الشيخ علي جمعة
الشيخ علي جمعة


علي جمعة: الأعياد لم تشرع لتكون مناسبات فارغة المحتوى

إسراء كارم

الخميس، 30 يوليه 2020 - 11:27 م

حرص الشيخ علي جمعة، مفتي الديار السابق، عضو هيئة كبار العلماء، على تهنئة المسلمين بحلول عيد الأضحى المبارك.

وقال إن الأعياد تعد مظهرا من مظاهر الفرح والسرور في الإسلام‏، وشعيرة من شعائره التي تنطوي على حكم عظيمة‏، ومعان جليلة‏، فالإسلام لم يأت ليكون طوقا حول رقبة معتنقيه‏.

وأوضح أن العيد جاء تلبية لحاجة الإنسان الفطرية مادية وروحية‏، وكان مقصده الأسمى في تشريعاته وأحكامه ضبط العلاقة بين الروح والجسد‏,‏ وبين الدنيا والآخرة‏ ‏فقال تعالى‏: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} .


وذكر أن من مظاهر هذا المقصد الأسنى استحباب الاحتفاء بالأعياد في الإسلام‏، ومشروعية الترويح عن النفس من هموم الحياة‏، فضلا عن أنها احتفال بإتمام فريضة‏، فالحجاج يفرحون لأنهم أدوا شعيرة الحج‏، ويشاركهم المقيمون في أوطانهم بالتقرب إلى الله بالأضاحي إحياء لسنة الأنبياء من لدن سيدنا إبراهيم إلى خاتمهم سيدنا محمد صلوات الله عليهم أجمعين‏، وبذلك سما الإسلام بمعنى العيد وربط فرحته بالتوفيق في أداء الفرائض وشكر الله على القيام بها‏.‏


وأضاف أن الغاية العظمى من الأعياد إدخال السرور والبهجة على المسلمين رجالًا ونساءً وأطفالا‏، إلا أنها في الوقت ذاته لم تشرع من أجل الفرح المجرد فقط‏، بل لتمام البر في المجتمع الإسلامي‏، حيث يصبح البر قضية اجتماعية عامة ،وفي يوم الأضحى جاءت شعيرة الأضحية من باب إدخال السرور على الفقراء في الأعياد‏، فلم يسنها الإسلام ليشبع أصحاب الأضحية من اللحم‏، ولكن ليتشارك الجميع في الشبع‏، ولتلتقي قوة الغني وضعف الفقير على عدالة ومحبة ورحمة من وحي السماء‏، وعنوان ذلك كله‏:‏ الزكاة‏، ‏والصدقة‏، والإحسان‏، والتوسعة‏.‏


وأشار الشيخ جمعة، إلى أنه من باب السرور والبهجة في أيام العيد إدخال الفرح والسعادة على الأطفال والنساء اقتداء بالنبي ﷺ، ‏فقد دخل أبو بكرٍ رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان الدف‏، ورسول الله ﷺ مسجي بثوبه‏، فانتهرهما أبو بكر‏، فكشف رسول الله عن رأسه وقال‏: «دعهما يا أبا بكر‏، إن لكل قوم عيدا‏، وإن عيدنا هذا اليوم» (‏صحيح البخاري‏).‏


ولفت إلى أن صلاة العيد تعد مظهرا من مظاهر الفرحة‏، ترتفع الأصوات فيها بالتكبير في بهجةٍ وسرور بما أنعم الله على الأمة الإسلامية من توفيقٍ في أداء الفرائض‏،, قال تعالى‏: {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}،, والتكبير هو التعظيم‏.

وأوضح أن المراد به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل على وجه العموم‏، وذلك في كلمة‏: (الله أكبر‏)‏ كناية عن وحدانيته بالإلوهية‏، لأن التفضيل يستلزم نقصان من عداه‏، والناقص غير مستحق للإلوهية‏، ولذلك شرع التكبير في الصلاة لإبطال السجود لغير الله‏.

وقال إن الله شرع التكبير عند نحر الهدي في الحج وكذلك الأضحية لإبطال ما كان يتقرب به مشركو مكة إلى أصنامهم ، ويندب التكبير في عيد الأضحى من فجر يوم عرفة إلى غروب ثالث أيام التشريق‏، جماعة وفرادى في البيوت والمساجد، إشعارا بوحدة الأمة‏، وإظهارا للعبودية‏، وامتثالا وبيانا لقوله سبحانه‏: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

وذكر أنه يسن إحياء ليلة العيد بالعبادة من ذكر وصلاة وغير ذلك من العبادات‏، لحديث‏: «من قام ليلتي العيدين لله محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» (‏سنن ابن ماجه‏)، ويحصل الإحياء بمعظم الليل كالمبيت بمنى‏، وقيل بساعة منه‏، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال‏:‏ بصلاة العشاء جماعة‏، ‏والعزم على صلاة الصبح جماعة‏، والدعاء فيهما‏.‏


وقال إن الأعياد لم تشرع لتكون مناسبات فارغة المحتوى والمضمون من الدلالات الأخلاقية والإنسانية‏، وإنما جاءت لتكون مظاهر لقيم الإسلام وآدابه وجمالياته المعنوية والحسية‏، فالأعياد تجدد الروابط الإنسانية‏، حيث يتجلى السلوك الطيب والأخلاق الحميدة‏، وتشيع التهاني والقول الحسن بين الناس‏,‏ ويظهر المسلمون بصفة الرحمة التي هي قوام دينهم‏,‏ فتتجدد العلاقات الإنسانية وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية‏، ويصبح المسلم دعوة مفتوحة لهذا الدين‏، ونبراسًا هاديًا لنفوس الحائرين‏، وبردًا وسلامًا على العالمين‏.‏


وأنهى الشيخ علي جمعة، حديثه عن العيد، بأن الفرح بالعيد له وجوه عدة‏، فواحد يميل إلى الذكر والعبادات‏، وآخر يؤثر مواساة الفقير والمحتاج بكثرة الصلات‏، والجميع ونحن معهم ينشرون جوًا من المحبة والوئام في المجتمع بأطيب الكلمات، ‏وأقلها كل عام والأمة العربية والإسلامية بخير ويمن وبركات‏.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة