للمرة الأولي منذ سنوات يتحقق هذا الحضور الكبير للسينما العربية في مهرجان «كان»، أكبر التظاهرات السينمائية في العالم والذي انطلقت دورته الـ69 الأربعاء الماضي بمشاركة تسعة أفلام عربية مابين روائية طويلة وقصيرة في أقسام المهرجان المختلفة، هذا الحضور اللافت يأتي في ظل حراك سينمائي تشهده السينما العربية التي تؤكد قدرتها علي انتاج سينمائي قادر علي المنافسة في أهم وأكبر المهرجانات العالمية الثلاث «كان وبرلين وفينسيا».
ففي دورة مهرجان برلين الماضي شاركت السينما العربية بـ7 أفلام واقتنصت عدة جوائز مهمة اذ فاز الفيلم التونسي «نحبك هادي» بجائزة أفضل عمل أول لمخرجه محمد بن عطية، وفاز بطله مجد مستور بجائزة أفضل ممثل، والفيلم الفلسطيني «رجل يعود» لمهدي فليفل بجائزة الدب الفضي لأفضل فيلم وثائقي قصير، والسعودي «بركة يقابل بركة» بالجائزة الكبري للجنة الاتحاد الأوروبي، والفيلم السوري «أربعة فصول» بجائزة روبرت بوش لأفضل فيلم عربي ألماني مشترك الي جانب الفيلمين اللبنانين «تشويش» و«حرب ميجيل».
ولم يعد رهان السينما العربية علي الحضور المشرف فقط، لكنها باتت قادرة علي المنافسة واقتناص الجوائز بابداع جيل جديد من شباب السينمائيين، وتأتي المشاركة المصرية في مهرجان «كان» هذا العام بالفيلم الطويل «اشتباك» الذي افتتح أول أمس قسم «نظرة ما» والذي يعيد مصر الي المهرجان بعد أربع سنوات من الغياب منذ مشاركة فيلم «بعد الموقعة» للمخرج يسري نصر الله، الفيلم من اخراج خالد دياب ويفتتح هذه التظاهرة المهمة، وينافس علي احدي جوائزها، وتدور أحداثه داخل سيارة ترحيلات تضم عددا من المسجونين علي اختلاف توجهاتهم السياسية يشتبكون داخل السيارة التي تقلهم عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وتبرز المشاركة اللبنانية كذلك في مهرجان «كان» بثلاثة أفلام دفعة واحدة هي «ربيع» للمخرج فاتشي بلغورجيان في تظاهرة أسبوع النقاد، و«من السماء» لوسام شرف في تظاهرة «آسيد»، «غواصة» لمنية عقل ضمن تظاهرة أفلام الطلبة «سينفونداسيون»، وتشارك تونس بفيلم «صوف علي الظهر» اخراج لطفي عاشور في مسابقة الأفلام القصيرة، الي جانب مشاركة ثلاثة أفلام انتاج عربي فرنسي مشترك وبتوقيع مخرجين عرب وهي المغربي «الهبات» لهدي بنيامين، والجزائري «دورة فرنسا» لرشيد جعيداني، والجزائري القصير «قنديل البحر»، الي جانب فيلم «أمور شخصية» للفلسطينية مها الحاج، ورغم أن الفيلم يطرح مشكلة العلاقات الزوجية في أوساط عدة أجيال فلسطينية الا انه يحمل الجنسية الاسرائيلية نظرا لتمويله، كما تسجل السعودية حضورها في المهرجان بستة أفلام تعرض في ركن الأفلام القصيرة، وتشارك الكويت والامارات ضمن عروض أفلام الشباب التي تمنح الفرصة للمخرجين الجدد لعرض أفلامهم الأولي.
ولاشك أن تسليط الضوء علي السينما العربية في المهرجانات العالمية الكبري يمثل أهمية قصوي للدفع بها انتاجيا وتوزيعيا وفنيا، ويضعها في المكانة التي تستحقها والتي تأخرت عنها طويلا، وهوما يعمل عليه أيضا مركز السينما العربية الذي انطلق مؤخرا من خلال شركة مصرية يرأسها الناقد علاء كركوتي ويضم شركات ومؤسسات سينمائية، ويستهدف التواجد في أكثر من 20 مهرجان وسوق سينمائي ودولي في 2016. وكل هذا يكرس بالتأكيد إلي حضور قوي ومبشر للسينما العربية التي ازداد زخمها بعد الحراك العربي الذي انطلق عام 2011.