبع البطن. 

 

يهوى مشالي القراءة التي أصبحت مؤنسته في وحدته، بعد يوم طويل من الكشوفات وعلاج المرضى في عيادته المتواضعة التي يخيم عليها البساطة وروح الإحساس بالغلابة، كان يرفض الاستسلام للنوم واستثمار وقته في القراءة وخصوصًا مجال الحقوق لأنه كان من عشاق عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين. 

 

رغم مشوار حياته المليء بالنجاحات والتفوق إلا أن طبيب الغلابة كان حلمه الوحيد الذي يطارده منذ الصغر أن يلتحق بكلية الحقوق ويصبح محاميًا، وبعد التحاقه بكلية الطب قرر ان يمزج بين مهنته وهوايته. 


وبعد أن ذاع صيته وأصبح أشهر من النار على العلم رحل عن عالمنا اليوم العالم الجليل الدكتور مشالي الملقب بطبيب الغلابة تاركا وراءه المرضى يصاعرون الآمهم وأوجاعهم. 


 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة