يقوم الموظفون بفحص القمر الصناعى قبل الإطلاق
يقوم الموظفون بفحص القمر الصناعى قبل الإطلاق


+ Reading China| نظام "بيدو" الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية وتاريخ تطوره

بوابة أخبار اليوم

السبت، 01 أغسطس 2020 - 04:02 م

بقلم: تشانغ لي
المصور: نان يونغ

+ Reading China
في الساعة 9:43 من صباح ال23 من يونيو عام 2020م، أُطلق آخر قمر صناعي من عائلة نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية (بي دي إس) من مركز شيتشانغ لإطلاق الأقمار الصناعية في مقاطعة سيتشوان، جنوب غربي الصين، ليدخل بعد حوالي 30 دقيقة إلى مساره المحدد، وتحقق مهمة الإطلاق نجاحاً كاملاً. 
وبهذا يكون مشروع بيدو الصيني قد أكمل " الخطوات الثلاث"، حيث يرسم 55 قمراً صناعياً للملاحة في الفضاء الشاسع "رقعة شطرنج كبيرة".

من "المنارة رقم 1" إلى " بيدو رقم 3" 

بعد قرابة 30 عاماً من الاستكشاف والممارسة عاشتها عدة أجيال من المشاركين في بنائه، شهد نظام بيدو مسيرة تطور من الصفر إلى الثمار الحالية، ومن الاعتماد على إرسال إشارة لتحديد المواقع إلى تحديد المواقع دون الاعتماد على إرسال إشارة، ومن خدمة الصين إلى خدمة منطقة آسيا والباسفيك وإلى خدمة العالم كله.
وأكّد فان بن ياو  كبير مهندسي مشروع نظام بيدو للملاحة رقم 1 وعضو الأكاديمية الصينية للعلوم الهندسية، أنّ نقطة انطلاق جهود الصين في تطوير نظام الأقمار الصناعية للملاحة ترجع إلى عام 1969م، حيث طورت الولايات المتحدة آنذاك نظام الترانزيت للملاحة عبر الأقمار الصناعية للبحرية الأمريكية، وفقاً لمقياس دوبلر، وحققت دقةً مداها مائة متر لتحديد المواقع للسفن. 
وقد بدأت الصين تطوير مشروع الملاحة عبر الأقمار الصناعية تحت اسم "المنارة رقم 1" حتى اكتملت التجارب الأرضية للقمر الصناعي الكامل للمرة الأولى في السبعينيات من القرن ال20، ولكن نظراً لبدء الدول الأجنبية تطوير أحدث نظم الملاحة GPS قررت القيادة الصينية إيقاف المنارة 1، إلا أن الصين اكتسبت من خلال هذا المشروع خبرات كثيرة وأعدت مجموعة من العلماء والباحثين الممتازين، ما أرسى أساساً لتطوير مشروع نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية.
وفي عام 1983 طرح تشن فانغ يون عضو الأكاديمية الصينية للعلوم ومؤسس تكنولوجيا المسح عبر القمر الصناعي وتقنية التحكم بالقمر الصناعي في الصين، لأول مرة، مبدأ "تحديد المواقع من خلال قمرين صناعيين"، وخلال عام 1990م أثبتت الصين نجاح هذه التجربة تحت إشرافه من خلال القمرين الصناعيين في المسار. 
وبعد ذلك أكملت الصين التجارب الأرضية الافتراضية لنظام الملاحة الكامل عبر الأقمار الصناعية تحت إشراف عضو الأكاديمية الصينية للعلوم الهندسية تونغ كاي بالمعهد الخامس لمجموعة الصين لتكنولوجيا الطيران والفضاء. 
وفي الوقت نفسه بدأ فان بن ياو تطوير تقنيات منصات الأقمار الصناعية، وعلى أساس هذه الخطوات العملية بدأ مشروع نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية في فبراير عام 1994 بشكل رسمي.


وفي عام 1995 ومن أجل سد حاجات العملاء الملحة لتحديد المواقع في أسرع وقت ممكن طرح فان بن ياو، وهو كبير مصممي القمر الصناعي "الأحمر الشرقي" رقم 3 آنذاك، استخدام "الأحمر الشرقي" رقم 3 كالأقمار للملاحة، حيث مدد فترة الاستخدام حوالي ثلثها، وقصّر مدة التطوير.
ويقول فان بن ياو، "إنّ بعض الزملاء كانوا قلقين من اقتراحي بسبب فشل أول قمر صناعي "الأحمر الشرقي" في تحديد المواقع، وأنا حللت أسباب الفشل بشكل منفصل، وأوضحت أنّ المشكلة لم تكن تكمن في مشروع الأقمار الصناعية والأنظمة الفرعية، وإنما في جودة الأجهزة الجزئية، وإذا تمسكنا بالجودة العالية سنحقق نجاحاً مؤكداً." 
ومن حسن الحظ أن الإدارة العليا وافقت على اقتراحه، ولكن عند بدء المشروع كان هناك خلاف بين الزملاء، ألا وهو: تشكيل شبكات التغطية في المناطق المعنية أولاً أم شبكات التغطية في العالم أولاً؟ 
ويقول فان،" إنّ بناء شبكات التغطية العالمية أولاً يحتاج إلى الكثير من الوقت والاستثمارات، وآنذاك كانت الصين قد بدأت عملية الانفتاح منذ فترة ليست بالبعيدة، ومعظم العملاء كانوا من داخل الصين أو المناطق المجاورة، ولذلك فإن طريقة التطوير المتمثلة في تشكيل شبكات التغطية في المناطق المعنية أولاً كانت تتفق مع الظروف المحلية الواقعية."
هكذا تمّ تحديد استراتيجية تنمية المشروع المتمثلة في بناء شبكات التغطية في المناطق المعنية أولاً، ثم شبكات التغطية العالمية، وبدأ طريق تطور نظام بيدو، الذي يشمل ثلاث خطوات:
في أكتوبر وديسمبر عام 2000م على التوالي، نجحت الصين في إطلاق قمرين صناعيين من عائلة بيدو، لتؤسس الجيل الأول من نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية، وتصبح الدولة الثالثة في العالم التي تملك نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية. 
وفي عام 2003م، أُطلق القمر الصناعي الثالث لنظام بيدو، حيث عزز قدرة نظام بيدو 1. 
وفي عام 2004م، بدأ بناء مشروع نظام بيدو 2 ، وحتى نهاية عام 2012م تمّ إطلاق 5 أقمار صناعية (GEO)، و5 أقمار صناعية (IGSO)، و4 أقمار صناعية (MEO)، لتشكيل شبكة الأقمار الصناعية.
وعلى أساس الجيلين الأول والثاني بدأ نظام بيدو 3 خطواته الثابتة السريعة وبثقة تامة نحو النجاح في عام 2009م، واكتمل إطلاق 19 قمراً صناعياً من خلال 10 صواريخ في عام 2018م، ما حقق رقماً قياسياً عالمياً جديداً في بناء نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية، وفي يونيو عام 2020م أطلق القمر الصناعي ال55 من نظام بيدو للملاحة بنجاح، وأكمل نظام بيدو 3 للملاحة عبر الأقمار الصناعية بشكل شامل.

ما الذي يدفع نظام بيدو للتنافس على قمة أنظمة الملاحة العالمية؟


حسب تعريف فان بن ياو فإنّ ميزات نظام بيدو الصيني للملاحة وتقدمه الإبداعي تتمثل في الجوانب التالية: 
() نجح لأول مرة في استخدام أنظمة سلسلة الأقمار المختلطة المكونة من "3 أقمار صناعية (GEO) و3 أقمار صناعية (IGSO) و24 قمراً صناعياً (MEO)، حيث رفع دقة تحديد المكان بالمناطق المجاورة للصين، وكان أفضل كثيراً من نظام GPS الأمريكي، وفي الوقت نفسه زاد بشكل كبير من قدرة صمود النظام وبقائه.
() نجح في استخدام نظام الملاحة المزدوج (RDSS+RNSS) لأول مرة في العالم، حيث يتمتع بإمكانية التخزين الاحتياطي، وكذلك القدرة على الاتصال والإبلاغ.
() نجح في استخدام التقنية المتقدمة "وصلة Ka لنطاق التردد بين الأقمار الصناعية"، بالإضافة إلى استخدام بعض الأقمار الصناعية لأول مرة وصلة الليزر بينها لتشكيل وصلة الاتصال بين الأقمار الصناعية في المسارات العالية والمتوسطة والمنخفضة وبين المحطات الأرضية، حيث لا يساهم في رفع دقة تحديد المكان فحسب، بل يساعد أيضاً على حل المشاكل المتمثلة في عدم إمكانية بناء المحطات خارج البلاد.
() أفلح في كسر الحصار التقني، وصار هناك اعتماد على النفس في تطوير الأجهزة الحاسمة للأقمار الصناعية للملاحة بنجاح، وخاصة الجزء الجوهري منها، وهي الساعة الذرية الهيدروجينية عالية الدقة المحمولة في الفضاء.
وبعد جهود كبيرة في البحوث والتطوير أصبحت جميع أجهزة أقمار نظام بيدو الصناعية صناعة محلية، ليتغير وضع الاعتماد على استيراد الأجهزة الأساسية على المدى الطويل.
وترى وانغ لي مديرة مركز التعاون الدولي لمكتب إدارة نظام الملاحة الصيني عبر الأقمار الصناعية، أنّ إبداع نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية لا يتجسد في المستوى التقني فحسب، بل في طريق البناء والتطوير، حيث تقول: "إنّ نظام بيدو للملاحة اعتمد استراتيجية التطور المتمثلة في "استخدام تقنية إرسال الإشارة لتحديد المواقع أولاً، ثم استخدام تقنية تحديد المواقع دون الاعتماد على إرسال إشارة، وتغطية المناطق المعنية أولاً، ثم العالم كله، وذلك وفقاً للظروف الوطنية للدول". 


وتقنية الاعتماد على إرسال الإشارة لتحديد المواقع تعني أنّه على المستخدم إرسال إشارة الطلب أولاً، ثم يعالج المركز الأرضي هذه الإشارة للحصول على معلومات حول الموقع، ثم يعيد إرسال هذه المعلومات للمستخدم، أما تقنية تحديد المواقع دون الاعتماد على إرسال إشارة تعني أنّ المستخدم يستطيع تلقى إشارة الملاحة بشكل مباشر مثل تلقى إشارة الراديو، وستعالج الطرفية لدى المستخدم للحصول على معلومات حول موقعه."
وفي مطلع التسعينيات من القرن ال20 وحسب الأسس التقنية والوضع الاقتصادي في ذلك الوقت، اعتمدت الصين نظام إرسال الإشارة لتحديد المواقع عبر القمرين الصناعيين لبناء نظام بيدو 1 لتحقيق هدف تقديم خدمات الملاحة لتحديد المواقع والاتصال من خلال الرسائل النصية في الصين والمناطق المجاورة لها.
وعلى أساس تقنيات نظام بيدو رقم 1 طور نظام بيدو رقم 2 آلية تحديد المواقع دون الاعتماد على إرسال الإشارة وزيادة وظائفه لتقديم خدمات تحديد المواقع ومسح السرعة وتحديد التوقيت الدقيق والاتصالات عبر الرسائل النصية، حيث أصبحت الصين من أكبر أربع دول تقدم خدمات نظام الملاحة العالمية.
إنّ وصلة الأقمار الصناعية ووظيفة عملية البحث والإنقاذ حول العالم والجيل الجديد من الساعات الذرية ... كل هذه التقنيات والوظائف الجديدة رفعت قدرة نظام بيدو 3 بشكل كبير، حيث حقق التغطية ووفر الخدمة للعملاء على المستوى العالمي.

نظام بيدو الصيني.. نظام بيدو العالمي 

إنّ نظام بيدو منذ ولادته ظل يهتم بالتعاون الدولي، وقد أكّدت وانغ لي أنّ هذا التعاون لعب دوراً مهماً جداً في عملية بناء نظام بيدو وتطويره، حيث قالت: "إنّ الحصول على موارد التردد للمسارات في الفضاء وبناء المحطات في الخارج كله يحتاجان إلى الدعم من قبل الموارد العالمية، ونشر خدمات الأقمار الصناعية وتغطية الإشارة في العالم كله بحاجة إلى مشاركة العالم كذلك، وتطبيق المعايير العالمية وتنسيق القواعد الدولية في حاجة إلى المشاركة الإيجابية في الشؤون العالمية، بما يتفق مع مصالح العملاء الدوليين، والترويج له وتطبيق خدماته في العالم يحتاجان إلى التعزيز المستمر لقوة التأثير الدولي وبناء ماركة عالمية ممتازة."
لقد نشرت الحكومة الصينية، في عام 2016م، كتاباً أبيض بعنوان "نظام بيدو الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية"، أوضحت فيه موقف الصين تجاه التعاون الدولي، وأكّدت أنّها ستواصل دفع التطور الدولي لنظام بيدو للملاحة بشكل مستمر، وتجري التعاون والتبادل الدوليين بنشاط لخدمة مبادرة بناء "الحزام والطريق" ودفع تطور قضية الملاحة عبر الأقمار الصناعية في العالم، ودفع تقديم نظام بيدو خدماته للعالم بما يعود بالخير على البشرية كلها بشكل أفضل. 
وأشار الكتاب الأبيض إلى أنّ نظام بيدو سيعمل على تعزيز اندماجه مع أنظمة الملاحة الأخرى عبر الأقمار الصناعية، واستخدام موارد المسارات الدولية بشكل مشروع ووفقاً للقواعد الدولية، ودفع دخول النظام إلى المعايير الدولية، والمشاركة الإيجابية في الشؤون متعددة الأطراف في مجال الملاحة الدولية عبر الأقمار الصناعية، وتعزيز الاستعمال الدولي للملاحة عبر الأقمار الصناعية بقوة.
منذ نهاية القرن ال20 ومع تطور نظام بيدو الصيني ونظام جاليليو الأوروبي للملاحة وغيرهما من أنظمة الملاحة العالمية عبر الأقمار الصناعية، تحولت هذه من عصر نظام GPS الوحيد إلى عصر متعدد الأنظمة، وبدأ التعاون الدولي في هذا المجال يدعو إلى "التوافق والتشغيل المتبادل"، و"التوافق" يعني تقديم نظامين أو عدة أنظمة للملاحة خدماتها بشكل مستقل وعدم تشويش الإشارات بين أنظمة الملاحة المختلفة، و"التشغيل المتبادل" يعني أنّه يمكن للمستخدمين استعمال عدة أنظمة للملاحة عبر الأقمار الصناعية في آن واحد، من أجل الحصول على خدمات أفضل من استخدام نظام ملاحي واحد.
وتقول وانغ لي: "إنّ الصين أقامت آليات التعاون الثنائي المتمثلة في دفع التوافق والتشغيل المتبادل والخدمات المشتركة مع روسيا والولايات المتحدة وأوروبا،وعلى سبيل المثال أجرت الصين والولايات المتحدة محادثات رسمية 3 مرات حول التعاون في الملاحة عبر الأقمار الصناعية، وفي عام 2017م تمّ توقيع "البيان المشترك للتوافق والتشغيل المشترك لإشارات نظام بيدو ونظام GPS"، لدفع التعاون في مجالات التوافق والتشغيل المتبادل بين النظامين، وتعزيز سلسلة اتصالات البيانات عبر الأقمار الصناعية والخدمات المدنية وغيرها."
وأظهرت معلومات صادرة عن مكتب إدارة أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية الصيني، أنّه حتى نهاية عام 2019م تمّ تصدير المنتجات الأساسية لنظام بيدو للملاحة إلى أكثر من 100 دولة ومنطقة في العالم، ونجح التطبيق في التأكيد على ملكية الأراضي والزراعة الدقيقة والمشاريع الرقمية والموانئ الذكية وغيرها من المجالات القائمة على نظام بيدو في دول آسيان وجنوب آسيا وشرق أوروبا وغرب آسيا وإفريقيا وغيرها من المناطق في العالم.
وفي السنوات الأخيرة ظلت الصين تولي اهتماماً بالغاً لدور نظام بيدو في تقديم الخدمات من أجل بناء مبادرة "الحزام والطريق"، وتشاطُر نتائج التطبيقات ومنتجات تقنية الملاحة عبر الأقمار الصناعية بشكل واسع مع باكستان وتايلاند والسعودية وغيرها من الدول، وجامعة الدول العربية ومنظمة آسيان وغيرها من المنظمات الدولية، لتمكين الدول المطلة على "الحزام والطريق" من التمتع بخدمات نظام بيدو في وقت مبكر وبشكل أفضل، لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقدم التقني في هذه البلدان.
وقد طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ، في مراسم افتتاح الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي عام 2014م، مبادرة بناء نمط التعاون الصيني العربي المتمثل في "1+2+3"، والرقم "3" يعني التعاون في المجالات عالية التقنية، التي يمثلها نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية. 
وقد أُدرج نظام بيدو بصفته جزءاً مهماً من التعاون الصيني العربي في "ملف السياسة الصينية تجاه الدول العربية"، حيث تم التأكيد بشكل واضح على ضرورة الإسراع في دفع تطبيق نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية في الدول العربية لخدمة مبادرة بناء "الحزام والطريق".
تشاطُر ثمار تطور نظام بيدو مع العالم
في السنوات الأخيرة بدأت الشركات في مجالات التجارة الإلكترونية وصناعة التطبيقات الذكية المتنقلة وخدمة تحديد الأماكن وغيرها استخدام خدمات الملاحة لنظام بيدو، التي دخلت إلى قطاعات الاستهلاك العام والاقتصاد التشاركي ومعيشة الشعوب وغيرها. 
وبعد تشكيل شبكات عالمية ستظهر أنماط وصناعات واقتصادات جديدة قائمة على تطبيقات نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية، وسيخلق النظام المزيد من الأسواق في الوقت الذي يغير فيه أسلوب إنتاج الناس وحياتهم.
وتنقسم السلسلة الصناعية لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية إلى ثلاث حلقات، وهي الأجهزة الأساسية في الجزء الأعلى، والطرفيات في الجزء الأوسط، وخدمات التشغيل في الجزء الأدنى من السلسلة الصناعية. 
وتشمل الأجهزة الأساسية الرقاقات واللوحات والمعدات الهوائية وغيرها، وتشمل الطرفيات بشكل رئيسي أجهزة الملاحة وتحديد الأماكن، التي يمكنها استقبال الإشارات، وتشمل خدمات التشغيل بشكل رئيسي مختلف الخدمات الأساسية القائمة على نظام بيدو، مثل تحديد الأماكن والملاحة والوقت الدقيق ورسائل الإبلاغ النصية، التي يقدمها النظام للأجهزة الحكومية والشركات والعملاء والوكالات التجارية والمستهلكين.
وأكّد الخبراء أنّ إكمال نظام بيدو التغطية العالمية سيفيد السلسلة الصناعية الكاملة، وخاصة صناعة الرقاقات والطرفيات.
والرقاقات هي التقنية الجوهرية لاستعمال نظام بيدو، وهي عامل حاسم يقرر جودة منتجات الملاحة. 
وحسب تقرير "بناء نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية وتطويره" (عام 2019) فإنّ مبيعات رقاقات نظام بيدو للملاحة المصنوعة في الصين تجاوزت 80 مليون رقاقة، واحتلت مبيعات اللوحات عالية الدقة لنظام بيدو 30% من السوق المحلية في الصين، فيما احتلت مبيعات المعدات الهوائية لنظام بيدو 90% من السوق المحلية الصينية، وتمّ تصديرها إلى أكثر من 100 دولة وإقليم في العالم.
ومع نجاح إطلاق آخر قمر اصطناعي لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية "بيدو 3" تكون الصين قد أكملت بناء نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية، الذي يغطي أنحاء العالم، ليفتح مشروع بيدو صفحة جديدة من البناء إلى الاستخدام. 
إذن، ما هي الخدمات المتميزة الجديدة التي سيقدمها نظام بيدو 3 بالإضافة إلى الخدمات الأساسية مثل تحديد الأماكن ومسح السرعة وتحديد الوقت الدقيق بعد إنجاز بنائه بشكل شامل؟ 
أكّدت وانغ لي أن "نظام بيدو 2 يمتاز بوظيفة رسائل الإبلاغ النصية، وهي تقديم رسالة نصية سعتها 120 مقطعاً صينياً في المرة الواحدة داخل الصين وفي المناطق المجاورة لها، وبعد إكمال بناء نظام بيدو 3 زادت سعة هذه الرسالة إلى 1000 مقطع صيني، وهي بالطبع زيادة كبيرة. 
وبالإضافة إلى هذه الميزة هناك وظائف جديدة، مثل عمليات البحث والإنقاذ الدولية، وتعزيز سلسلة اتصالات البيانات عبر الأقمار الصناعية، وتحديد المواقع بدقة عالية لنقطة معينة. 
وستقدم وظيفة عمليات البحث والإنقاذ الدولية الرابط العكسي، فبعد تلقى مركز الإنقاذ معلومات عن الخطر وطلب الإنقاذ سيبلغ العملاء الذين يحتاجون إلى الإنقاذ عبر الرابط العكسي أنّه تلقى إشارتهم، ما سيعزز بشكل كبير ثقتهم بالنجاح في الحصول على المساعدة. 
وتقدم وظيفة تعزيز سلسلة اتصالات البيانات عبر الأقمار الصناعية خدمات أفضل لضمان إقلاع الطائرات وهبوطها بدقة وفقاً لمعايير منظمة الطيران المدني الدولية. 
وتقدم وظيفة تحديد الأماكن بدقة عالية خدمة تحديد المواقع حسب الديسيميتر عند التحرك والسنتيمتر للأشياء الثابتة، ويمكن أن توفر تسهيلات لمسح الأراضي والزراعة الدقيقة والقيادة الأوتوماتيكية وغيرها." 
وترى وانغ لي أنّ هذه الخدمات والوظائف الجديدة تستحق التطلع إليها.
إن نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية يتطور في الوقت الحالي مع الإنترنت والبيانات الكبرى والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الجديدة، ويعمل على بناء السلسة الصناعية الصاعدة، التي تتخذ نظام بيدو وخدماته كمحتويات رئيسية لدفع التطور في أسلوب الإنتاج والحياة وتعزيز الإبداع المستمر في الأنماط التجارية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة