كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الشيوخ بروفة للنواب!

كرم جبر

السبت، 22 أغسطس 2020 - 07:10 م

كان المصريون يقاطعون الانتخابات فى السنوات السابقة بحجة التزوير وأن الحكومة تقوم بالتصويت نيابة عنهم، فلماذا لا يذهبون الآن رغم نزاهة الانتخابات، وعدم إمكانية تزوير صوت واحد؟
كنا نتمنى ان يكون الاقبال اكثر من نسبة الـ 14.5%، ولكن يبدو أن أسباباً كثيرة ادت لذلك:
أولاً: كورونا والخوف من الازدحام والعدوى، رغم الإجراءات الاحترازية، وهذا ليس السبب الرئيسى بدليل امتلاء الأسواق والمولات والمطاعم وغيرها بأعداد كبيرة من الزبائن.
ثانياً: ضعف المنافسة بين الأحزاب السياسية، فلا أحد يعرف من هو المرشح ولا الحزب، وكان ذلك نتاجاً لـ 25 يناير وما قبلها، حيث افتقدت الأحزاب تميزها وتأثيرها فى الشارع، وانصرف الناس عنها وهجروا مقارها.
ثالثاً: حالة الهدوء التى تسود البلاد، التى تصل إلى حد الاسترخاء فى النشاط الحزبي، فلم نسمع عن حزب أو مرشح قدم برنامجاً انتخابياً، أو طرح أفكاراً للنقاش، وكان معظم المرشحين مجهولى الهوية وليس لهم سابقة أعمال حزبية.
رابعاً: إحساس الناس بأن الدولة والحكومة هم أصحاب الحل والربط والتصدى للمشاكل والأزمات، وليس الأحزاب السياسية التى جرفتها رياح يناير ولم تبق منها شيئا، فلماذا يذهب الناس لانتخاب أحزاب ليس لها مفعول أو تأثير؟
خامساً: ضعف العصبيات والقبليات والعائلات التى تميز مرشحى مجلس النواب، ولم تتوافر مثل هذه المنافسة فى الأسماء المرشحة فى مجلس الشيوخ، ولم يسع المرشحون إلى حشد مؤيديهم وحفزهم.
سادساً: الانطباع السائد بأن مجلس النواب هو الأهم، وصاحب النفوذ والتشريعات ويحضر اجتماعاته الوزراء، أما الشيوخ فعبارة عن مجلس للحكماء أصحاب الرؤى والأفكار ولا علاقة لهم بالمشاكل الحياتية للناس.
أياً كانت النسبة ففى كل بلاد الدنيا، الديمقراطية لمن يمارسها، ومن يحرص على عدم التفريط فى حقوقه الدستورية والقانونية، أما من يفضل التكاسل والجلوس فى مقاعد المتفرجين فليس له نصيب فى الكعكة.
المتوقع أن تختلف نسبة الحضور فى مجلس النواب، لزيادة أعداد المرشحين، وحرص كل مرشح على حشد أنصاره ومؤيديه، علاوة على تجسيد العصبيات والعائلات، وحرصها على أن يكون لها تمثيل فى البرلمان.
غير أن الظاهرة اللافتة، هى الإقبال الكبير للشباب على الترشح والتصويت، وإحساسهم بأن المستقبل لهم وأن من حقهم أن يتمسكوا بالفرص المتاحة ولا يضيعوها، خصوصاً أن أعداداً كبيرة منهم هم المتواجدون بالفعل بين الناس والتعبير عنهم.
والمتوقع أن تكون نزاهة انتخابات الشيوخ محفزاً للتواجد الكبير، بعد أن شاهد الناس بأنفسهم مدى الحيدة والشفافية والحرص على تسهيل إدلاء الناخبين بأصواتهم، والمظاهر الاحتفالية الإيجابية فى بعض اللجان.
الشيوخ بروفة للنواب، بروفة ناجحة رغم قلة الحضور، وأهم إيجابياتها قياس مصداقية الدولة فى إجراء انتخابات تتمتع بأقصى درجات النزاهة والحياد، وهذا الأمر قد يفتح شهية المترددين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة