علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


يوميات الأخبار

.. وبأى حال عدت ياعيد؟!

علاء عبدالوهاب

الثلاثاء، 18 أغسطس 2020 - 05:52 م

لا يكف المرء عن البحث عما يفيض بقدر من البهجة، ابتسامة حفيد لايدرك مايدور حوله، عصفور يحط فوق الشرفة، أغنية يبثها التلفاز منذ كنت فى عمر الحفيد.

الجمعة «10 ذو الحجة»:
فى مساء يوم عيد الأضحى، تتابعت الذكريات، متقاطعة مع مشاهدات اليوم، لم تطف  ذكرى مشابهة لمشهد واحد مما عايشته لا اليوم، ولا فى أى يوم عيد على مدى العمر المديد!
بالطبع لا يوجد زر سحرى يتم الضغط عليه فيتوقف كل ما من شأنه أن ينغص على الناس، حيواتهم فى العيد، فيكف المتصارعون، ويدخل المتحاربون فى هدنة، ،..و... فبعد كل هذه السنوات فى الحياة لابد أن يمتلك المرء وعياً بحقيقة الحياة حلوها ومرها، وصيرورتها التى لاتهدأ تحت أى ظروف مفرحة أو كئيبة!
أطلقت العنان لتأملاتى، تحت ظلال مشاهد تتوالى دون توقف، وكأنها أوراق شجر فى مهب ريح!
لاصلوات فى المساجد، لكن هناك من أدى صلاة عيده فى شوارع جانبية، أو على سطح منزله، وسط أصداء التكبيرات الصادرة من مكبرات صوت تصدح من المساجد المحيطة.
نشرات الأخبار تحمل «مايعكنن»، فالصلاة فى الأقصى تحت حصارين الاحتلال وكورونا!
واردوغان يتقدم الصفوف فى «آيا صوفيا» بعد أن حولها من كنيسة ومتحف إلى مسجد، وكأنه انهى كل معاناة للمسلمين فى العالم، واستعاد القدس من غاصبيها!
بهجة العيد غائبة اينما وليت وجهى، الكاميرات تنقل من عواصم الدول الاسلامية مظاهر محدودة لاحتفالات فقيرة، لأن «كورونا» يفرض روحا تخاصم الفرحة هنا وهناك!
أما هدية منظمة الصحة العالمية، فكانت «بشري» بأن تأثير «كورونا» لايستثنى قلب الانسان ولا أوعيته الدموية، والعبدلله قلبه عليل.
فى سوريا والعراق، وليبيا واليمن، وبقاع أخرى عديدة، تسلب الاحزان أى معنى للفرح!
فى افغانستان نحر للمسلمين بايدى إخوانهم، بفعل قصف من مدفعية الجيران، وكأن وحشية «طالبان» لاتكفي!
فى السودان تحالف غضب الطبيعة، مع الاهمال، و«سد النهضة» الاثيوبى، لينهار سد على النيل الازرق، وتحدث موجة نزوح هائلة من منطقة كانت ملاذاً آمناً للنازحين على مدى عقود!
رغم ذلك لايكف المرء عن البحث من حوله عما يفيض بقدر من بهجة، يشعر معها أنه فى يوم عيد، ابتسامة حفيد لايدرك ما يدور حوله، عصفور يحط فوق الشرفة، أغنية يبثها التلفاز منذ كنت فى عمر الحفيد، كلمات بسيطة تندفع من أفواه اناس طيبين، مازالوا على سجيتهم يسألهم مذيع عن يومهم كيف يكون؟ وردودهم البسيطة تؤكد أنهم لم يفكروا للحظة أن يسألوا أنفسهم: بأى حال عدت ياعيد؟!
عاجل للواء جمال عوض
الخميس «6 أغسطس»:
استدعاء مفهوم الصدمة لوصف مارأيت فى أحد مكاتب هيئة التأمينات، لايحمل فى طياته أدنى مبالغة!
قادتنى قدماى إلى أرشيف المكتب، فلم أصدق ما أرى من أهمال لا مثيل له، يعنى فى الحقيقة ضياع حقوق لمن أصبح فى أشد الحاجة للحصول على حقه، بعد مشوار وظيفى دفع خلاله أجمل سنوات العمر.
المثير للدهشة والاستهجان معاً، انه فى ظل الاهمال الرهيب لحفظ الملفات، لايعترف أى موظف إلا بالمستند الورقى عند حساب الحقوق التأمينية، التى يتم على حسابها تقرير معاش من بلغ السن، وحان وقت تقرير حقه، من واقع مدد بعضها فى القطاع الخاص، وأخرى بالحكومة، وثالثة مشتراه.
مايسمى ««برنت تأمينات» يحدد - بالخدمة الرقمية على الشاشة - لا بالعام أو الشهر وانما باليوم كل فترة، لكن عندما تحين لحظة تحديد المعاش، يكون المطلوب «كعب داير» على كل مكتب ليقدم - من جديد- ورقياً الفترة التى قضاها الموظف فى تبعيته لهذا المكتب، وقد يتطلب الأمر سفراً بعيداً!
الأخطر؛ أنه خلال تلك الفترة يفقد المحال للمعاش مظلة التأمين الصحى تماماً، بعد ايقاف بطاقته القديمة، وعدم حصوله على البديل الذى يرتبط بانهاء جميع اجراءاته مع هيئة التأمينات، ولو بصورة مؤقتة رفقاً بحالته الصحية.
هل من آلية لفض الاشتباك بين الأمرين؟ ثم ألا يكفى غياب الغطاء المالى مع انقطاع المرتب، وعدم الحصول على المعاش، ليفقد المحال للمعاش حقه فى رعاية صحية ودواء للكثيرين ممن يعانون أمراضاً مزمنة لعدة شهور لا يعلم مداها إلا الله؟!
الهيئة يصدق بحقها المثل الشهير «من بره الله الله، ومن جوه يعلم الله»، وأصبح الأمل فى ثورة اصلاح شامل، يتعلق بتفعيل خطة اللواء جمال عوض لادخال الهيئة العصر الرقمى فعلياً،بالتوازى من اهتمام بصقل مهارات البشر، وضرب عنكبوت البيروقراطية والروتين المقيت دون هوادة.
الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية يجب ان تتعامل مع الناس، فى نهاية مشوارهم الوظيفى على انهم جديرون بالاحترام والرحمة والتقدير، وهذا ما ننتظره بعد ترؤس اللواء جمال عوض للهيئة، وإنا لمنتظرون.
الرهان على الشباب
الاربعاء «12 أغسطس»:
ثمة مناسبات يجب أن تتجاوز الحفاوة بها المراسم الاحتفالية.
«اليوم العالمى للشباب» مناسبة تنتمى لتلك النوعية.
مجتمعات عديدة فى العالم الأول تعانى الشيخوخة العمرية، بينما نحظى بميزة كون نصف سكان المحروسة من فئات سنية تحت ٢٥ عاما.
كيف يتحول «الكم» إلى «كيف»؟.. تلك هى المسألة.
انتمى إلى جيل كان شعوره بالانتماء راقياً، ووعيه بأن له دوراً ايجابىاً فى الحياة العامة ليس اختيارياً، لكنه وجوبى.
لم يكن ذلك الأمر نابعاً فقط من حب للوطن، ولكنه انعكاس- أيضا- لمناخ عام، وتفاعل بين العام  والخاص.
ربما كانت المؤثرات التى تصنع المشهد الشبابي- على الجانبين- مغايرة للحظة التى يحياها الابناء، ناهيك عن الاحفاد، إلا أن وجه التشابه الذى مايزال قائماً ربما يتمثل -الى جانب اعتبارات أخرى مهمة- بالرغبة فى تأكيد الذات، والسعى لحياة أفضل يشارك الشاب فى صياغتها.
أمر طيب أن تستعد وزارة الشباب لاطلاق منصة للعمل الشبابى المتكامل، عنوانها «كياني»، إلا أن استيعاب دور الشباب يتطلب -يقيناً- العديد من المبادرات والبرامج.
الاحزاب، ومنظمات العمل المدنى، ووزارة الثقافة،..،... والعديد من المؤسسات عليها أن تبدع فى تقديم مايجذب الشباب للانخراط فى العمل العام.
الشباب يظل رهان المستقبل، لكن حتى يكون الرهان مجدياً، يجب امتلاك تصور قابل للتفعيل يربطه بعجلة التنمية، والارتقاء بالبناء الاجتماعى والسياسى للوطن، شرط ان يتم ذلك بالترحيب برؤاه وأفكاره وأحلامه وإبداعاته.
إنهم حقا كبار
الجمعة «١٤ اغسطس»:
الرغبة وحدها لايمكن أن تكون جسراً يعبر عليه الشاب صوب حلمه. تبقى الامكانية الحقيقية الضمانة الاكيدة ليحقق الانسان مايصبو إليه. فى المسافة بين الرغبة بلاقدرة، والرغبة دون امتلاك الامكانية قد يندثر الحلم، وينهزم الطموح، لأنه لايستند إلى أساس متين.
الكلام فى هذا السياق، يرتبط بالثانوية العامة، ومجاميعها العالية التى لاتعكس المستوى الفعلى لمعظم من اجتازها!
كنت لا أنوى تناول هذه الحكاية، إلا أن ما قرأته على لسان علاء رجب الأول مكرر علمى أزهر، دفعنى فى اتجاه آخر، فالطالب المتفوق يؤكد أن مثله الأعلى هو العالم جابر بن حيان.
قبل نحو أسبوع قرأت أمنيات مشابهة: أحمد برعى أول الثانوية العامة علمى يحلم بتكرار تجربة د.مشالى طبيب الغلابة، وشهد محمد الأولى علمى مثلها الأعلى د. مجدى يعقوب.
ثلاثة نماذج مشرفة تدعو للتفاؤل، لأن أمثالهم سوف يشاركون فى صنع مستقبل أفضل لوطن جدير بهؤلاء، بعيداً عن الذين لايجذبهم إلا من يفيضون بالتفاهة والهشاشة، نجوم أغانى المهرجانات، ومن يبرعون فى تسويق أقدامهم، وسرعان ما يخبون فى الساحات والملاعب!
الأوطان تتقدم، وتتصدر، عندما تملك من بين أبنائها القادرين على تحديد أهدافهم، وامتلاك آليات الوصول إليها، ثم التفوق العملى بعد التميز العلمى.
إلا أن المسألة لايجب أن ترتهن بنماذج محدودة تعرف كيف ترسم مستقبلها، وانما عبر صياغة نظام تعليمى هدفه طالب عينه على النجاح فى حياته العملية، لا احتلال المقاعد الأولى فى صفوف المتقدمين، ثم يكون مجرد رقم فى طابور الموظفين.
اختيار القدوة مؤشر لايخطئ صاحبه الطريق الذى رسمه، إذا دقق فى الاختيار، فكان صغيراً فى عمره، كبيراً فى فعله.
جريمة النصف تريليون
السبت «15 اغسطس»:
كيف حدث ذلك؟
نصف تريليون جنيه تم الاستيلاء عليها، خلال نحو 10 سنوات، وعلى مدى عقد من الزمان تقريباً، لاحس ولاخبر حتى سقطت شبكة فساد استهدفت ممتلكات الدولة بشكل منظم، فأين كانت الهيئات التى تتبعها هذه الممتلكات؟ وأين كانت الأجهزة المعنية بحمايتها ومتابعة أى انحراف؟
17 متهماً سوف يقفون فى قفص الاتهام لمحاكمتهم- بعد أيام- لكن خارج القفص آخرون تواطأوا، أو أهملوا، أو صمتوا، لايجب استثناؤهم من الحساب والعقاب.
نحن بصدد ضياع حقوق الشعب بواقع 50 مليار جنيه سنوياً، لفترة تتجاوز العشر سنوات، وتشكيل عصابى يعمل بثبات واستمرار، ودون رادع أو خوف من عاقبة جُرم منكر.
نظرة على المواقع المتميزة لممتلكات الدولة التى كادت تضيع، لابد أن تشير إلى آخرين مازالوا بمنأى عن الرصد، ومن ثم الحساب، وتلقى الجزاء العادل لافعالهم المؤثمة.
التشكيل العصابى استولى على أراض بالجيزة، و6 اكتوبر، والبدرشين، بعضها مملوك للأوقاف، وأخرى للاصلاح الزراعى، وثالثة لهيئة المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة!
صحيح أن العصابة تعاملت باحترافية شديدة عبر التزوير والتلاعب فى المستندات، والتوقيعات المضروبة،..،... لكن يظل السؤال الحائر يلح على كل ذى عقل:
هل كانوا يتحركون بحرية شديدة فى الفراغ؟ وكيف كانت الأعين المفترض أن تكون يقظة غافلة عن قصد، أو نامت بعد أن راحت ضمائر كثيرة فى سبات عميق ليتحرك المجرمون دون أى خوف من العواقب؟
قلبى وعقلى يحدثاننى بأن ثمة مفاجآت مثيرة سوف تتفجر، بعد ان يبدأ نظر القضية الموصوفة بأنها أكبر قضية فساد.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة