هل شعرت يوما أنك محبوس داخل قفص ؟! أو إنك عالق في طاحونة وتتمني أن يأتي اليوم الذي يتغير فيه كل ما حولك ؟! كانت تلك الأسئلة بوابة العبور إلي هذا الكتاب الذي وقع بين يدي وأردت أن أشارككم أفكاره ، لكي يساعدكم علي وضع أقدامكم علي طريق اكتشاف الذات.
إننا نحتاج حقا للتفكير خارج الصندوق حتي نخرج من دوامة المشاكل اليومية ، ونهرب من كابوس الضغوط والإرهاق الذي يضعنا دائما علي حافة الهاوية ، ويسجننا داخل متاهة اسمها الحياة ، وقبل أن أصحبكم في رحلة داخل سطور هذا الكتاب أود أن نسأل أنفسنا : إن لم يكن لدينا الوقت الكافي لكي نحقق ما نريد ، فمتي إذن سنجد هذا الوقت ؟! وما مدي الإحباط الذي يمكن أن نشعر به إذا أهدرنا سنوات عمرنا دون أن نفعل ما نريد؟ ومتي يحين الوقت لتكون الأولوية لنا في التغيير ؟!
إن كل يوم يمر من حياتنا لن يعود، وسنشعر بندم كبير علي هذا الوقت الضائع، مثلما شعرت «ماري جوفاني» مؤلفة كتاب «التفكير خارج الصندوق» ، تلك المرأة التي خاضت تجارب مريرة ومؤلمة ، لا لشيء سوي أن حياتها كانت مليئة بالفراغ والظلمة ، وظلت سنوات حبيسة للشعور بالاضطراب النفسي وعدم الثقة بذاتها ، حتي وصلت إلي حالة شديدة من الاكتئاب ، وظلت تصارع طويلا حتي خارت قواها في لحظة وأقدمت علي الانتحار ! فقد كانت المشاكل العائلية التي طوقتها بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وإن كان هذا القش حينذاك يبدو كأحمال ثقيلة، تكاثرت فوق كاهلها وأنهكتها، وتركتها مجرد حطام إنسان لا يملك إرادة الحياة !!
كان قرار انفصالها عن زوجها بعد 23 عاماً ليس بالأمر السهل ، حيث دفعها للإحساس بالذنب والخوف والقلق ، ولكن الصدمة الأكبر والأكثر إيلاما تمثلت في رحيل ابنتها الوحيدة عن البيت للالتحاق بالجامعة ، والاستقلال بحياتها ، وبهذا فقدت «ماري» أعز صديقة لها ، وأنتابها إحساس بالوحدة والغربة، وبأنها شخص منبوذ فاقد للأهلية والتفكير السليم ، ولم تفكر وقتها سوي بالألم المبرح الذي كان يعتصرها بعد سنوات من التعاسة ، وفقدان الحب والاهتمام وانعدام القيمة والمعني الحقيقي لحياتها ووجودها ، فقد كانت تؤدي واجباتها وتبذل كل جهد تستطيع من أجل الآخرين ، لكن لا أحد يعبأ بها وبمشاعرها ، لذا قررت أن تترك رسالة تعبر فيها عن مأساتها التي لم يشعر بها كل من حولها ، وعن غضبها المكبوت سنوات طويلة ، وفي خضم تلك اللحظات المؤلمة ، سمعت صوتا يأتي من أعماقها يرجوها بالتخلي عن فكرة الانتحار ، والتمسك بالحياة من أجل ابنتها الوحيدة ، تلك الفتاة التي كانت وراء إنقاذ حياتها مرات عديدة ، حيث كان دائما إدراكها بأنها ستترك طفلة صغيرة بلا أم ، بمثابة طوق النجاة الذي يمنعها من الإقدام علي الانتحار ، وإنهاء حياتها في اللحظات الأخيرة .
وفجأة تحولت دموعها وآلامها إلي صراخات شقت سكون الليل ، وتبدلت مشاعر الضعف والاستسلام ، لتحل مكانها قوة وإرادة عظيمة ، وقررت أن تغير حياتها ، ولكن كيف غيرت مسار حياتها ، وكيف خرجت من الصندوق ؟! والإجابة ببساطة أنها بدأت تستمع لصوت قلبها ، وتتحدث بصراحة مع نفسها ، فأدركت إنها كانت تعيش حبيسة لصناديق لتوقعات الآخرين ، تلك الصناديق التي كانت تضيق الخناق عليها وتقتلها ببطء ، وتحدد معالم شخصيتها وفقا للأدوار التي يؤديها في الحياة ، ما بين وظيفتها وعملها التطوعي وزوجها وابنتها ، كانت تعمل فقط لتلبية رغبات الجميع علي أمل أن يزيد حبهم لها ، ولم تكن تدرك أنها غير صادقة مع نفسها ، لذلك كان عليها أولا الخروج من هذه الصناديق ، والاختيار ما بين الصراع أو الفرار !!
اختارت ماري الفرار بعيدا قبل فوات الأوان وقررت أن تتولي مسئولية نفسها وأن تصنع حياة مختلفة، وللحديث بقية .