عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

مكافأة ترامب الليبية لأردوغان!

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 10 أغسطس 2020 - 07:09 م

 

ماذا يعنى الاقتراح الأمريكى باستحداث منطقة منزوعة السلاح فى ليبيا تفصل بين الأطراف المتحاربة وتشمل هذه المنطقة كلاً من مدينتى سرت والجفرة؟!
بشكل مباشر يعنى أن تنسحب قوات الجيش الليبى من المدينتين كما تطالب تركيا وتشترط لوقف هجومها هى وميليشياتها على المدينتين.. أى أن هذا الاقتراح الأمريكى يحقق لأردوغان ما يريده من دون أن يغامر بعمل عسكرى صار محتملا أن يفشل بعد أن أعلنت مصر أن سرت والجفرة خط أحمر بالنسبة لها حماية لأمنها القومى ولن تسمح للأتراك وميليشياتهم بتجاوزه.. أى أن الأمريكان باقتراحهم الغريب يقدمون هدية كبيرة لأردوغان بدلا من محاسبته وعقابه على الجريمة التى اقترفها فى ليبيا والتى تتمثل فى نقل عدة آلاف من الإرهابيين من سوريا إلى الأراضى الليبية، ودعمه لهم بالعتاد والسلاح وتمكينهم من السيطرة على معظم مساحة الغرب الليبى بما فيها العاصمة طرابلس.. وهو ما يكشف مجددا أن الأمريكان غير جادين أصلا فى محاربة الإرهاب فى العالم، رغم تشكيلهم تحالفا عالميا لذلك، ويؤكد أنهم فقط يستغلون الحرب على الإرهاب لتحقيق مصالحهم وأطماعهم الخاصة.
وبشكل مباشر أيضا فإن الاقتراح الأمريكى بجعل سرت والجفرة منطقة منزوعة السلاح يعنى استئناف ضخ البترول الليبى بدون أى ضمان لعدم عودة حكومة السراج للاستيلاء وحدها على عوائد تصديره، وهو ما سيوفر للميليشيات الإرهابية مصدر تمويل سخى حرمت منه بعد وقف تصدير البترول الليبى، وسيتيح لأردوغان أيضا ما يبغيه من تدخله العسكرى فى ليبيا، وهو الاستيلاء على قسط من ثرواتها، خاصة النفطية.. أى أن أمريكا بذلك الاقتراح العجيب تكافئ أردوغان على جريمة جلب إرهابيين للأراضى الليبية.. وهذا يثير الشكوك فى دور الوسيط الذى يقوم بتمثيله الأمريكان فى الأزمة الليبية، ويعزز الاستنتاج بأن أردوغان ما كان له أن يفعل ما فعله فى ليبيا بدون بعض الرضاء الأمريكى عليه، أو على الأقل لأنه يثق فى أن أمريكا لن تمنعه أو حتى تلومه!.
وبشكل مباشر كذلك فإن الاقتراح الأمريكى العجيب يعنى إتاحة الفرصة للميليشيات المسلحة والإرهابية فى ليبيا لتوسيع مساحة الأراضى التى تسيطر عليها.. فإن المناطق التى انسحبت منها قوات الجيش الليبى مؤخرا عادت الميليشيات المسلحة الإرهابية لتسيطر عليها، كما فعلت فى مصراتة التى صارت قاعدة إرهابية خالصة.. بل هذا هو حال الغرب الليبى كله الآن.. وإعلان سرت والجفرة منطقة منزوعة السلاح لن يمنع الإرهابيين الليبيين أو الأجانب الذين تم جلبهم إليها من التسلل إلى المدينتين حتى فى ظل وجود قوات دولية، كما يقول الاقتراح الأمريكى.. ويعلم الأمريكان أن وجودهم العسكرى الكبير فى أفغانستان لم يحقق القضاء على طالبان ولم ينقذ هذا البلد من العنف والإرهاب، ولذلك اضطرت الإدارة الأمريكية أن تبرم فى نهاية المطاف اتفاقا مع طالبان تحت رعاية قطر.. وحتى هذا الاتفاق لم تلتزم طالبان فى تنفيذه ومازالت هجماتها المسلحة مستمرة فى كابول وغيرها من المدن الأفغانية.
إما بشكل غير مباشر فإن الاقتراح الأمريكى العجيب باستحداث منطقة منزوعة السلاح ما بين الغرب الليبى والشرق الليبى يعنى تكريسا لانقسام أو تقسيم ليبيا، وهو الأمر الذى تحبذه قوى عالمية وإقليمية ويرفضه الشعب الليبى ومعه مصر التى تصر دوما أن أى حل للأزمة الليبية يجب أن يحرص على وحدة ليبيا، ووحدة دولتها الوطنية، لذلك ترى ضرورة أن يكون لهذه الدولة جيش واحد قوى يفرض سيطرته على كامل الأراضى الليبية، وأن يتم حل كل الميليشيات المسلحة التى تعيث فى الأراضى الليبية الآن فسادًا.
فهل بعد ذلك يمكن أن يجد هذا الاقتراح الأمريكى العجيب قبولا من الشعب الليبى؟!

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة