علمتني تجارب ومصاعب الحياة، أننا حين نتألم نصبح أكثر حكمة، وعندما نفشل نزداد قوة وعزيمة وإصرارا علي النجاح، وحينما نبتسم نكون أكثر تفاؤلاً، وأن الحياة ما هي إلا مجموعة من الخيارات، وأن علينا اكتشاف مخاوفنا الحقيقية، والخروج من داخل صندوق الخوف الذي يحاصرنا، والتغلب علي الشعور بالخوف بكل أشكاله، فالخوف عدوّ خفي يقتل حلمك ثم أملك ثم عملك ثم حياتك، ويحرمك الكثير من الفرص الرائعة التي تجود بها الحياة.
لذا عليك عزيزي القارئ أن تسأل نفسك: هل تشعر أنك تعيش داخل صندوق أسمه الخوف؟! وهل تقبع داخل هذا الصندوق لأن المجهول بالخارج يبدو لك مريعا؟! ألم يراودك الشعور بأنك تريد تحطيم ذلك القالب الخانق الذي يحاصرك ؟! أم أنك تظن أن البقاء بداخله يجعلك بمأمن من الآخرين طالما لن تسمح لأحد بالدخول !؟ قد يكون هذا صحيحا إلي حد ما، ولكن عليك أن تدرك أنك سجنت نفسك داخل أربعة جدران، وفقدت قدرتك علي رؤية الفرص التي تزخر بها الحياة، وتعلم أن حجم هذا الصندوق إذا زاد يمكن في النهاية أن يبتلعك، ويحجب الرؤية عنك تماما، ويحولك إلي إنسان عالق داخل غرفة، لا يستطيع الخروج من أبوابها!
إن صندوق الخوف مثلما تقول مؤلفة كتاب "التفكير خارج الصندوق" هو أصل الصناديق الأخري التي تعد فروعا لشجرة الخوف، فهو متعدد الأبعاد والأشكال، لذا نجد الخوف من الفشل والنجاح والخسارة أو من الوقوع في الخطأ، والخوف من فقدان الحب والاهتمام والوحدة، والخوف من الألم النفسي والبدني أومن سخرية الآخرين، أو من عشرات المخاوف الأخري المعروفة والمجهولة، والمبررة أو القادمة من وحي خيالنا، وكلها تكمن في أعماق بحر الخوف العميق، وتعكس مشاعر الإحباط والاكتئاب والحزن والغضب ،وحتي التهكم والسخرية هما نوع من أنواع الخوف!!
لذا فإن الخوف قد يحول دون محاولة حصولك علي وظيفة أخري تمنحك شعورا أكثر بالمتعة والأمن والرضا، بينما يدفعك خوفك من أن يهزأ زملاؤك من كلماتك، أن تبدو صامتا في اجتماع لطرح الأفكار في العمل، برغم أنك تملك الحل الأمثل للمشكلة المطروحة، ومن الممكن أن يتسبب خوفك من فقدان الحب إلي السماح لأبنائك بتجاوز الحدود معك وهم في سن المراهقة، كما أن الخوف من الألم النفسي والبدني قد يجعل امرأة تتحمل الاستمرار في علاقة زوجية فاشلة، أو يدفعك الخوف من الوحدة إلي الدخول في علاقة غير ناجحة لا تشبع رغباتك، وقد يكون الفشل في بعض التجارب العاطفية هو السبب وراء رفضك الارتباط برغم شعورك بالوحدة، وهنا يمكن القول أن صندوق الخوف قد ازداد حجمه بشكل مخيف حتي أصبحت حبيسا داخل جدرانه الأربعة.
ولكن دعني أسألك ماذا يمكن أن يحدث إذا ظهرت فرصة ذهبية علي باب صندوق الخوف ولم تستطع رؤيتها؟! وما الذي كنت ستفعله إذا لم تكن خائفا؟ وماذا سيكون شعورك إذا حصلت علي الوظيفة التي تتمناها، أو علمت أن الشركة الجديدة التي أسستها لن تواجه الفشل؟! وماذا لو أنهيت علاقة فاشلة لا ترضي عنها، وارتبطت بإنسان يكن لك الاحترام والتقدير ويشعرك بالأمان والحب والسعادة؟!
إن تلك الأحلام ليست مستحيلة، لكن المؤكد إنها لن تتحقق إذا ظللت حبيسا داخل صندوق الخوف، لذا عليك أدراك أن هذه الفرص الرائعة يمكن اغتنامها بالفعل، وأنها في متناول يدك، ثم اسأل نفسك عن المخاوف التي تمثل عائقا أمامك، لأننا يجب أن نحدد ماهية العدو كي نتمكن من القضاء عليه.
وتري المؤلفة «ماري جوفاني» تجربتها مع بعض صناديق الخوف حينما عادت من المكسيك لتأسس مشروعها الجديد، حيث كان يراودها الخوف من فشل المشروع، وضياع أموالها، بل أنها كانت في غاية القلق حين حررت أول شيك بمبلغ كبير لطبع أعمالها، لكن رغبتها في تحقيق حلمها دفعتها إلي كسر جدران صندوق الخوف من الفشل، وأنها لا يجب أن تعتمد علي أحد لتحديد مسار حياتها، وإنما عليها الاعتماد علي نفسها لإنجاح عملها ومساعدة نفسها.
إن أضرار الاختباء داخل الصندوق أكثر بكثير من فوائده، لذا عليك عزيزي القارئ أن تقوم كل يوم بشيء تشعر بالخوف حياله، وبعد فترة لن يتبقي الكثير مما يسبب لك الخوف.. وللحديث بقية