مخالفات البناء تصل إلى نقطة النهاية
مخالفات البناء تصل إلى نقطة النهاية


تعديات بالجملة على أملاك الدولة وانتهاك للرقعة الزراعية

لا تهاون ولا تراجع| مخالفات البناء تصل إلى نقطة النهاية «ملف»

محمد وهدان- محمد العراقي- محمد قنديل- ياسمين سامي- شريف الزهيري- أميرة شعبان

الأربعاء، 02 سبتمبر 2020 - 04:01 ص

- بالأرقام.. 3 ملايين عقار مخالف ومليون و900 ألف تعد على الرقعة الزراعية

- «المساجد والمقابر» الوسيلة الأشهر لتبوير الأراضى

- خبراء الاقتصاد: عبء على «الميزانية»

- أساتذة الاجتماع : سبب ظهور جرائم غريبة عن المجتمع

- سياسيون : تعرقل مسيرة الدولة وتهدد الأمن القومى

- الخبراء: لا تقل خطورة عن العمليات الإرهابية .. وهناك توجيه رئاسى بالتعامل بكل حسم

 

«دى أرضنا وبناكل منها انت بتعمل كدا ليه؟! عاوز إسكان بنعمل إسكان ومستعدين نعمل أكتر من كده»... بهذه الكلمات كرر الرئيس عبد الفتاح السيسى نداءه للمواطن المصري، الذى استباح التعدى على أملاك الدولة والأراضى الزراعية، وتمادى فى البناء المخالف.. وخلال السنوات الماضية الأخيرة كانت ومازالت أجهزة الدولة فى حرب شرسة مع المخالفين ممن استباحوا البناء دون مراعاة لقانون أو لعرف أو لمظهر حضارى للبلاد،أو حتى رأفة بأرواح من يدفعون ثمن تلك الوحدات المخالفة، إلا أن الأمر لم يتوقف فالمتحايلون على القانون يجدون ألف طريقة وطريقة لمحاربة جميع أشكال الانضباط.. وفى هذا الملف تحاول «الأخبار» فتح أزمة «البناء المخالف» وما ينتج عنه من أزمات أمنية واجتماعية غير منتهية، وكيف تصدت الدولة لهم فى حرب لا تقل أهمية عن الحرب على الإرهاب.

 

«سرطان ينهش مصر»
«الدولة تعانى من التعديات والبناء غير المخطط، وهناك من يتألم من إجراءات الدولة لضبط مخالفات البناء سواء على الأراضى الزراعية أو بدون تراخيص» كلمات للرئيس عبد الفتاح السيسى قالها خلال افتتاح عدد من المشروعات القومية بالإسكندرية، وهى قضية سببت أضرارا عديدة على الدولة والمواطن بسبب التعديات على حقوق الدولة تعود آثارها بعد ذلك على المواطن، لخطورتها وأهميتها البالغة.

 

وفقا للبيانات الصادرة من وزارة الزراعة عام 2019، فإن خلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى يوليو 2018 بلغت حالات التعدى مليونا و900 ألف حالة على الأراضى الزراعية، وفى عام 2017 أصدرت وزارة التنمية المحلية تقريرا خاصا بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية ورد فيه أن عدد المبانى المخالفة تقدر بقيمة 257 ألف مخالفة مما يعنى تقليل مساحة الرقعة الزراعية المستخدمة للزراعة.

 

تحد كبير يواجه الدولة المصرية وقد يكون بنفس خطورة سد النهضة على مصر، هذا ما أكده الرئيس السيسي، قائلا: « مفيش حد بيتكلم فى الموضوع ده وأنا مش طبيعتى كده معاكم يا مصريين، إحنا قدمنا تحدى بطلعه قدامكم وأقول التحدى ده خطير عليكم.، اللى واضح لينا موضوع المياه لكن اللى مش واضح لو استمرينا بالشكل ده فى التعديات على الأراضى الزراعية، لو استمرينا كده عمرنا ما نوصل لنسبة 100% فى تغطية المرافق، والكلام ده فى منتهى الأهمية الأرض الزراعية اللى بتدمروها دى هى اللى بتسكنوا جنبها دلوقتى طيب هتشتغلوا فين بعد كده، انتبهوا للتعدى على الأراضى الزراعية».

 

كما أن قضية التعدى على أراضى الدولة خاصة الزراعية لاقت اهتماما كبيرة من الرئيس حيث قال: «أرجو إن إحنا مع المحافظين الكلام اللى بنقول عليه ونتحرك بسرعة مع المواطنين علشان ننهى هذا الملف وعلشان ننظمه فى الدولة وميبقاش فيه حجم هذا التجاوز بنتكلم فى 700 ألف مخالفة، لو قولنا كل مخالفة بأسرة يبقى بنتكلم فى ملايين المتأثرين من خلال الإجراءات القانونية وتأثير ذلك على الدولة»، مشددًا على أن الأمر اذا استدعى نزول الجيش إلى قرى مصر سيحدث ذلك، وأن لدينا علم وتكنولوجيا تمكننا من رؤية مصر منذ ١٠ سنوات.

 

وأوضح الرئيس: يبقى شايف من الأرض والتقارير الناس تسور قيراط ولا قيراطين ويبقى كده امتلك أرض مباني، الأراضى الزراعية بالرى الحديث ويجيب عائد أكتر من كده، المدن الجديدة عملناها علشان نقول للناس فيه ظهير صحراوى موجود، اللى بيحصل ده هيدمر الكثير من قدراتنا، الأراضى الزراعية ومخالفات البناء هوا فيه حد بيبقى ماشى بعربيته ونقوله ادفع بيبقى مبسوط.. لأ طبعا، إحنا مخدناش إجراءات حادة من غير إنذار.. لأ إدينا مهلة وحجم الناتج اللى اتعمل فى المصالحات خلال المدة دى كلها، 10% أو أقل ودول حصل تعدى يتجاوزهم، هنبقى فى دائرة مفرغة، الموضوع ده مش مسئولية الحكومة بس ولا الرئيس بس دى مسئوليتنا كلنا نحافظ على بلدنا، اللى إحنا فيه مش فى مصلحتنا.

 

يذكر أن آخر حصر لوزارة الإسكان عام 2018، كشف أن حجم التعدى بلغ 2 مليون و800 ألف عقار مخالف، ووصل إلى 3 ملايين عقار مخالف، وفق لتقديرات لجنة الإسكان بمجلس النواب، ورصد التقرير انتشار العقارات والمناطق العشوائية فى 226 مدينة تشكل القطر المصرى، ووصلت نسبة العشوائية من المبانى إلى 40% وذلك فى محافظات الإسكندرية والشرقية والقاهرة والجيزة والقليوبية والتى تعد أكثر المحافظات فى انتشار المبانى العشوائية.

 

حيل وألاعيب للتحايل على القانون

حيل عدة ابتدعها منعدمو الضمير من تجار الموت من مقاولين البناء المخالف والمعتدين على أملاك الدولة بهدف التحايل على القانون والسطو على أراضى الدولة من خلال عقود مزورة أو بناء مسجد أسفل العقار المخالف وغيرها من الحيل التى أتقنها تجار البناء المخالف لجنى الأموال على حساب أرواح المواطنين.
فقد تفننوا فى السطو على أراضى الدولة واستغلوا فترة عدم الاستقرار فى ارهاق مرافقها وظنوا أنهم فى أمان من القانون، كما انتهكوا حرمة الموتى لتحقيق لمكاسب دنيوية واستغلوا المشاعر الدينية.


الكحول
يعد «الكحول» هو كلمه السر الأشهر وأكثر أنواع التحايل استخداما فى أعمال البناء المخالف، فقد أعتاد المقاولون على الهروب من المساءلة القانونية من خلال استغلال أحد البسطاء ليكون المالك للأرض والعقار «صوريا» ليتحمل هذا الكحول كافة الأضرار القانونية المترتبة على البناء المخالف، وذلك مقابل مبلغ من المال يتم الأتفاق عليه مع المالك الحقيقى « المقاول».


ودائما ما يتم اختيار الكحول بمواصافات خاصة فعادة ما يكون شخص «رجل أو سيدة» أستغل المقاول فقره أمام مبلغ بسيط من المال قد لا يتعدى 10 آلاف جنيه مقابل الحصول على توقيعه على شراء الأرض والعقار المخالف ليكون فى الواجهة أمام أى مشاكل قانونية بينما يتربح المقاول من الخلف من خلال توكيل عام لبيع الوحدات السكنية وإنهاء إجراءات البناء.


وقد واجهت النيابة العامة فى الفترة الأخيرة هذه الظاهرة وخاصة فى محافظة الإسكندرية وذلك من خلال تعقب الملاك الحقيقيين للمبانى المخالفة والقبض عليهم والتحقيق معهم بعيدا عن الكحول.


استغل البعض «حرمة المساجد» فى البناء المخالف على الأراضى الزراعية أو أملاك الدولة وذلك دون الحصول على التراخيص اللازمة لذلك، حيث قام العديد من المواطنين ببناء مسجد على الأراضى الزراعية والبناء أعلى المسجد شقق سكنية وذلك بهدف إجبار المسئولين على عدم هدم العقار المخالف.


مساجد
بينما لجأ آخرون إلى بناء المسجد بالقرب من المنطقة السكنية على أراض زراعية ليستغل المساحة الواقعة بين المسجد والمنازل لبيعها وتحقيق أرباح بالملايين، دون مراعاة لحرمة المسجد واستغلاله فى تحقيق أرباح مالية أو الهروب من قرارات الهدم وإحراج المسئولين واستغلال مشاعر المواطنين الرافضة لهدم المسجد للتعدى على الأراضى الزراعية وتجريفها.


مقابر مضروبة
لم يتوقف ذكاء البعض فى محاولات التحايل على القانون عند ذلك، بل وصل الأمر إلى بناء قبور وهمية وفارغة فى الأراضى الزراعية كبداية لتحويل تلك القطعة الزراعية إلى مقابر وبيعها وتحقيق أرباح مالية ضخمة.


فقد شهدت عدد من المناطق فى الدلتا والصعيد قيام البعض ببناء مقابر داخل الأراضى الزراعية واحده تلو الأخرى واستغلال حرمة الموت لمنع هدم تلك القبور المخالفة والتحايل على القانون بهدف تحقيق أرباح مالية كبيرة.


وعمل العديد من المسؤولين على متابعة كافة أعمال البناء من البداية والتصدى لمثل تلك المخالفات من خلال الرصد السريع والتحرك لوقف أعمال البناء أولا بأول.


«ضياع مستحقات مالية ضخمة على الدولة»

أضرار مخالفات البناء كثيرة لا تتوقف عند تشويه المظهر الحضاري، بل تلقى بظلالها السلبية على النواحى الاقتصادية وخزينة الدولة، فكيف يتأثر الاقتصاد بهذه المشكلة، وما آلية التعامل معها لتقليل الأضرار والتكلفة؟
يؤكد د. عبد المنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن مخالفات البناء تنعكس بشكل سلبى على الاقتصاد، مشيراً إلى أن المشكلة بدأت فى الانتشار منذ عام 2007 وازدادت بشكل مبالغ فيه بعد عام 2011 استغلالاً لفساد المحليات خاصة الرسوم الهندسية، فضلاً عن ضياع هيبة الدولة آنذاك.
ويضيف أنه تم تبوير ما يقرب من 885 ألف فدان من الأراضى الزراعية والبناء عليها بشكل مخالف، مما ترتب عليه أضرار جسيمة فى الحصيلة الزراعية ونقص الإنتاج الزراعى للدولة وهو ما دفع الدولة للتوجه إلى استيراد بعض المحاصيل لسد العجز وهو ما أضاف عبئاً على ميزانية الدولة.


تكلفة كبيرة
ويتابع رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أنه من الآثار السلبية لمخالفات البناء، توسع الدولة بعملية استصلاح الأراضى الزراعية لتعويض مساحة الرقعة الزراعية التى فُقدت نتيجة المخالفات الفجة، ويرجع ذلك إلى أن استصلاح الفدان الواحد يستلزم تكلفة تتراوح من 500 إلى 700 ألف جنيه، ولذلك تمثل تكلفة كبيرة.


ويقول السيد إن التحايل فى تراخيص البناء يضيع مستحقات مالية ضخمة على الدولة، فبناء طوابق إضافية بشكل مخالف يعد تحميلا على البنية التحتية والمرافق مثل الكهرباء والمياه وغيرها، فضلاً عن تأثيره السلبى على حصيلة الدولة من الضرائب، كما يعد تشجيعا على فكرة تنامى العشوائيات والمظاهر غير الحضارية.


ويشير إلى فكرة أخرى خطيرة تنعكس بالسلب على الاقتصاد تتمثل فى مشروعات البنية التحتية والتطوير التى تجد عوائق بسبب مخالفات البناء، فالتصميمات الهندسية للمشروعات تصطدم أحياناً بوجود أبنية مخالفة غير مطابقة للتنظيم الهندسى للمكان، مما يزيد من حجم الإنفاق الاستثمارى للتغلب على هذه العوائق، فعلى سبيل المثال محور المريوطية وظهور اعداد كبيرة من المبانى المخالفة ملتصقة بالطريق.


خدمات الدولة
يتفق معه فى الرأى د. خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، فيقول إن مخالفات تراخيص البناء تعد بمثابة استنزاف للبنية التحتية من مشروعات الصرف الصحى والكهرباء والمياه والغاز وغيرها، وتعد سرقة لخدمات الدولة المقدمة للمواطنين، مما يشكل أضرارا على الاقتصاد وميزانية الدولة، بالإضافة إلى كونها تشوه عمرانى يفسد مظهر المجتمع.


ويضيف أن المشكلة ليست فى القاهرة الكبرى فقط، بل فى جميع المحافظات والمدن والقرى والنجوع، وينعكس ذلك بالسلب على الخدمات وجودة البنية التحتية وهو مايضع عبئا ماديا كبيرا على عاتق الدولة لمحاولة إصلاح هذه الأضرار، الناتجة عن سلوك البعض غير السوى فضلاً عن الفساد المتواجد فى الأحياء وغيرها من الأسباب.


ويشير الشافعى إلى أن قانون التصالح فى مخالفات البناء من شأنه تقليل التكلفة المالية لمحاولات إصلاح أضرار المخالفات وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، فمن المتوقع أن يعود هذا القانون بالمليارات فى خزينة الدولة جراء عمليات التصالح، كما أن الحكومة تسير بخطى ثابتة وحازمة فى هذا الملف الهام.

«سبب الجرائم»

لا تقف آثار البناء المخالف على إهدار موارد الدولة فقط، بل هناك إثار مجتمعية سلبية تهدد مجتمعا بأكمله، لذا تحدثت «الأخبار» مع خبراء علم الإجتماع لمعرفة الامراض الإجتماعية لهذه الظاهرة وتأثيرها على المجتمع.


فى البداية تؤكد د. هالة منصور أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن العشوائية هى ثقافة عامة فى السكن والمهن ؛ وكل ذلك مرتبط بمصطلح العشوائية ؛ وأضافت بان البناء المخالف على الأراضى الزراعية خلف الكثير من المناطق العشوائية التى سببت مشاكل كثيرة جدا فى المجتمع ؛ وأضافت منصور أن هذه الظاهرة خلفت أمراضا مجتمعية مثل الزحام والتكدس وظهور الجرائم الغريبة عن مجتمعنا المصرى ؛مشيرة إلى أن المشكلة تكمن فى فقر الفكر.


وأكدت أستاذ الاجتماع أن تحرك الدولة فى هذا الملف أمر بالغ الأهمية ؛ فبالرغم كل ماتنفقه الدولة من مليارات لبناء مدن ومجتمعات جديدة ؛ إلا أن سكانها يعتمدون على ثقافة الفقر وهى النظر للمال على ان يكنزه ولايصرفه ؛ وطالبت منصور من وسائل الإعلام المختلفة بعمل برامج للتأثير لتطوير المنظومة الفكرية لهؤلاء ؛ فالشخص حتى ولو كان جاهلا عندما يشعر بقيمته كإنسان سلوكه بيختلف.


وترى د.سامية خضر أستاذ الاجتماع بان هذا الملف فى الحقيقة يحتاج إلى إعلام توعوى مستمر ؛ مضيفة بان هذا الموضوع اهمل بطريقة كبيرة قبل مجيء الرئيس السيسى ؛وأشارت بأن اختفاء الرقعة الزراعية وبناء العشوائيات زاد خلال فترة مابعد الثورة وجعلت المواطن يشعر شعورا سيئا ؛ واكدت خضر أن البناء المخالف على الأراضى الزراعية جعل هناك مجتمعات قائمة على تجارة المخدرات وتنشر بها الجرائم الغريبة عن مجتمعنا المصرى بشكل لانستطيع ان نتصوره ؛ مشيرة إلى أن هذه المناطق تنشأ بها أجيال غير سوية فالإنسان ابن بيئته ؛ وأكدت أن أحد أهم أسباب تفاقم هذه القضية هى الهجرة من الريف للحضر ؛ وهى أحد أهم اسباب البناء العشوائى ؛ وأشارت بأن الرئيس السيسى نفذ مناطق عظيمة ومدن جديدة راقية مثل بشائر الخير والأسمرات والتى بدورها قضت على ملف العشوائيات بشكل كبير ؛ وماعمله الرئيس يدخل فى نطاق المعجزة.


وأكدت أن القضاء على العشوائيات يحتاج إلى ميزانية حرب؛ وعلى الإعلام أن يفتح هذا الملف ويقف بجانب الرئيس لحل هذه المشكلة ؛ فهذه المناطق تزيد الأزمة فى ملف الزيادة السكانية ويزداد فى هذه المجتمعات الأمية المعرفية والثقافية ؛ واختتمت أستاذ الاجتماع بأن البناء على الأراضى الزراعية معناه مجاعة على المستوى الطويل ؛ فمن لايجد قوت يومه لايملك قراره أو التحكم بمصيره.

 

«تعرقل مسيرة الدولة»

أكد أعضاء مجلس النواب أن مخالفات البناء لها اضرار لا يحمد عقباها تتسبب فى كوارث كبيرة قد تنال الامن القومي، فيؤكد اللواء أسامة أبو المجد، عضو مجلس النواب، أن مخالفات البناء خطر كبير يجب ان نتصدى له بكل ما أوتينا من قوة حتى لا نتجنب تفاقم الازمة ولتخفيف الاعباء على الدولة ولان استمرار هذه المخالفات يتسبب فى عرقلة مسيرة الدولة فى البناء.


ويوضح أن من أبرز المخاطر التى تتسبب فيها مخالفات البناء هى انها تخلق مناطق عشوائيه غير مخطط لها وغير صالحة للتواجد الآدمى لأنها غير مدروسة او تم تخطيطها بأسلوب علمى مدروس مما يتسبب فيما بعد فى خلق نوع من السلبيات فى السلوك والذى ينتج عنه فيما بعد انتشار للجرائم والحوادث والتى يتسبب فيما بعد بحدوث خلل أمنى كبير نتاج عدم القدرة على السيطرة عليها.


الأمن القومى
ويشير إلى أن هذه العشوائية فى التخطيط قد ينتج عنها مشاكل كارثية اذا ما صادف وحدث حادث ما كالحرائق والتى نتاج عدم التخطيط الجيد فى انشائها وضيق معظم شوارعها ناهيك على ان معظم المبانى المخالفة متلاصقة قد يتسبب هذه فى احداث كارثة انسانية بكل المقاييس سيكون نتيجتها ضحايا بالجملة.


يقول محمد الحصي، عضو لجنة الاسكان بمجلس النواب، إن أضرار مخالفات البناء كثيرة ومتنوعة وتتسبب فى مصائب كثيرة والاهم من هذا كله ان هذه المخالفات تبدد جهود الدولة فى البناء لانها تسبب فى ارهاق مرافق الدولة. ويوضح أن أبرز هذه الاضرار هى ان هذه المخالفات تتسبب فى تآكل الرقعة الزراعية وبالتالى فانها تتسبب فى تآكل حصة مصر من الغذاء والذى يسبب مشكلة وازمة فى توفير المأكل للمصريين مما يتسبب فى ارهاق ميزانية الدولة فى استيراد احتياجاتنا الزراعية


ويشير إلى أن تآكل الرقعة الزراعية ليست المشكلة الوحيدة التى تسببها مخالفات البناء بل هناك كارثة اكبر وهى ان هذه المخالفات تهدد الامن القومى المصرى نتاج مخالفة الكثير منها لقيود الارتفاع التى تقرها القوات المسلحة مما قد يتسبب بعد ذلك فى حدوث خلل فى عمل بعض الردارات ومن هنا تحدث الازمة.


ويضيف أن استمرار هذه المخالفات سيتسبب فى حدوث المزيد من المشاكل وارهاق الدوله لان هذه المبانى وجدت بطريقة غير عشوائية غير مخطط لها ومن هنا تحدث المشكلة لان هذه المبانى ستحتاج لمرافق كخدمات الصرف الصحى والمياه وهذه الخدمات إلى تم انشاؤها قد تم التخطيط لها لتكون مناسبة للاماكن المرخصة بشكل سليم واذا ما احتاجت هذه المبانى العشوائية لهذه الخدمات سيتسبب هذا فى ارهاق للشبكات. ويكمل انه نتاج هذا الارهاق سيتسبب فى تلف للبنية التحتية والتى تكلفت المليارات لانشائها او سيكون البديل هو انشاء صرف صحى غير آمن والسلبى كـ»البيارات» وبالتالى ستنتشر الاوبئه والامراض.

 


قانون التصالح
من جانبه قال اللواء محمد الغباشى، مدير مركز افاق للدراسات الاستراتيجية والسياسية أن قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع جاء ليقضى على ظاهرة البناء العشوائى المخالف، والتى تراكمت منذ سنوات طويلة خاصة ان فى 2019 كشفت وزارة الزراعة، إن إجمالى عدد حالات التعديات بالبناء على الأراضى الزراعية خلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى يوليو 2018 بلغت تقريبا مليون و900 ألف حالة تعد على الاراضى الزراعية وهذا ينذر بكارثة تهدد الامن الغذائى لان هذه المخالفات تسببت فى تبوير الأرض الزراعة، وهو ما يؤدى لخسارة مساحة كبيرة من الاراضى التى كان من المفترض لها أن يتم زراعتها والاستفادة منها، وطبيعى هذا الأمر نتج عنه ارتفاع لأسعار السلع الغذائية وزيادة الحاجة للاستيراد من الخارج. وأوضح أن حل أزمة تهالك البنية التحتية وشبكة الخدمات والمرافق يتوقف على ضرورة الوقوف على الأسباب الفعلية التى أدت لحدوث ذلك، ومن ثم يتم وضع اُطر الحل والقضاء على الظواهر السلبية التى تؤدى لتهالك شبكة الخدمات وانقطاعها المتكرر فى بعض الاحيان.. وأضاف أن الدولة انتبهت لهذا الأمر وعلى الفور تم إصدار القانون بشأن التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع للقضاء على ظاهرة النمو العشوائى وحل أزمة ظلت عالقة لسنوات طويلة خاصة ان المبانى العشوائية تستخدم المياه والصرف الصحى والكهرباء بشكل غير قانونى وهذا يؤدى إلى تهالك هذه المرافق كما تسبب فى ازمات اخرى عديدة منها المرور وتكدس المدارس نتيجة زيادة عدد الطلاب فى هذه المناطق.


واكد الغباشى ان الحكومة تقوم بتطوير المناطق العشوائية غير الآمنة، وغير المخططة ووفرت حياة كريمة للمواطنين فى هذه المنطقة واهتمت بتدعيم خدمات مياه الشرب ومشروعات الصرف الصحى وتسعى للقضاء على العشوائيات فى مخالفات البناء، التى تقام دون تراخيص او إشراف هندسي، موضحا أنّ المبانى تتم دون تخطيط عمراني، وعلى أماكن لا تتحمل البنية التحتية لها الأبراج الضخمة خاصة ان هناك تقارير تؤكد ان المبانى العشوائية المخالفة وصل عددها إلى 3 ملايين و240 ألف مبنى مخالفا والدولة مستمرة فى إعادة تنفيذ مشروع التنسيق الحضاري.

 

« لا تقل خطورة عن العمليات الإرهابية»

خلال السنوات الماضية عملت الدولة جاهدة على الضرب بيد من حديد لكافة المخالفين، لإعادة هيبة الدولة ووقف استنزاف مواردها، وهذا ما أكده اللواء دكتور محسن الفحام مساعد وزير الداخلية السابق واستاذ ادارة الازمات، موضحا ان هناك توجيها رئاسيا بالتعامل بصورة حاسمة جدا مع البناء العشوائى المخالف الذى دمر البنية التحتية والمرافق، وأضاف أنه سيتم تطبيق القانون على كل المخالفين والمعتدين على مقدرات الوطن.


وأشار إلى أن مخالفات البناء تمثل من وجهة النظر الامنية خطورة كبيرة لاتقل بالفعل فى خطورتها عن العلميات الارهابية بل أن البناء المخالف الذى ينتشر فى العديد من المناطق والاحياء يخلق مناطق عشوائية وتعتبر معامل تفريخ مستمر لانتاج العناصر المتطرفة بل الارهابية ونتيجة الفقر والجهل الذى ينشأ عليه اطفال وشباب تلك المناطق، حيث ان معظمهم يتولد لدية الشعور بانه مواطن من الدرجة الثانية وهو الامر الذى يترتب علية سهولة تجنيده والسيطرة عليه لصالح الجماعات الارهابية المتطرفة.


الأسلوب الأمثل
وأضاف أنه من ناحية اخرى انتشرت تلك المخالفات العديد من الظواهر السلبية والغريبة عن قيم ومبادىء الشعب المصرى موضحا « اتصور ان ما تقوم به الدولة حاليا هو الاسلوب الامثل والاقرب للمنطق بعدما ظهر تقاعس المخالفين على التجاوب مع تلك القرارات من تصالح فى مخالفات البناء».


وأشار إلى أنه يبقى دور الاعلام فى التوعية والمحليات فى التنفيذ والاجهزة الامنية فى المساعدة على حماية وتأمين القائمين على عمليات ازالة التعديات والمخالفات بالشكل الذى يحقق الهدف من تدخلهم والعمل على سلامتهم وسلامة المواطنين الذين يحاول البعض اثارتهم لمواجهة جهود الدولة واشار ان تطبيق القانون على المخالفين سوف يقضى على الفساد بكل اشكاله وصوره ويعيد الحياة الكريمة للمواطنين الذين تضرروا من مخالفات المبانى.


الحزم الشديد
أما د.حسام البرمبلى أستاذ الطرق والصيانة بجامعة عين شمس، أكد أنه لابد من الحزم الشديد ضد مخالفى البناء لكى تستقيم منظومة البناء والالتزام باكواد المبانى وقوانين البناء لكى تتحضر ولانتحول إلى العشوائيات واضاف انه متوافق تماما مع قرارات الدولة فى التصدى للمخالفين واوضح هذا سوف يضع الدولة فى حالة استيقاظ ضد المعتدين على اراضى الدولة وضد البناء بدون ترخيص. وأشار إلى أن المبانى التى تم بناؤها دون أخذ تراخيص وتجاهل من الملاك والمقاولين ذلك يضعهم فى مسئولية الامن والسلامة وعدم اتباع قواعد ونظم البناء ارتباطا بالمساحة والارتفاع وأى مخالفة لذلك يشكل عائقا على شبكات المرافق وتدميرها موضحا أن الحكومة تتصدى لهذه المخالفات لردع من تسوله نفسه لعدم احترام القوانين وأن الدولة عند مواجهتها لهذه العشوائية بدأت تاخد « نفسها « وتحضر لمواجهة العشوائية وتجاهل التراخيص والحماية المدنية.


واوضح أن عدم التزام هذه العمارات المخالفه بعمل جراجات لتستوعب سيارات السكان الجدد فى هذه المبانى المخالفة مما يؤدى إلى ركن السيارات فى الشوارع الجانبية والعمومية مما يتسبب فى عمل أزمات مرورية فى الأحياء تمتد إلى المدن الكبرى.


عصابات منظمة
من جهته اشار محمد عبد الرؤوف عضو مجلس ادارة اتحاد التشييد والبناء إلى أن هناك جرائم من المخالفات تم ارتكابها من قبل العصابات المنظمة لتحقيق مكاسب ضخمة بإنشاء أبراج ومساكن مخالفة مطالبا بمحاسبة هؤلاء وأن يدفعوا ثمن ما قاموا به وأنه من الضرورى وجود قانون بشأن الأحوزة العمرانية فى كل المحافظات واشار ان الدولة اظهرت العين الحمراء للمخالفين بتطبيق القانون بشكل واضح وحاسم دون تهاون.


وأوضح ان ضرورة صدور هذا القرار يرجع إلى استغلال بعض مقاولى البناء وبعض الاهالى للظروف التى تمر بها البلاد فى الفترة من 2011 وذلك بالقيام بأعمال البناء المخالفه سواء بترخيص أو بدون ترخيص مما أدى إلى ارتكاب العديد من المخالفات التى قد تؤثر على حياة المواطنين بجانب الضغط على البنية التحتية التى لاتستوعب هذا الكم الهائل من المبانى المخالفة التى قد تصل فى بعض الاحيان إلى ارتفاع يفوق الـ 12 دورًا فى شوارع لايتعدى عرضها 6 أمتار.


وقال الدكتور هشام سعودي، نقيب المهندسين بالإسكندرية، أن الدولة كان لديها الإرادة للتصدى لكافة أشكال التحايل على القانون للاستيلاء على اراضى الدولة أو البناء المخالف، وأوضح ان هذه الإرادة كانت نقطة أساسية فى وقف كافة أشكال التعدى بشكل كامل على مستوى الجمهورية ليبدأ بعدها محاسبة المخالف وإزالة التعديات.


 مؤكدا أن الحيل التى كانت تستخدم قديماً للهروب من العقوبة القانونية أو البناء دون ضوابط وقيود أو تبوير الأراضى الزراعية، قد أصبحت من الماضى فى ظل الإرادة القوية من الرئيس عبد الفتاح السيسى لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح من خلال التنظيم والمحاسبة

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة