محمد الشماع
محمد الشماع


يوميات الأخبار

أوبن بوفيه.. كلابى!

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 04 أغسطس 2020 - 05:53 م

ظللنا لفترة طويلة نبحث عن صورة «مصر الحقيقية» لكننا الآن نري لأول مرة صورة مصر الحقيقية من داخلها دون وصاية أو مجال للمزايدة.

سئمنا من تكرار أن تقليد الغرب فى سلوكياته ينتج مسخاً بشرياً، ذلك لأن السياق التاريخى للغرب مختلف عن السياق التاريخى لنا، وليتنا نقلدهم فى البحث العلمى، وليتنا نقلدهم فى تسييد النزعة العقلانية وليتنا نقلدهم فى الإخلاص فى العمل، ليتنا نقلدهم فى احترام الآخر ولو فعلنا ذلك لتغير واقعنا ولتطورت مجتمعاتنا، ولكننا نقلدهم فى سفاسف الأمور ونترك معاليها، فإن كانت هناك قصة شعر أخذناها دون تمييز ولايفعل ذلك إلا توافه القوم، ضعاف الأصول الذين يخفون تفاهة شخصياتهم وراء مظاهر شكلية.
ظاهرة بدأت تنتشر على سطح المجتمع، وهى ظاهرة أدعاء العطف على الحيوانات، وخصوصا القطط والكلاب، فائض فى الرومانسية لايدعيه إلا بعض محدثى النعمة الراغبين فى لفت الانظار فى اداء النعومة والعطف، وذلك تشوه أجده خطيرا لأننا ومنذ فترة نعانى من أوضاع اجتماعية صعبة انتجت اطفال الشوارع المشردين الذين يتم استغلالهم جنسيا وتدميرهم نفسيا واخلاقيا فيتحولون إلى قنابل موقوتة، ومع ذلك لم نجد من اصحاب الثروات فى مصر من ينشئ ملجأ للأيتام واطفال الشوارع أو مدرسة لتعليم الحرف اليدوية لأولئك الضائعين المشردين ولنتذكر جميعا أن عبدالحليم حافظ تلقى تعليمه الموسيقى فى احد هذه الملاجئ التى انقذت شبابا من التدمير واعادتهم للسياق الاجتماعى، كما أننا لانشهد عملاً من أعمال الخير يعالج أوضاع القاطنين فى المناطق العشوائية- إلا الدولة الوطنية- ولا السارحين فى الشوارع وتحت الكبارى محرومين من حقهم، لا أقول فى التعليم العام ولكن فى تعليم مهنة تضيف للمجتمع ولاتنقص منه.
لذلك فإنه يصبح من المستنكف أن نجد أفراداً قد تخصصوا فى تجهيز الوجبات الغذائية للكلاب  والقطط كأننا فرغنا من أوضاعنا الاجتماعية، ولم يبق إلا رعاية القطط والكلاب. وتلك عجيبة من عجائب المجتمع المصرى كأنما عميت اعينهم عن معاناة بعض الشرائح فى المجتمع، هؤلاء القوم الذين تاه صوابهم لاينشدون إلا الدعاية لأنفسهم كى يظهروا أمام الاهل والجيران بأن لديهم فائضا فى المودة والرحمة والرومانسية، لأن من تصل به الشفقة إلى درجة انفاق امواله على الكلاب والقطط فلابد أنه قد ساعد جميع الفقراء وعاون المشردين من البشر، ثم انتقل بعواطفه المتأججة إلى القطط والكلاب!
هذا مجرد نزعة فاسدة نقلد بها الغرب ونأخذ عنه فى توافه الأمور ونترك معاليها، ألا فليعلم اولئك السفهاء أن البشر اولى من الحيوان وأن إطعام الجائع مقدم على تسمين الكلب والقطة وان الكلاب الشاردة التى يطعمونها سوف تعقر  ماراً أو ترعب طفلا أو تسد الطريق على سيارة، وان علينا أن نرتب الاولويات فلاتتوه مقاصدنا وألا يدفعنا تقليد الغرب الى هذه السلوكيات الهابطة والتى وصلت إلى درجة أن البعض يجمع القطط والكلاب حول مساكنه ومساكن الجيران يطعمهم ويسقيهم لكى يلفت نظر الجيران غير عابئ بما تمثله هذه الكائنات الشاردة من خطورة على المجتمع وماتفرزه من فضلات فى الشوارع وحول البيوت تشكل مصدراً من مصادر نقل الأمراض.
فى أرقى مناطق القاهرة الجديدة اعتادت سيدة شابة أن تأتى بسيارتها الفارهة بصفة يومية منتظمة لتعد مائدة فاخرة من الطعام للقطط والكلاب يطول الرصيف المحيط للفيلات المجاورة لسكنها تضم انواعاً مختلفة من اللحوم والأطعمة، حيث تحضر اعداداً كثيرة من الكلاب الضالة تلتهم كل ما لذ وطاب من الطعام، ثم ترتع فى المنطقة وتقضى حاجتها   وترقد متناثرة على الارصفة امام ابواب المساكن فى مشهد يرعب الاطفال بمجرد النظر لما خلفوه من قاذورات وبقايا طعام، وكثيرا ما تهاجم هذه  الكلاب الاطفال والشباب والنساء وتعقرهم، وكم سمعنا وشاهدنا من فيديوهات بقيام الكلاب بمهاجمة وعقر اطفال وشباب! أى فعل خير فى هذا العمل الذى يؤذى الجيران ويهدد أمنهم ويصيبهم بالرعب والمرض والخوف؟ تلك حالة من حالات متعددة!
حالة أخرى من العديد من الحالات، سيدة أخرى تسكن فى عمارة فاخرة ضخمة بالحى الراقى كل مساء تقوم بعمل «أوبن بوفيه» أمام رصيف العمارة لقطط المنطقة ولامانع من مشاركة اعداد من الكلاب الضالة التى تفوقت اعدادها على اعداد القطط وتضع الطعام فى اطباق «ورقية» بطول الرصيف المواجه لمدخل العمارة الفاخرة ليتجمع الكلاب والقطط لتناول الطعام ويتحول الرصيف ومدخل العمارة الى مستنقع من الفضلات الحيوانية وبقايا الطعام وتجمع اسراب الذباب والحشرات الزاحفة والطائرة، وكثيرا ما يغوص السكان فى تلك الفضلات وتنتشر الروائح الكريهة فى مشهد غير صحى أو آدمى على الاطلاق، وتتكاثر اعداد من اجيال القطط والكلاب داخل وخارج العمارة بشكل مخيف!
وعندما حاول السكان والجيران إثناء السيدة «فاعلة الخير» من هذا العمل بهذا الشكل، كان ردها بكل تبجح انها تفعل ذلك أمام مسكنها الذى تملك جزءا منه بفلوسها!!
قطط فى مكاتب المسئولين
 الأكثر غرابة أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر فى العديد من المبانى الحكومية المهمة، حيث تنتشر القطط التى يقدم لها أطعمة القطط من السوبر ماركت وما تبقى من اطعمة العاملين الى جانب توفير أوانى للمياه تكفى لشرب القطط، ومن الطبيعى أن يفاجئ بعض العاملين بالقط يدخل مكتبه من الشباك أو من الباب وانه يسمع عواء قط لايعرف كيف تسلل الى مكتبه، وغالبا ما يغلق المكتب على القط الذى يجد فرصة طوال الليل للعبث بمحتويات المكتب من مستندات أو أجهزة حديثة من الممكن أن تفسد، كما أن القط يقضى حاجته داخل مكتب المسئول!
أما القطط التى تشارك المرضى فى الاقامة بالمستشفيات وتقاسمهم طعامهم وشرابهم فحدث ولاحرج، فالمريض يخرج بعد فترة من الزمن، لكن القطط لديها ما يشبه  عقد اقامة لها ولأجيالها من بعدها ومعها!
المطلوب الرحمة بالانسان وحمايته من الحيوانات الضارة وحماية الحيوان من الانسان، وأنا أناشد المجتمع أن يتنبه الى تلك الظواهر الفاسدة التى أشرت اليها وان نبحث عن علاج لهذه الظواهر التى تهدد منظومتنا الاخلاقية والسلوكية والصحية والاجتماعية!
لمن الرصيف.. للمشاه أم الأكشاك!
الدولة تبذل مجهودات فى تنفيذ مشروعات رائعة لتحسين جودة الحياة للمواطنين ولديها استراتيجية يجرى تنفيذها من خلال خطط فى مقدمتها اعادة الانضباط للشارع المصرى وتنفيذ مشروعات لتوسعة الشوارع وفتح محاور جديدة وتعيد تخطيط وتنظيم المرور واقامت العديد من الكبارى لتيسير حركة المرور والقضاء على الاختناقات المرورية وتوفير الممرات الآمنة والأرصفة لاعادة حق المشاه بتوفير أماكن للسير آمنة. ثم فجأة انتشرت الاكشاك على الأرصفة بصورة مبالغ فيها منها المرخص وغير المرخص وبعضها لافراد والبعض الاخر لجهات حكومية وأصبحت تشغل مساحات واسعة من الأرصفة وتبيع كل شيء، مما يعيق سير المشاه ويضطرهم فى السير فى الطريق معرضين لاخطار الطرق، وفى نفس الوقت فإن أصحاب المحلات يشكون مر الشكوى من انتشار هذه الاكشاك مما يهدد تجارتهم بالبوار إلى جانب انهم يدفعون ايجارات عالية أو مبالغ ضخمة فى حالة التمليك ولديهم محال ويدفعون الضرائب والتأمينات واستهلاك الكهرباء والمياه فى حين ان الاكشاك لا تتحمل كل هذه الأعباء. تنظيم أوضاع اقامة هذه الاكشاك يجب أن يخضع لضوابط وضرورات بحيث لا تشوه الأرصفة ولا تجور على حقوق المشاه ولا تسبب ارباكا لحركة المرور ولا تضر بأصحاب المحلات.
الشباك الواحد أصبح عشرة أبواب!
أخيرا تم فتح الشباك الواحد.. مهمته انهاء كل الاجراءات والموافقات اللازمة للمستثمرين.. بعد طوابير طويلة أمام الشباك، تجد نفسك مطالبا بالمرور على عشرة أبواب وربما أكثر لكى تحضر انت كل طلبات الشباك الواحد.. ودنك منين يا جحا!!
عودة التليفزيون للشعب
ظللنا لفترة طويلة نبحث عن «صورة مصر» الحقيقية، لكننا الآن نرى لأول مرة صورة مصر الحقيقية من داخلها دون وصاية أو مجال للمزايدة عبر عدسات مهزوزة وغير حيادية، مصر كما نراها الآن فى برنامج «التاسعة» أو الفضائية المصرية أو قناة النيل للأخبار والعديد من البرامج هى نتاج حقيقى لتفاعل الاعلام مع مناخ الإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى.
عبقريات ما بعد الاقالة!
كثيرا ما تظهر العبقريات لدى بعض المسئولين، لايجاد حل للمشاكل التى فشلوا فى حلها أو الاقتراب منها إلا بعد خروجهم للمعاش أو اقالتهم من مناصبهم أو هروب البعض منهم للخارج لاسباب متعددة، منها عدم تنفيذ احكام بالسجن أو ارتكاب جرائم سياسية أو جنائية.. والأمثلة كثيرة والخبثاء أكثر.
الأهم فى انتخابات الشيوخ
يبقى الدور الأهم فى هذه الانتخابات على الناخب المصرى لكى تكتمل المنظومة بالاقبال على المشاركة فى هذه الانتخابات.. وأتمنى أن يكون الناخبون أكثر وعيا من بعض المرشحين المشتاقين إلى الحصانة، وان يختار الاصلح وأن يفكروا فى مستقبل العملية الديمقراطية قبل أن يفكروا فى مصالح شخصية أو مصالح دوائرهم فقط.. نتمنى أن تفرز هذه الانتخابات لــ «مجلس الشيوخ» الأعضاء المطلوبين للمرحلة القادمة.
اللائحة أخطر من القانون!
بعد سنوات طويلة مليئة بالاستغاثات والنداءات لملايين المصريين للمسئولين صدر قانون تنظيم انتظار المركبات فى الشوارع لمواجهة ظاهرة «السايس البلطجى» بقى الأهم والأخطر وهو اصدار اللائحة التنفيذية التى تضع آليات القضاء على الظاهرة، ما اخشاه هو أن تستغرق هذه الاجراءات أضعاف الفترة الزمنية التى استغرقها اصدار القانون.
معركة الاصلاح القادمة
أتصور أن تكون معركة الاصلاح القادمة فى المحليات هى اصدار قانون الإدارة المحلية ليعطى للمحليات السلطة الأوسع فى محاسبة المحافظين، فالإدارة المحلية ينقصها الكثير حتى تتمتع بالكفاءة والشفافية المطلوبة فى انجاز المشروعات الخدمية والتعامل مع الجمهور ليسقط هذا العبء عن كاهل عضو البرلمان «النواب والشيوخ».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة