كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

بائع التين الشوكى !

كرم جبر

السبت، 15 أغسطس 2020 - 07:30 م

أنا مع التطبيق الصارم للقانون، ولكنى تأثرت جداً بفيديو الموظفة الشرسة التى تطارد بائع التين الشوكى فى التجمع الخامس، فجعلتنا نتعاطف مع عمل لا يستوجب التعاطف، بسبب تصرفها المنفلت.
عشنا أياماً كان فيها الباعة الجائلون هم أصحاب السطوة والنفوذ فى الشوارع الرئيسية، فاحتلوا شارع طلعت حرب وعبد الخالق ثروت والجلاء وشوارع مصر الجديدة وغيرها، لم يكتفوا بالأرصفة، بل افترشوا نهر الشارع نفسه وأصبح المرور مستحيلاً.
لم تعد هيبة القانون، إلا بعد استرداد الشوارع والميادين، وفرض النظام والانضباط، وتسهيل حياة الناس والقضاء على أسوأ صور الفوضى.
كنت أمر فى منطقة وسط البلد وأحزن على أحوال مصر، ولم يكن أشد المتفائلين يحلم بأن يعود احترام الشارع قبل سنوات عديدة، ولكن تحققت المعجزة، وعاد الأمان والطمأنينة.
جراحات كبرى قامت بها أجهزة الدولة، فأزالت آلافا من صور التعدى، مع الالتزام بالقانون وعدم الإسراف فى الإجراءات الانتقامية، البعيدة كل البعد عن روح القانون.
أخطأت الموظفة لأنها استعرضت عضلاتها بطريقة بعيدة عن القانون وروحه، فجعلت الناس تتعاطف مع البائع، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، بالهجوم على الفعل المشين وكأن موظفة الحى بينها وبين البائع «تار بايت».
كان باستطاعتها أن تنفذ القانون دون «تنطيط» وقفز فى الهواء وجرى وراء البائع الذى يفر منها مذعوراً، وكان يمكنها أن تحفظ احترام وظيفتها دون إلقاء التين الشوكى على الأرض.
المسئول ليس شخصاً عادياً، وعليه أن يتحلى بصفات وظيفته فيكون فى حجمها وقدرها، لأنه إذا أساء فلا يسيء لنفسه فقط، ولكنه يفتح الباب أمام انتقادات تتعدى ما فعله.
أصبح ضرورياً أن يخضع أى مسئول له اتصال بالجماهير لاختبار نفسي، مثل الذى يجرى بالنسبة لطلبة الكليات العسكرية، للتأكيد من ثباته النفسى والعقلي، وقدرته على التعامل مع مختلف الظروف بالعقل والهدوء والاتزان.
درسنا فى كلية الحقوق نظرية مهمة اسمها «السلطة والمسئولية» وضرورة التوازن الشديد بينهما، فالمسئولية دون سلطة ضعف وتفكك، والسلطة دون مسئولية انحراف وديكتاتورية.
هذا معناه أن كل مسئول يجب أن تكون لديه الصلاحيات التى تمكنه من أداء وظيفته فقط، دون أن يستخدمها فى أغراض أخرى.
إذا طبقنا ذلك على موظفة الحى، فمسئوليتها تقتصر على رصد المخالفة وإزالتها بالقانون، والقانون فيه عقوبات صارمة إذا تم استخدامها فتردع أى مخالف.
أما البعد الغائب فى هذه القضية فهو ضرورة إيجاد أماكن منظمة للبائعة الجائلين، وأن يكون ذلك تحت الرقابة والإشراف، مع تسهيل الإجراءات والتوسع فى إيجاد منافذ تحميهم من التسول والمطاردة.
إذا كان هناك مواطن شريف يجتهد فى البحث عن لقمة العيش، فيجب أن نساعده بكل السبل، لأن المثل يقول «من لا يجد عملاً أوجد له الشيطان عملاً».

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة