كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر


إنهــا مصـــــــر

كرم جبر يكتب| «تحضير العفريت .. وصرفه!»

كرم جبر

الجمعة، 14 أغسطس 2020 - 05:46 م

«الرغبة فى السيطرة على البترول الليبى وإحياء مشروع الإسلام السياسى منتهى الصلاحية».

جاء أردوغان إلى ليبيا لتحقيق ذلك، وتحدث منذ أيام قليلة عن أن بلاده لن تقبل بحبسها فى سواحلها من خلال بضع جزر صغيرة، وتأخذه أطماعه إلى استخدام القوة للتوسع على حساب الآخرين.

مخطئ من يتصور أن أردوغان جاء إلى ليبيا لمناصرة حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، ضد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني، لكن من أجل البترول والإرهاب.

ليبيا تمتلك 74 مليار برميل بترول كخامس أكبر احتياطى نفطى فى العالم من الخام عالى الجودة، والسيطرة على البترول تعنى حل مشاكل أردوغان الاقتصادية المتفاقمة، وتمويل عملياته العسكرية فى المتوسط، على حساب الشعب الليبي.

أردوغان يلعب على مشاعر الأتراك باستخدام خطاب سياسى عاطفي، يقوم على فكرة استعادة المجد العثمانى الزائل، وإذا كانت مصر هى التى حطمت مشروع الخلافة بإنهاء حكم الإخوان، فهو يحاول استعادته بحشد الإرهابيين على حدودها.

الارتباط الوثيق بين الأوضاع الأمنية والسياسية فى ليبيا، والأمن القومى المصري، ومحاولة تكوين جيوب وقواعد ارتكاز لعناصر إرهابية على الحدود التى تبلغ 1200 كيلو متر، لم يترك لمصر فرصة، إلا أن تواجه البلطجة بالقوة.

مخطئ من يتصور أن مصر إذا اضطرتها الظروف للتدخل فى ليبيا، ستذهب إلى هناك بعقلية الستينات عندما ذهبت إلى اليمن، فالموقف يختلف جملة وتفصيلاً، وفى مخزون الاستراتيجية العسكرية المصرية تجارب وخبرات، تجيب عن الأسئلة الصعبة: لماذا نذهب إلى ليبيا وما الأهداف المقصودة ومتى نعود بعد أداء المهمة؟.

الفكر الاستراتيجى المصرى يخضع لضوابط ومحددات، تحصنه ضد القرارات الانفعالية وسياسة رد الفعل، وتمكنه من التحركات الهادئة المدروسة التى تحقق المصالح العليا للبلاد، وتحفظ أمنها واستقرارها، وتكبح جماح من يحاول المساس بها.

مصر محروسة

هوية الوطن هى السياج القوى الآمن الذى نحتمى به، وقديماً قالوا إن المصريين يصبحون روحاً واحدة فى جسد واحد لمواجهة التحديات، فلا تجد نشازاً ولا شذوذاً ولا دعاة للفرقة والتشرزم والتناحر، وقوة الوطن تكمن فى الحفاظ على هذه الثوابت وتعظيمها وإعلائها.

صحوة مصر تؤرق مضاجع المتربصين بها والكارهين لتعافيها، ففى قوتها ضعف لهم، وفى انهيارها علو لشأنها، وفى ضياعها استمرار وبقاء لأطماعهم، وكلما اشتدت أصابهم الضعف، وكلما اجتازت أزمة صدرت لهم عشرات الأزمات، ولكن الله يحرسها والشعب يحميها ورجالها الأشداء ساهرون عليها.

الشيطان لا يعظ !

بعد 25 يناير ارتدى الوحش ثياب الواعظين، وظل يمسح ذاكرة الناس، بزجاجات الزيت وأكياس السكر والأرز والبلح و«المسكنة»، وأسطوانة «دول ناس طيبين ما نجربهم»، وجربناهم، وفى الأزمات تأتلف القلوب وتتحد المشاعر، إلا الإخوان يسعدون للمصائب والكوارث والأزمات.

من يحضر عفريتاً ليس بالضرورة يكون قادراً على صرفه.. وإذا ربيت فى بيتك وحشاً للقضاء على خصومك، فلن تضمن ألا ينقض عليك.. وفى اختلاط الدين بالسياسة والسياسة بالدين مفسدة، ويشهد التاريخ أن بحور الدماء كانت بسبب توظيف الأديان لخدمة المطامع السياسية.

ولا تسمحوا مرة أخرى لمن يحضرِّ العفريت فلن يستطيع ان يصرفه ،وانتبهوا لحلفاء الثعالب الماكرة، الذين يحاولون من وقت لآخر تمرير خدعة المصالحة، لتكون هدنة مؤقتة للعودة من جديد.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة