الخميس، 06 أغسطس 2020 - 06:45 م

صباحك خير يا لبنان، هذا والله صباح خير، ومساء خير، ويوم خير، ونهاية شر، وبداية خير..
برغم الفساد، وبؤس العباد، هو صباح خير. برغم النكبة، وهول الكارثة.. صباح خير. برغم الموت، والبارود، والدم، ورغم انفجار البحر، وشدة النحر، صباح الخير. ورغم الدمار، وإعادة الإعمار يبقى صباحك خير.
أما وإن علا التفجير، وغاب الضمير، وقل الخمير، فيبقى يا لبنان صباحك خير. وفى انتشار الداء، ونقص الدواء، وجهد البلاء، كلها، كلها صباحات خير.
كذلك يا لبنان تستعيد الأجساد الرائعة أرواحها، بعد نوم طويل، أو غياب قصير. والله لو كان هذا الجسد يستسلم، لما وقع انفجار، فالموتى لا يعودون يا لبنان، والله لا يعودون أبدا، ولا حتى قنبلة نووية تكون حينها قادرة على إفاقتهم. ما حل يا لبنان، حل. لكن ما راح عائد، وعائد بسرعة، وأكثر منه، فلا نحن نستطيع العيش بلا لبنان، ولا لبنان يعرف النهايات الكئيبة.
تعرف يا لبنان كيف استفاق الروس!، على انفجار، انفجار ضخم، كارثة نووية، وتهجير بشر، فى العاشر من ابريل، وستة عشر، ونزوح جموع، ولالئ دموع، وطوابير جوعى، وصرخات لوعى، وعطشى يسيحون فى البلدان.. ولايزال صباحك خيرا يا لبنان.
يقول الأطباء إن الألم جيد، جيد جدا، ويؤكدون للمرضى ذلك أنه كلما زاد الألم وظهر، يكون الشفاء أسرع، فهذا الجسد يحب الحياة، يريد أن يعيش، لذا يسارع بإظهار الألم، ويطلب العلاج. وجسدك عليل يا لبنان، أضره ظلم، وأعياه التجاهل.. كذلك تصير الحال دائما يا بيروت، فلما يثور سكان البيوت، ويغزل الفساد خيوط العنكبوت، تبدأ الأمم من جديد، وأنت يا لبنان شاب، وبيروت شابة، وبلاد الشام من ضلع حديد.
والله هذا العام يُغاث فيه الناس، وهم لا يفهمون، ولو صح البناء يا بيروت، أفضل له أن يكون على هديم، وأنقاض تذكرنا بنتائج أعمالنا، وأهوائنا، ونياتنا، وإفسادنا، وفسادنا.
قم يا لبنان العزيز، واحتضن بيروت، قم واستند على جبالك وعيالك، وأوتاد أشجار أرز لن يسقط من تعكز عليها، انهضى يا بيروت واغتسلي، صففى شعرك الذهبى بين صخرتى شواطئ الروشة، أضيئى دروب العاشقين، وثورى على الجهلاء، والأغبياء، والأغنياء، والظلمة، واحفظى الأسرار. قومى يا بيروت واغتسلى، وعلمينا القوة، والفتوة، والجمال.. افيق يا لبنان وأعد كتابة الأبيات وحدك، وعلم الشعراء النثر بلا أوزان.. ولايزال صباحك خير يا لبنان.