كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

البلدوزر الذى تأخر 30 سنة !

كرم جبر

الثلاثاء، 04 أغسطس 2020 - 06:18 م

البلدوزر الذى هدم العمارات المخالفة، يضرب فى رأس الفساد، ويجعل كل صاحب نفوذ يفكر ألف مرة قبل أن يستقوى على الدولة والقانون، ويتحدى السلطات العامة.
البلدوزر تأخر أكثر من 30 سنة، وظل معطلاً ومرتعشاً وغير قادر على إنفاذ العدالة والقانون، فاستقر فى ضمير البعض أن مصر «بلد ملهاش صاحب»، افعل فيها ما تشاء ما دمت مسنوداً.
النفوذ ليس السلطة فقط، لكنه الفتونة والبلطجة والخروج على القانون وفرد العضلات واستخدام الأسلحة المحظورة، وكم من بلطجى عتيد، أصبح صاحب شأن ويعمل له الجميع ألف حساب.
رأس الفساد فى عهود سابقة كان الزواج غير الشرعى بين السلطة والثروة، وكأن تعاقداً سرياً أبرم بين طرفين «خد وهات»، وبارك الله فيمن نفع واستنفع.
الأمثلة على أرض الواقع كثيرة، فكم من مساحات شاسعة من الأراضي، جرى الاستيلاء عليها بالقوة والنفوذ، وتحولت من استصلاح أراض لمنتجعات وفيلات، ورفض أصحابها أن يدفعوا حق الدولة، تحت سطوة أهل الذراع الطويلة.
لم يكن هناك من يجرؤ أن يقول لهم «هتدفع.. هتدفع»، واحترفوا اللجوء إلى المحاكم فى قضايا تلاعبية تستمر عشرات السنوات، تحت مقولة ظالمة «يبقى الأمر على ما هو عليه وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء».
الألاعيب القانونية لوضع اليد على أراضى الدولة يشيب لها الولدان، فالمغتصب يستولى على الأرض فى ساعات، وتظل القضية أمام المحاكم سنوات وسنوات، والعدل البطيء هو الظلم بعينه.
الأرض.. ثروة مصر الكبرى، حولت رجال أعمال بسطاء إلى مليارديرات، وانتفخت كروشهم بالثروات حتى أوشكت على الانفجار فى وجه المجتمع والناس، وأصبح الـ «تسقيع» أقصر الطرق إلى الثراء الفاحش.
والأرض المغتصبة تحتاج «فتوات» و«متواطئين»، بالأسلحة والأوراق المزورة والرشاوى والعطايا والهبات، فأصبحت الأجواء تفوح بروائح كريهة تزكم الأنوف، واستسلم لها الجميع وكأنها أمر واقع يجب التعايش معه.
البلدوزر قال «لا»، أرض الدولة ملك للشعب وليس لحفنة من الناس، ومن يضع يده عليها بطرق احتيالية، تتصدى له الدولة بقوة وحسم، ولا يستطيع أن يرفع فى وجهها عصا النفوذ.
شتان بين الـ «دولة» و«اللادولة»، بين عدالة تحميها القوة، وعدالة تخشى القوة، عدالة من أجل الناس، وعدالة لا تحمى الناس.
«دولة» معناها فى القاموس اللغوى «استيلاء وغلبة»، وحين نقول لنا عليهم دولة، فتعنى القوة والغلبة والانتصار، والدولة العادلة هى التى تنتصر لجموع شعبها وليس لفئة قليلة.
البلدوزر يضرب أسطورة «ده مسنود»، فالمسنود الآن هو من يسلك الطرق الشرعية، ولا يستقوى ولا يتحايل ولا يتلاعب، ولا يلوح بنفوذه والعضلات.
سر تقدم أمريكا ما قاله جورج واشنطن «نريد أن نبنى دولة قانون لا دولة أشخاص».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة