د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

السادة المرتشون

د.محمود عطية

الخميس، 03 سبتمبر 2020 - 06:25 م

علماء نفس الجريمة يرون أن حالة العوز والبطالة عاملان أساسيان فى ارتكاب الجرائم.. وللأسف واقعنا لا ينسجم مع ما يراه هؤلاء العلماء..فعندنا كثرة من المتهمين من علية القوم ولا يعوزهم المال ولا الجاه ولا السلطة بل عندهم ما يكفيهم وأكثر من رواتبهم الحكومية وما يتبعها.. أظن أن هذا دليل عملى ومحلى على تهافت ما يقوله علماء نفس الجريمة..إذن حالتنا فريدة تحتاج مزيدا من البحث والدراسة.
مثلا.. هل أصحاب الأبراج التى تناطح السحاب على جانبى الطريق الدائرى والمخالفة لكل القوانين والأعراف المصرية فى حاجة لجنى تلك الملايين التى تمص دم الناس وتقف دليلاً على خرق القانون..وهل الأحياء كانت فى غفلة ورجال المحافظة قد أغموا أعينهم أثناء ارتفاع تلك الأبراج ضاربين القانون فى مقتل..أم أن الجيوب حين تنتفخ تتعطل القوانين وتكف الأبصار..وهل من يبنون على الأراضى الزراعية لا يعلمون أنهم بذلك يقتطعون أرضا كان يمكن ان تطعم المصريين وتغنينا عن سؤال اللئيم..وهل من يجرف الأرض الزراعية ليطرحها بأعلى الأسعار لايدرك إنها جريمة فى حق الشعب.. فهل أصحاب الأبراج ومجرفو الأراضى الزراعية فى حالة عوز وبطالة أجبرتهم على مخالفة القوانين..!
والمثير للدهشة أن توقيع العقوبة لم يمنع رشاوى المحليات المتكررة وخذ مثلا رؤساء حى مصر القديمة عدة مرات يتم القبض عليهم برشاوى.. إذن لابد من عمل إيجابى للبحث عن أسباب انتشار رشاوى المحليات حتى يمكن إيجاد وسائل لتقنينها حفاظا على النظريات العلمية.. وهل البناء على الأراضى الزراعية تم دون معرفة الأحياء.. أشك فى ذلك !
وهل يمكن تفسير ما يفعله هؤلاء المرتشون بأنهم عاجزون عن إدراك معنى الواجب والمسئولية وأنهم فاقدون للشعور بالندم أو الجرم وكلها تكوينات خلقية..عموما نحن لا نريد تفسيرا لماذا يصبح بعض المحليين مجرمين وضد المجتمع بقدر ما نحتاج من يبين لنا الأسباب التى تحجم الغالبية فى المحليات عن طلب الرشاوى.
ومن شهور قليلة مضت سمعنا عن أبطال جرائم الرشاوى وكلهم من أصحاب الحيثيات ولا يعوزهم المال ولا العمل بداية من رؤساء أحياء الدقى والهرم ونائبة محافظ الإسكندرية ومحافظ المنوفية السابق ورئيس لجنة مكافحة التهرب الضريبى بمركز «مارينا العلمين» ومن قبل وزير زراعة وغيرهم وهم كثر وتقدم دليلاً دامغاً على مدى تهافت نظريات العوز والبطالة..وحتى نظرية العالم لامبروز فى أوصاف المجرمين بأنهم أصحاب جبهات عريضة وعيون ضيقة وما شابه ذلك لا تنطبق على مجرمينا، هيئة هؤلاء المجرمين لا تنطبق عليهم أى من معالم لامبروز بل معظمهم ممن يصلحون نجوما فى السينما من حيث المظهر الخارجى والوجاهة وحسن الهندام.
وبالمناسبة لو شاهد لامبروزو أبطالنا حاليا فى الدراما التليفزيونية والسينما وكيف يجرأون على الغناء أيضا سيجد إنه ينطبق عليهم الوصمات الإجرامية التى عددها مما سيجعله يعدل من نظريته لتكون نظرية فى نجوم السينما وليس فى الإجرام.
ولا أظن أن البحث العلمى والفقهى يتمكن من فك بعض ألغاز الرشاوى مثل طلب رشوة حج وعمرة كما فى حالة وزير الزارعة ونائبة محافظ الإسكندرية..وفى بعض الرشاوى يطلب ملابس داخلية بماركات معينة وبعض البدل والقمصان والشرابات وارد الخارج.. ما يحير فعلا كيف يستقيم طلب رشوة حج وعمرة..إنها العبقرية المحلية العصية على التفسير الفقهى الكسول.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة