كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الحروب الخبيثة

كرم جبر

الأحد، 16 أغسطس 2020 - 06:42 م

قال عنها جون كيندى: «هناك نوع من الحروب، جديدة من حيث القوة وقديمة من حيث الأصول، حروب يشنها أفراد العصابات والمخربون والمتمردون والقتلة، من خلال الكمائن عوضاً عن القتال، ومن خلال التسلل بدلاً من الهجوم، والسعى إلى النصر باستنزاف الخصم وليس القتال معه».
الحرب التقليدية هى مواجهة الجيوش بعضها البعض، ولكن عادت حروب أخرى قديمة أقل كلفة وخسائر، هى السيطرة على العقل متمثلاً فى التعليم ووسائل الاتصال.
أسلحة الحروب الخبيثة هى القوة الفكرية والتأثير بالوعى، وبدلاً من أن يذهب الجنود والضباط إلى ميادين القتال، يتم استبدالهم بكتابات وأفكار أشد تأثيراً من الغزو، فلا يكون هناك وعى بمن هو العدو، فالعدو فى القتال يكون واضحاً، أما فى الحروب الخبيثة فلا يكون ظاهراً.
لم تعد الأسلحة الفعالة هى الصواريخ والطائرات والدبابات، ولكن الإذاعات والفضائيات وسوشيال ميديا والإنترنت، لاختراق المنظومة الحياتية للدولة المستهدفة، وخلق منظومة جديدة من الوعى الزائف.
الوعى الحقيقى يشمل كافة جوانب الحياة، لدى المرأة والطفل والشباب والمجتمع، لبناء الفهم والإدراك السليم، والمسئولية تقع على جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والشباب والرياضة والإعلام، لتعمل فى إطار منظومة استراتيجية، وتتولى كل مؤسسة تنفيذ الجانب الذى يتعلق بها.
حروب الجيل الرابع تستخدم وسائل تشبه الرصاصة التى تحيى وتميت شعوبا بأكملها، بهدف اغتيال العقول الشابة والأجيال القادمة والسيطرة عليهم، وتمرير المشروعات المشبوهة، دون أن تجد معارضة توقف تنفيذها.
وتعددت صور الحروب الخبيثة:
● الإرهاب أقدم صورها، فعندما تسلح جزءاً من الشباب بالأفكار الإرهابية التى تفوق خطورتها المتفجرات، فهم فى النهاية مشروع كبير للقتل وتدمير بلدانهم، وتم تمريرها تحت عنوان «الربيع العربى» الأشد خطورة من نار جهنم.
● الشائعات التى تستهدف التشويه والتشكيك وهدم الثقة بين الدول وأبنائها من صور الحروب الخبيثة، وكم اشتعلت فتن وصراعات بفعل شائعات كاذبة لم تجد من يتصدى لها ويوقف الحروب التى أشعلتها.
● إضعاف الروح المعنوية للمواطنين خصوصا الشباب، والمضى بهم إلى محطات الإحباط واليأس وفقدان الأمل فى المستقبل، وتفاقمها يخلق جيلاً غير منتم ومليء بالحقد والكراهية، وشاهدنا صوراً من ذلك فى حرق الممتلكات العامة والخاصة فى أحداث 25 يناير.
● تغريب التعليم وغياب المقررات التى تنمى الولاء والانتماء وحب الوطن والحروب والانتصارات، فينشأ جيل تائه ويعيش فوق أرض لا يعرف قيمتها ولا التضحيات التى بذلت من أجلها، ويفرح الآباء والأمهات أن أولادهم لا يجيدون نطق اللغة العربية، وانفصلوا تماماً عن واقع بلادهم التاريخى والثقافى والحضارى.
الحروب الخبيثة تعددت صورها وأشكالها، وهى فى النهاية تستبدل الرصاص بالأفكار.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة