الصحفي أحمد حلمي جد المبدع الكبير صلاح جاهين له كتاب باسم ((كيف وصلت إلي السجن)) في هذا الكتاب يشرح كيف تم إيداعه داخل جدران ((سجن مصر العمومي)) في 26 أبريل سنة 1909، فقد صدر الحكم بسجنه بتهمة العيب في الذات الخديوية حيث كتب متعجبا من أسرة محمد علي وكيف يقتطع من خزانة البلاد لتصرف لهم الأموال، وقد اعتبر أحمد حلمي العائلة الخديوية أصل البلاء وأس الفساد في مصر، وقد بدأ مقالته «مصر للمصريين» ببيتين للمنفلوطي يعبران عما تشعر به البلاد إزاء هذه الأسرة، واعتبر الحكم علي أحمد حلمي أول حكم بالعيب في الذات الملكية ويؤرخ البعض بأن حلمي يعد أول كاتب سياسي وأول سجين رأي في مصر الحديثة.
لكن السبب الحقيقي فيما كتبه أحمد حلمي والطعن علي الخديوي والعائلة الخديوية كان وراء الدور الذي قام به الخديو عباس في إعادة العمل بقانون المطبوعات الذي رآه كثير من المصريين ردة لتكميم الصحافة، ومع ذلك صدر الحكم بحبس حلمي بل وبعد ذلك أغلق جريدته القطر المصري وكان المبرر التعريض بالجناب العالي الخديوي والتعرض لكرامة الناس والطعن في شرفهم، ومما يذكر أن بعد الحكم علي حلمي وجه كلامه للجمهور المحتشد قائلا: أيها الإخوة الكرام.. لا تبكوا ولا تجزعوا وإياكم أن تخافوا أو تفزعوا ، وثقوا بأن كل الخطوات والأحكام لا تغير لي ضميرا ولا تبدل لي اعتقادا فمهما فعلوا فإنني لا أتزحزح عن مركزي ولا أفرط في مبدأ خدمته عشر سنوات ألا وهو مصر للمصريين فاستودعكم الله».
وعن أثر تلك الكلمات يروي أحمد حلمي «نطقت تلك الكلمات وأنا لا أعرف تأثيرها علي ذلك الجمهور الذي كان يحول بيني وبينه الجند المدججون بالسلاح، ولكني سمعت بعد ذلك تصفيق تجاوب صداه من غرفة المستخدمين، مع تصفيق الجمهور الذي كان يموج كالبحر الزاخر.. ثم جرت بنا الخيل من المحافظة إلي شارع محمد علي ومنه إلي ساحة المنشية ثم فتحت لنا أبواب سجن مصر العمومي.