على عبدالعال مع خالد ميري رئيس تحرير الأخبار
على عبدالعال مع خالد ميري رئيس تحرير الأخبار


حوار| رئيس النواب لـ«الأخبار»: «ضميرى مستريح».. وتصدينا للعديد من المشروعات حبيسة الأدراج

أسامة منازع

الثلاثاء، 08 سبتمبر 2020 - 06:16 ص

 

أجرى الحوار الكاتب الصحفي خالد ميري رئيس تحرير الأخبار


شارك في الحوار: محمد الفقي - محمد حمدي

 

أشهد شهادة حق أن الرئيس لم يتدخل فى عمل المجلس من قريب أو بعيد

 

لا أتخلف عن تلبية نداء الوطن.. ومصر منحتنى أكثر من طموحاتى

 

آثرنا وقف إذاعة الجلسات تفاديا لتسجيل بعض النواب لمواقف شعبوية، وتحملنا الصدمات والانتقادات من وسائل الإعلام

 

أدعو الأحزاب لعقد مؤتمر قومى لمناقشة إصلاح النظام الحزبى

 

تصدينا لترسيم حدودنا البحرية حتى لا نترك ألغاما تنفجر فى الأجيال القادمة

 

المجلس يمكن أن ينعقد فى حالة الضرورة حتى 10 يناير المقبل

 

الشعب المصرى هو البطل فى ملحمة «الإصلاح الاقتصادى»

 

د. مصطفى مدبولى لا يهتم بالدعاية وينظر فقط لتحقيق النتائج

 

قرار الإصلاح الاقتصادى لاتقل أهميته عن عبور قناة السويس وتأثيراته إيجابية

 

المجلس شهد استجوابين وأول طلب سحب ثقة فى تاريخ حياتنا البرلمانية

 

الإصلاح الاقتصادى عبر بمصر من هاوية الإفلاس إلى دولة من الاقتصاديات البازغة والنامية ولولا كورونا كنا فى العام القادم سنعيش انفراجة اقتصادية كبيرة

 

الدولة كانت تدار بأسلوب المسكنات منذ 1965.. و«المنحة ياريس» أبرز مثال

 

استطعنا الانفتاح على العالم الخارجى بمجهود الرئيس عبدالفتاح السيسى

 

«بنلف الحبل على رقبتنا» بالبناء على الأراضى الزراعية

 

مصر لن تسمح بالعبث بأمن ليبيا لأنها مسألة أمن قومى

 

أردوغان له طموحات استعمارية شيطانية..لكنه فوجئ بموقف مصرى حاسم

 

النيل قضية حياة ووجود.. ولا تفريط فى حقوقنا المائية

 

لدينا مسطرة واحدة للتعامل مع طلبات رفع الحصانة ومراعاة القانون والكيدية

 

داخل نقابة الصحفيين عام 2014 كان لقائى الأول بالفقيه الدستورى والقانونى د. على عبدالعال رئيس مجلس النواب، كان الرجل قد أدى دوره الوطنى المشهود بالمشاركة فى لجنة العشرة التى أعدت دستور ثورة يونيو العظيمة، ووافق بكرمه الصعيدى المعروف أن يشاركنا إعداد قانون تنظيم الصحافة  والإعلام الجديد، ليذكرنا وقتها باستجابته الفورية عام ١٩٩٣ لطلب وزارة الخارجية بالسفر إلى اثيوبيا ليشارك فى إعداد دستورها الجديد.


وأول أمس إلتقيته لإجراء حوار الساعة معه فى نهاية فصل تشريعى هو الأهم فى تاريخ مجلس النواب الطويل.. ٦ سنوات فصلت بين اللقاء الأول والأخير، لكن الرجل لم يتغير.

 

الدكتور علي عبدالعال كريم العطاء الذى لا يبخل بعلمه، العاشق لتراب وطنه حتى النخاع.. الرجل الذى لا تفارق الابتسامة وجهه وينظر بتفاؤل وثقة وإيمان إلى المستقبل.

 

داخل مقر إقامته كان اللقاء ليجيب على أسئلة الساعة فى نهاية الفصل التشريعى، ٥ سنوات قضاها الرجل فوق المنصة رئيساً لمجلس النواب.. وشاهدا على انتقال مصر الكبير من المرحلة الانتقالية الصعبة الى احتلال مكانها الذى تستحقه إقليميا وعالميا بقيادة الزعيم عبدالفتاح السيسى.

 

مجلس نواب ثورة يونيو العظيمة برئاسة العالم الكبير د. على عبدالعال لعب أدوارا مهمة فى خلق بيئة تشريعية مهدت للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المهمة، لتنطلق مصر يدا تبنى وتعمر ويدا تحمل السلاح وتحمى ولنحقق فى ٥ سنوات ما كان يحتاج لعشرات السنين.

 

د. على عبدالعال أجاب على كل الأسئلة بصراحة ووضوح ليضع النقاط فوق كل الحروف.. الرجل ضميره مستريح لما أنجزه مجلس النواب، فالتاريخ يشهد أن المجلس قام خلال عدد ساعات عمل غير مسبوقة بإنجاز ضخم، ليخرج إلى النور 877 تشريعا كانت أساسا مهما لانطلاقة مصر الكبرى، ولم يتأخر المجلس فى القيام بدوره الرقابي، يعتز الرجل بكل القوانين التى صدرت وعلى رأسها قوانين التأمين الصحى والبنك المركزى ومخالفات البناء وبناء الكنائس، ولكنه كان يتمنى لو تم إنجاز قانون الإدارة المحلية لأهميته الكبرى فى منظومة العمل والبناء.

 

ويؤكد فقيهنا الدستورى والقانونى أن مجلس النواب مستمر فى عمله حتى 10 يناير القادم، وفى حالة الحاجة لمناقشة أى مشروع قانون فسيتم دعوة المجلس للانعقاد.

 

ويرى الرجل أن انتخابات مجلس الشيوخ نجحت، وهو نجاح سيتم البناء عليه لضمان النجاح الأكبر لانتخابات مجلس النواب، وأن القائمة الوطنية فى مجلس الشيوخ بمشاركة ١١ حزبا نجحت فى إيجاد تواجد حزبى متميز بالمجلس رغم ضعف البنية الحزبية، وهو أمر قابل للتكرار فى انتخابات النواب، وبعد الانتخابات يجب عقد مؤتمر قومى لإصلاح النظام الحزبى وتقويته.

 

من فوق منصة البرلمان وجه الدكتور على عبدالعال رسائل مهمة فى الأزمة الليبية، ويرى أن أزمة ليبيا فى طريقها للحلحلة بسبب موقف مصر القوى والداعم لوحدة ليبيا، ويتذكر أن الجلسة السرية التى وافق فيها البرلمان على إرسال  قوات الى ليبيا شهدت إجماع كل النواب على موقف واحد، فعندما يتعرض أمن مصر القومى للخطر تختفى أى فوارق بين المصريين.

 

وعن أزمة سد النهضة كانت رسالته.. مصر مع حق اثيوبيا فى التنمية لكن مياه النيل للشعب المصرى تعنى الحياة، فلا إفراط ولا تفريط.
د. على عبدالعال أكد أنه لم ولن يتخلف أبدا عن تلبية نداء الوطن، فمصر منحته أكثر مما كان يطمح إليه.. وعن ترشحه فى انتخابات مجلس النواب القادمة قال إن لكل حادث حديثا وعندما يحين الوقت سيكون القرار.

 

ويؤكد د. على عبدالعال أن الدعم غير المحدود من الرئيس عبدالفتاح السيسى والارادة السياسية كانت كلمة السر فى عودة مجلس النواب وقيامه بدوره كاملا، ويؤكد أن البرلمان عمل باستقلال كامل وحرية كاملة والتاريخ يشهد أن الرئيس لم يتدخل أبدا فى عمل البرلمان.

 

وإلى نص  الحوار..

هناك العديد من التحديات التى واجهت المجلس بداية من الفصل التشريعى حتى انتهاء دور الانعقاد الخامس؟

بالفعل واجهنا العديد من التحديات مثل أى مجلس يأتى بعد الثورات، فالفترات الانتقالية عند الشعوب تكون الدولة هشة فبالتالى لابد من تقويتها من خلال بنية تشريعية.. فطالما هناك ثورة فتكون هناك إعادة لهيكلة المجتمع من النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

فما هو أول هذه التحديات؟

التحدى الأول، وأول بذرة فى البنية التشريعية كانت عرض ومناقشة وإقرار 342 قرارا بقانون صادرة من رئيس الجمهورية فى فترة عدم وجود المجلس، وعدم وجود كتل نيابية فيه، وفى ضوء حداثة عهد كثير من الأعضاء بالحياة البرلمانية .

بالفعل كانت فترة قصيرة جدا والمجلس بدأ باختبار صعب فكيف أدرت هذه الفترة؟

15 يومًا فقط مطالب فيها بإنجاز كل هذه القرارات بقوانين.. وهذه الفترة مثلت تحدياً أول والسؤال هنا كيف يستطيع المجلس وهو مشكل من شتات سياسى لا رابط بينهم، فلا يوجد حزب ولا توجد كتلة إطلاقًا داخل المجلس، وفى فترة الطموح مرتفع والآمال عريضة فالأصوات ترتفع، فكيف لمجلس أعضاؤه ٩٠% منهم جدد ويستطيع أن يحقق هذا الإنجاز؟.

ولكن السؤال هنا كيف أدرت هذه الأزمة؟

أولاً التوفيق من الله والنوايا الخالصة لصالح الوطن، والصبر والحكمة والتحلى بقدر من المرونة فى النقاش وبقدر من الحسم عندما تصل إلى نقطة معينة لاتخاذ القرار.

وكانت أيضا بمساعدة الكثير من المخلصين والوطنيين أن نحقق ذلك الإنجاز.. فكان إنجازا صعبا ولكننا استطعنا بإرادة كل الوطنيين المخلصين عملنا نعم حتى الثانية صباحا.

هذا هو العنصر الأول فى التحديات التى واجهت المجلس فما هو التحدى الأهم؟

استكمال البنية التشريعية فى الناحية الاقتصادية وهذه فعلا الأهم، فعندما تشرع فى بناء دولة بعد الثورة تبدأ ببناء الاقتصاد وقد كان فى حالة ضعف شديد، الخزانة العامة كانت خاوية ولهذا كانت هناك حالة من الضرورة تستدعى الموافقة على القوانين الخاصة بالبنية الاقتصادية وفى هذا التوقيت نحن بدأنا نقوى وبمعنى أصح القائمون على ائتلاف دعم مصر بدأوا فى تقويته وتجميع الكثير من النواب المستقلين وتحمل مشقة هذا العمل التشريعى.

لكن كان هناك العديد من القوانين حبيسة الأدراج؟

بالفعل تصدينا للعديد من المشروعات التى كانت حبيسة الأدراج.. لم يكن أحد فى الأوقات السابقة يستطيع الدفع بها للمناقشة ويمكن أن يرى البعض الآخر أن التوقيت غير مناسب حتى وصلنا لوضع لم يعد يحتمل مزيدا من التأخير، فكان لابد من مناقشتها سواء فى مجال الاستثمار أو المشروعات الكبرى.

فما هى أبرز هذه التشريعات؟

من أبرز هذه التشريعات قانون بناء الكنائس والتأمين الصحى والاستثمار والتراخيص الصناعية وغيرها كثيراً.. كانت حبيسة الأدراج منذ عدة سنوات.. وكذلك كل القوانين التى مهدت للإصلاح الاقتصادى. فنحن أنهينا مصطلح القوانين حبيسة الأدراج.

على ذكر الإصلاح الاقتصادى كيف ترى هذا القرار؟

اعتبر قرار الإصلاح الاقتصادى مهما مثل قرار عبور قناة السويس فى 73.. مثل ما عبرت بالدولة من الهزيمة إلى النصر من الناحية العسكرية والسياسية فهو قرار شجاع وجرىء وبه عبرت مصر من هاوية خطر الإفلاس إلى دولة من الاقتصاديات البازغة والنامية ولولا كورونا أعتقد أننا كنا فى العام القادم سنبدأ نعيش انفراجة اقتصادية كبيرة.

كل المؤشرات الصادرة عن بيوت الخبرة الاقتصادية الدولية تشير إلى ذلك فكيف رصدتها؟

نعم هذا الكلام صادر من المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومؤسسات التصنيف المالى والائتمانى مثل فيتش واستاندرد اند بورز وموديز، وجميعها وضعت مصر فى مؤشرات نامية وبازغة ولكن حافظنا على الاستقرار المالى وتصنيفنا المالى مستقر وحتى الدول المالية الغنية تصنيفها انخفض.

اقتصادنا ضعيف وموازنتنا محدودة.. فكيف تعامل البرلمان مع النسب المقررة دستوريا للتعليم والصحة والبحث العلمى؟

استطعنا تطبيق هذه المعايير فالبنية التشريعية التى تم إقرارها فى المجال الاقتصادى كانت جزءا من التحدى التشريعى وكما ذكرت أن قانون التأمين الصحى وأيضا الموافقة على العديد من القوانين المالية فى ظل دستور يحدد نسبا للصحة والتعليم والبحث العلمى واقتصادنا ضعيف وموازنتنا محدودة، فاستطعنا تطبيق هذه المعايير والفضل بعد الله فى الوطنيين فى مجلس النواب وأذكر هنا د.حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة الذى يعمل فى صمت مستندا على خبرة سنوات استطاع أن يكون عاملا مساعدا لنجاح منظومة الإصلاح الاقتصادى داخل المجلس.

هناك تحديات أخرى فى الملف السياسى فما هى أبرزها؟

المنطقة كلها كانت مستعمرة والاستعمار عندما ينسحب فى كل مكان يترك بعض الفخاخ لاسيما فى الحدود البرية والبحرية فكان لابد من إعادة ترسيم الحدود البحرية فالدول المتشاطئة بحريا لا تستطيع استغلال ثرواتها فلا حل فى استثمار هذه الثروات إلا بترسيم الحدود سواء بيننا وبين الشقيقة المملكة العربية السعودية وبيننا وبين الدول الصديقة قبرص واليونان فانتهينا من هذه الحدود حتى لا نترك ألغاما تنفجر فى الأجيال القادمة.. لاسيما ونحن لا نعرف المتغيرات السياسية المستقبلية وهذه من التحديات التى واجهت المجلس.

وأستطيع أن أقول بضمير مستريح إن هذا المجلس أنجز إنجازا لم يستطع أى من المجالس السابقة الوصول إليه.. حجم العمل بلغ 877 تشريعا طوال ٥ سنوات فى كل المجالات.

لكن هناك أصواتا تتهم المجلس أن هذا العدد الهائل من التشريعات يعنى أن المجلس لم يدرس القوانين بشكل كافٍ؟

إطلاقا.. وهنا المعيار ليس العدد فقط بل بالكيف.. مطبخ المجالس النيابية فى اللجان.. وانظر لعدد ساعات العمل سواء فى الجلسة العامة أو اللجان النوعية.

هل هذا متبع فى برلمانات دول أخرى؟

من المؤكد.. وأعطيكم مثالا الكونجرس الأمريكى والجمعية الوطنية الفرنسية.. باعتبار أن هذين النموذجين فيهما بالنسبة لأساتذة القانون الدستورى اقتداء.. لأنها دول أم الدساتير ففرنسا هى التى وضعت المبادئ الحاكمة للعقد الاجتماعى وسبقهم الإنجليز قبل ذلك فى فقه هوبز وجون لوك ولكن عندما نتكلم عن العقد الاجتماعى نتحدث عن مونتسكى وجان جاك روسو.. وتعامل معها الأمريكان وصاغوا بها دستورهم الأمريكى وأمريكا لديها المحكمة الفيدرالية والتى تعتبر من المحاكم ذات السمعة الطيبة والفرنسيين أيضا لديهم المجلس الدستورى ونحن متأثرون بالمدرستين.. وأراقب فى البلدين أن القوانين تتم حولها دراسة مستفيضة فى اللجان.

فكيف تجرى المناقشات فى اللجان وآليات الحضور؟

مناقشات ثرية جدا والحضور فى اللجان غير مقصور على أعضائها بل يجوز لكل عضو المشاركة فى اللجان.

هل هذا هو المؤشر فقط؟

لاحظ ساعات عمل المجلس ولاحظ ساعات عمل المجالس السابقة ولو قمنا بقسمة هذه الساعات على عدد التشريعات بالمواد التى تمت مناقشتها فيها ستجد أن المدة كانت كافية.

وهنا طبقا لقاعدة إدارة اقتصاديات الوقت فلا يجوز استفاضة فى المناقشات طالما سبق ذلك نقاش موسع فى اللجان، ولذلك تجد أن الكونجرس الأمريكى أهم شىء التصويت لذلك يكون معك أى عضو يستأذن سأذهب للتصويت وفى برلمان فى دول أخرى ممكن يستأذن النائب لأنه ذاهب للتصويت.. ولذلك فالتصويت عندهم هو الأهم.

ما هى القوانين التى تتذكرها وحظيت بمناقشات مستفيضة؟

كل القوانين.. ولكن أذكر مثلاً أن لجنة الشئون الاقتصادية عقدت 80 جلسة لمناقشة مشروع قانون البنك المركزى علماً بأن هذا القانون استغرقت مناقشته فى الحكومة سنتين ونصف السنة.

هل أستطيع أن أقول إن المجلس يضع بصمته على القوانين؟

كل القوانين، فلا يوجد قانون دخل القاعة ولم يحدث فيه تعديل.. ولو عدنا للسؤال السابق فهناك شىء خادع جداً فى عدد الجلسات، فالجلسة تطول مدتها دون انقطاع مهما طال عدد ساعاتها وأنا أساساً كما تعلمون ابن من أبناء أسوان ومعتاد على العمل الشاق والمتواصل.

ماذا عن التعديلات الدستورية؟

التعديلات الدستورية دخلت المجلس بشكل وخرجت بشكل مختلف، وأى متخصص يعلم ذلك جيداً.

البعض يقول إن هذا العدد الهائل من التشريعات تم إقراره على حساب حق المجلس فى الرقابة؟

نعم البعض يقول إن هذه التشريعات تم إخراجها على حساب الرقابة ولكن أؤكد أيضا أن الرقابة كانت موجودة ولكن ليست فى شكل الاستجواب فقط فالبعض ينظر إلى الاستجواب على اعتبار أنه وسيلة الرقابة الوحيدة والأثر المترتب عليها فى سحب الثقة من الحكومة وهذا غير صحيح.

كان لكم تصريح مهم فى هذا الشأن؟

نعم وأكرره على الدوام فما درسناه وثابت لدى كل أساتذة القانون الدستورى أن الفترات الانتقالية دائما تكون الدولة هشة وفى حاجة للبناء، ويجب استخدام أدوات الرقابة بحذر وتأنٍ.

ممكن نتطرق إلى القوانين المهمة التى حظيت بنقاشات موسعة لاسيما فى المجال الاقتصادى؟

من بين الإنجازات فى المجال الاقتصادى قانون الاستثمار وقانون الجمارك وقانون الإجراءات الضريبية وطبعا قانون البنك المركزى هو من أهم القوانين التى بذلنا فيها مجهوداً ضخماً قبل نزوله إلى الجلسة فلم يكتف القائمون عليه بالتاريخ التشريعى المصرى فى المجال المالى بل اطلعوا على كل القوانين الموازية على مستوى العالم فصيغ طبقا للمعايير العالمية ولذلك تلاحظ أن أى اجتماع لأى بنك مركزى على مستوى العالم تتجه إليه كل أنظار العالم لأنه مكان يدير السياسة النقدية ولذلك فهذا القانون ناقشه المجلس بتأنٍ وأهم شىء فى مشروعات القوانين اتفاقه مع الدستور ويمكن هذا ما جعله يستغرق وقتا طويلا فى المناقشات مع وزير المالية حول قانون الإجراءات الضريبية الموحدة وهذا نقاش بعيد عن الهوى السياسى وهذا إلى جانب العديد من الاتفاقيات الدولية التى وافق عليها المجلس والتى تعتبر ضرورية فى هذه الفترة.

ما هو الداعم الأساسى للمجلس فى تحقيق كل هذه الإنجازات؟

الإنجازات لم ولن تتم إلا بإرادة من القيادة السياسية وكان هناك اتجاه من بداية هذا المجلس، وسؤال عن سبب إنشاء هذا المجلس ولكن كان فيه إصرار من القيادة السياسية بتشكيل هذا المجلس وتوفير كل الدعم.

اعتاد المصريون على أن رئيس الجمهورية يتدخل فى أعمال البرلمان فهل هذا يحدث الآن؟

أشهد شهادة حق بأن رئيس الجمهورية لم يتدخل لا من قريب ولا من بعيد فى عمل المجلس والدليل على ذلك أنه لثانى مرة فى التاريخ يعترض رئيس الجمهورية على مشروع القانون ويعيده للمجلس وهذا يدل على أن المجلس يعمل بطريقة مستقلة ولو فيه تدخل كنا عدلنا من البداية وأيضا لم يجر حوار بينى وبين وزير المالية على مشهد من الصحافة وكان ليّ تصريح أن الحكومة تعتقد أن كل مشروع قانون يأتى إلى المجلس بدون تعديل فصلة أو نقطة والوزراء أحيانا يشكون من المناقشات داخل اللجان وفى بعض الأحيان طلبت الحكومة وساطة حتى لا تتعثر المناقشات داخل اللجان.

لماذا توقفت إذاعة جلسات البرلمان؟

إذاعة الجلسات توقفت بقرار من المجلس لسبب بسيط جداً لأننى كما قلت فى الفترات الانتقالية نحن نريد إنجاز التشريعات، وإذاعة الجلسات على الهواء مع عدم وجود كتلة حزبية أو كتلة سياسية قوية داخل القاعة ونواب أغلبهم جدد وتقاليد برلمانية لم تتجذر أو تترسخ كنا سنصبح أمام تسجيل مواقف شعبوية إلى آخره فآثرنا أن نوقف إذاعة الجلسات مؤقتاً ونتحمل الصدمات والانتقادات من وسائل الإعلام.

نعود مرة أخرى إلى التعديلات الدستورية فهى من أبرز التحديات التى واجهها المجلس وقام فيها كما ذكرتم بدور كبير؟

نعم هى من أبرز التحديات التى واجهت المجلس أيضاً ولم يكن لدينا فى لجنة العشرة المشكلة لتعديل الدستور يقين بأن يرى الدستور النور وكان هناك العديد من النصوص كنا نعلم أنها مرتبطة بالفترة الانتقالية وفى عام 2017 كنت أناقش رسالة دكتوراه فى المنصورة وبدون سابق إنذار قلت إن كثيراً من نصوص هذا الدستور فى حاجة إلى تعديل وحينها نشرت عناوين أن رئيس المجلس يعطى الضوء الأخضر لتعديلات دستورية على الرغم أن هذا حوار بينى وبين الباحثة مقدمة الرسالة وليس أكثر من ذلك.. الدستور الأمريكى فى فترة إعداده كان به الولايات كانت تود إيجاد نفسها فى الدستور ولذلك طريقة تعديله يجب فيه التوافق على التعديل ولذلك صدر دستور مختصر مكون من عدد محدود وأدخل عليه 27 تعديلاً ودخل حيز التنفيذ بعدها.. وكل الدساتير التى يتم وضعها بعد ثورات وأزمات فى حاجة إلى التعديل والمجلس تصدى إلى التعديل بالقدر الضرورى.

ماذا عن البعد الاجتماعى كيف تفاعل معه المجلس؟

فى المجال الاجتماعى كان لنا دور كبير جدا بالتصدى لقوانين تخص أزمات عالقة من عقود وأهمها إصدار قانون التأمينات الاجتماعية وقانون الجمعيات الأهلية وقانون التأمين الصحى، كل هذه التشريعات مهدت البنية الاجتماعية وكذلك قانون الضريبة على الدخل بزيادة الإعفاء على الضريبة على الدخل هذا أمن اقتصادى اجتماعى.

 وحول الجانب السياسى كيف كان دور المجلس؟

لم ننس الجانب السياسى تم إقرار قانون مجلس الشيوخ والنواب وتقسيم الدوائر وقانون مباشرة الحقوق السياسية والهيئة الوطنية للانتخابات.

المجلس والعالم الخارجى كيف كان فى بداية الفصل التشريعى وكيف أصبح الآن؟

المجلس بدأ ولم يتحدث عنه أحد فى العالم، الكل كان يقاطعنا وبمجهود الرئيس عبدالفتاح السيسى فى زياراته فى الخارج استطعنا الانفتاح على العالم الخارجى، واستردت مصر عضويتها فى الاتحاد البرلمانى الدولى وعضويتها فى البرلمان الأفريقى وأصبحت رقما أساسيا فى هذه البرلمانات وأصبحت عضوا فى اللجنة التنفيذية لإدارة البرلمان الدولى لمدة 3 سنوات ولاتزال حتى هذه اللحظة ورأسنا برلمان دول البحر الأبيض المتوسط والاتحاد البرلمانى العربى ولنا ممثل نائب رئيس البرلمان الأفريقى.

استقبلنا 15 رئيس دولة بسبب المصداقية التى حققتها القيادة السياسية ندير حالياً سياسة شفافة واضحة مبدأها لا نتدخل فى شئون الآخرين وعلى الآخرين الا يتدخلوا فى شئوننا وهدفنا واضح نبنى دولة حرة مستقلة والاستقلال بمعناه الواسع استقلال سياسى واقتصادى واجتماعى والسياسة واضحة والوصول إلى ذلك ليس أمرا سهلا وميسورا فالطريق وعر وطويل لكن الإرادة قوية لتحقيق ذلك.

فى مجال الإصلاح السياسى هناك قانون مهم جداً.. لم يتم إصداره وهو قانون الإدارة المحلية لماذا التعطيل.. لاسيما أن الرئيس السيسى فى اللقاء الأخير بالأسكندرية تحدث عن مخالفات البناء، وصلب الكلام كان عن المحليات؟

هذا صحيح، وهو قانون مهم جداً ومفصل دستورى أساسى.. وأنا فى حديثى مع بعض النواب ذكرت أنه لو كانت لدينا مجالس محلية كانت قد ساهمت فى إنهاء المخالفات.. سواء كانت على أراضٍ زراعية أو مخالفات المبانى، لأن المحليات عبارة عن الجسر بين الحكومة والمواطن، وعناصرها تعلم جيداً طبيعة كل تجمع سكانى وكانت ستتناقش وستتفاوض لأن أعضاءها من أبناء الدوائر والمحافظات وكان سيتم إيقاف البناء على الأراضى الزراعية.. لأن أخطر شىء تواجهه مصر حالياً هو البناء على الأراضى الزراعية.

هذا القانون انتهت منه لجنة الإدارة المحلية، وعلى رأسها عضو من الأعضاء المتميزين داخل مجلس النواب هو المهندس أحمد السجينى، وقام مع أعضاء اللجنة بدراسة هذا التشريع دراسة مستفيضة وقاموا بعمل دراسة مقارنة مع التشريعات المماثلة عالمياً، كما قاموا باتباع منهج علمى تحليلى فى الدراسة، ونجح وزملاؤه فى إعداد هذا القانون.. حتى خرجنا به من الإطار التقليدى لقوانين الإدارة المحلية التقليدية إلى قانون عصرى حديث يؤسس لمجالس محلية نشطة ولديها أكثر قدرة للعمل على الأرض.

واختلفت الآراء حول توقيت البدء بانتخابات مجلسى الشيوخ والنواب أم المحليات.. وبعد مناقشات انتهينا إلى أن الأكثر مناسبة لظروفنا أن نفرغ من قوانين انتخاب مجلسى الشيوخ والنواب.. على أن ننجز بعده مشروع قانون الإدارة المحلية.. والذى أصفه بقانون مهم لاسيما فى هذا الظرف الذى نعيشه وهو تحدى البناء بدون ترخيص البناء على الأراضى الزراعية، وأنا ابن قرية كانت مهنتها الأساسية الزراعة، أتألم كثيراً حين أذكر أننى عندما كنت طفلاً فى سن السادسة من عمرى كنت أقطع مسافة كيلومتر مشياً من المنزل إلى المدرسة، وهذه المسافة كلها كانت وسط الأراضى الزراعية وكنا نستنشق رائحة الرقعة الزراعية.

وكان طريق القطار إلى أسوان مملوءاً بالأراضى الزراعية كلها اختفت وأيضاً منطقة فيصل وإمبابة كانت جميعها مساحات خضراء مزروعة، وما يحدث حالياً هو أننا «بنلف الحبل على رقبتنا» من خلال البناء على الأراضى الزراعية يعنى مش هتلاقى حاجة تاكلها.. «هو فيه ناس تبنى على الأراضى الزراعية وتروح تستصلح فى الأراضى الصحراوية المفروض العكس»، للأسف نحن نفعل ذلك بانفسنا لعدم الوعى وتحمل المسئولية، هل سكان منطقة فيصل لم يكونوا قادرين على التوجه ناحية الطريق الصحراوى والبناء، ولو البعض رد وقال لم يكن هناك صرف صحى؛ سأؤكد له أن منطقة فيصل نفسها عند بنائها لم يكن بها أى مرافق.

من وجهة نظرك من السبب فى هذه الأزمة؟

السبب فى هذه الأزمة كان غياب الدولة.. الدولة كانت غائبة بإرادتها، كل مخالفات البناء مجرد ما كانت تبدأ الانتخابات كان يتم وقف هذه المخالفات وتوصيل المرافق، وهنا السؤال هل الأفضل أن يسود الحكم بطريقة شعبوية تعتمد على دغدغة المشاعر بطرق كلها وسائل مؤقتة لكسب الرأى العام، ثم نفاجأ أن المشاكل طفح كيلها ولا نقدر على حلها.. أم نواجه المشكلة، الأسلوب الأصح والأصعب هو أن تواجه المشكلة على حساب شعبيتك.. أيهما تختار؟ تاريخ بناء الدول كلها ينبئنا بأن الشعبوية وبناء الدولة طريقان متقاطعان لا يلتقيان مع بعض.. لأن المواطن دائماً فى حاجة إلى المكاسب السريعة وهذا سبب انتشار المثل الشعبى السائد «عيشنى النهاردة وموتنى بكرة»، لكن بناء الدولة يحتاج لخطة.

ومصر لم تعش المنهج العلمى فى البناء إلا فى مرحلتين سابقتين المرحلة الأولى فى بناء الدولة الحديثة فى عهد محمد على واستعان بالعلماء والخبراء الأجانب من بلجيكا وفرنسا وإيطاليا، والمرة الثانية عندما وضعت مصر الخطة الخمسية الأولى والتى نجحت نجاحاً مبهراً وبدأت فى عام 1960، واستمرت حتى 1965 ثم بعدها تم ضرب مصر فى عام 1967 وبعدها كانت تدار الدولة بأسلوب المسكنات والتى كان منها «المنحة ياريس».. وكان يتم إقرار المنحة وعلاوة قدرها 15% فلا تعجب الناس؛ فيتم رفعها لـ20% ولا يعرف أحد من أين وكيف سيتم تمويلها، وتنعكس على كل المرافق والقطاعات وأصبحت تعانى منها الصحافة والتليفزيون والمديونيات بدأت تزيد والإنتاج «مفيش» ويتم صرف منح ورفع المرتبات للناس واكسب الناس ودغدغ مشاعرهم، وهذا هو الأسلوب السهل فى إدارة الدول.

وهناك الأسلوب الصعب وهو أسلوب التحدى ومواجهة الحقائق، والإدارة بالمنهج العلمى وهو أسلوب مكلف من الناحية الشعبوية، لكنه يحقق أهداف وطموحات الدولة على المدى الطويل وهو ما تم به بناء كل الدول مثل بريطانيا وفرنسا واليابان وألمانيا وكوريا وماليزيا، وكل هذه الدول عانت شعوبها معاناة لا يمكن تخيلها.. ولكن بعد تجاوز أزماتها شعرت بالنتيجة لأن طريق البناء صعب وطويل ويحتاج لإرادة صلبة وحقيقية وتحرك.. والشعب المصرى اختبر ذلك فى مرحلة الإصلاح الاقتصادى وكان فيها هو البطل، وأتساءل لولا الإصلاح الاقتصادى كيف كان سيصبح حالنا الآن؟

وبالتالى إذا نظرنا للوجه الآخر للمشكلة فسنجد أنه فى تجارب الدول المتقدمة أهم شيء هو البنية الأساسية.. من طرق ومحاور وكبارى وموانئ ومياه نظيفة وصرف صحى والطاقة، وهى كلها مجالات تحقق فيها إنجازات عملاقة فى مصر.. عندما يأتى المستثمر يسأل عن المسافة بين المطار ووسط العاصمة؛ فلو كانت الإجابة أن المسافة 5 كيلومترات سيسأل عن الوقت الذى تُقطع فيه هذه المسافة فنقول له نصف ساعة فيرفض الاستثمار فى هذه الظروف.. لكن انظر الآن لكم كيلومتر من الطرق تم إنشاؤها والموانئ التى أُعيد تأهيلها والتى دخلت جديداً للخدمة، والطرق والكبارى والمحاور.. وهناك فرق بين الكوبرى والمحور؛ فالمحور يكون بعرض النيل ويخلق نوعاً من التنمية على جانبى النيل فى موقعه، وفى ملف الكهرباء أصبح لدينا فائض ونعرض المساعدة فى مشروعات الربط الكهربائى مع دول أفريقيا، فضلاً عن أنفاق قناة السويس والتنمية فى سيناء، ومشروعات قوانين التعليم ومنها قوانين تنظيم الجامعات والجامعات الأهلية وتعديل قانون التعليم.. وساعد مجلس النواب فى بناء الدولة وأنتم كصحفيين تتبعون مؤسسة صحفية عريقة، وهى مدرسة العظيم مصطفى أمين ترون حجم إنجازنا.

فى ظل حجم القوانين غير المسبوق.. ما القانون الذى تفخر به والتشريع الذى تتمنى لو لم تصدره؟

أعتز بكل القوانين التى ساهمت فى إصدارها، الأمر يشبه أن يكون لك أبناء أحدهم «شاطر ودخل طب أو هندسة والآخر ليس كذلك».. والقوانين كلها إنتاج بشرى وليس هناك قانون تقدر أن تقول عليه أنه ممتاز «ومفيش زيه».. ومقياس جودة التشريع يكون بتجاوب الرأى العام معه وتطبيقه، فالمجلس جهة تشريع والحكومة جهة تنفيذ والقانون مهما كان جيداً يحتاج لمنفذين يتعاملون معه بروح التشريع لا بنص القانون.

موقف المجلس من أهم قضيتين تشغلان الرأى وهما ليبيا وسد النهضة؟

رسائلنا فى قضية ليبيا كانت واضحة، وجلوس المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب على منصة مجلس النواب المصرى.. كانت رسالتى بأن أمن ليبيا جزأ لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، فلدينا حدود مشتركة لـ 1200 كيلومتر وعلاقات تاريخية واجتماعية، ولا يمكن أن تسمح مصر بالعبث بالأمن القومى لليبيا، وأردوغان كان له موقف استعمارى واضح تدخل فى سوريا والعراق، وأخذته بعض الأفكار الشيطانية للدخول فى ليبيا ولكنه وجد موقفاً حاسماً وحازما.. وأعتقد أن الأمور فى ليبيا بدأت بالحلحلة وأتمنى أن يتوج الوضع فى ليبيا بالسلام الدائم ولبناء مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات الرئاسة.

وفى سد النهضة علاقتنا بأثيويبا كان بها شد وجذب طوال التاريخ وقضية نهر النيل قضية وجود وقضية حياة ولا إفراط ولا تفريط فى حقوقنا المائية، باعتباره حقا أساسيا، وكما نحرص على حق أثيوبيا فى التنمية يجب أن تحرص أثيوبيا على حقنا فى الحياة.. ونحن لا ننفى حق أثيوبيا فى التنمية وحقنا فى حياة كريمة.. وهذا أساس ما ذهبت به مصر إلى مجلس الأمن وهو أن هناك تهديد للحياة وأن أى إخلال بقواعد التوزيع العادل والمنصف للأنهار سيعرض السلم والأمن فى منطقة النيل للخطر.

شهدنا خلال دور الانعقاد الخامس جلسة سرية فى البرلمان لأول مرة منذ سبعينيات القرن الماضى.. هل لك أن تطلعنا على تفاصيل وكواليس هذه الجلسة؟

الجلسة السرية جاءت أولاً تفعيلاً للنص الدستورى الذى ينص صراحة ً على أنه لا تُعلن الحرب ولا تُرسل قوات عسكرية خارج حدود الدولة إلا بعد موافقة مجلس النواب.. واللائحة التى تنص على أن هذه الموضوعات يجب أن تُعرض فى جلسة سرية، والحكمة من ذلك أننا كنا نناقش أمراً خاصاً بأمننا القومى وهو أمرٌ معمولٌ به فى كثير من الدول.

انعقدت هذه الجلسة السرية بناءً على طلب رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الدفاع الوطنى، وناقشنا الأمر بحيادية كاملة والجميع أبدى وجهة نظره وانتهينا إلى أخذ القرار بالإجماع، وهذا إن دل على شيء فيدل على أن الموضوعات والقضايا ذات الطابع الوطنى يكون الكل فيها على قلب رجل واحد، وفى هذه الجلسة لم يتخلف عن الحضور سوى الأعضاء أصحاب الأعذار المرضية، وكان الحضور 510 نواب وجاء القرار بالإجماع كما نشرت الصحف.

فى حالة غيبة المجلس أو تعطل انعقاده وصدور قرارات بقوانين كيف يتم التعامل مع هذه المواقف؟

إذا كان المجلس غير قائم فلرئيس الجمورية أن يصدر قراراً بقانون ولو المجلس قائم أو موجود ولكنه ليس فى حالة انعقاد؛ ففى هذه الحالة لا تصدر قرارات بقوانين ويدعو رئيس الجمهورية المجلس إلى الانعقاد فى جلسة طارئة أو عاجلة أو خاصة.. حتى لو كانت هناك انتخابات قائمة لانتخاب مجلس جديد، المجلس مستمر حتى الساعة 12 من ليل يوم 9 يناير 2021، الساعة 12 ودقيقة من صباح 10 يناير لا يكون هناك مجلس.

من وجهة نظركم ما جدوى استمرار عمل اللجنة العليا للإصلاح التشريعى فى ظل انتخاب مجلس الشيوخ؟

هى لجنة من اللجان الاستشارية ولا تقوم بالتشريع ولكنها تدرس وتُعد التشريعات فى اطار عمل الحكومة.. وبالتالى هى لجنة استشارية لا بأس من استمرارها مادامت تقدم آراءً استشارية للحكومة؛ فالحكومة من حقها أن تنشئ أكثر من لجنة أياً كان المسمى، ولكن صاحب الحق الأصيل فى التشريع هو مجلس النواب.

موضوع الحصانة كان من الملفات الشائكة وكان به لغط كثير حتى أنك تحدثت عنه من على المنصة أكثر من مرة؟

الحصانة ليست للعضو إنما للمنصب وليست حقاً شخصياً للنائب، ولكنها حق مقصود به حماية العضو من التدخل فى أعماله أو النكاية له من أى جهة أو شخص، وبالتالى لا يجوز حتى للنائب نفسه أن يتنازل عن هذه الحصانة، ويجب أن يرجع للمجلس ليصرح له برفع الحصانة من عدمه، لا دخل للمجلس فى الموضوع اللذى من أجله تم طلب رفع الحصانة.. ولكن المجلس يناقش كيدية الاتهام من عدمه، لو كانت هناك مشكلة بين نائب وشخص آخر.. هل النائب على حق أو على باطل هذا لا دخل للمجلس فيها، ولكن دخل المجلس فى كيدية الاتهام من عدمها، هذا ما ننظره وكثير من الأمور التى جاءتنا كانت لا تتوافر فيها شروط رفع الحصانة وكانت تقارير اللجنة التشريعية تنتهى إلى كيدية الاتهام.

في أحد الأيام جاء طلب رفع حصانة فى قضية شيك بدون رصيد وانتهى رأى اللجنة إلى كيدية الاتهام، وأنا رفضت هذا التقرير لأن قضية الشيك بدون رصيد ليس فيه شبهة كيدية، والبنك يقول أن مصدر الشيك ليس له حساب قائم وقابل للدفع، وبالفعل اتخذت فيها الإجراءات وتم دفع قيمة الشيك، ورفعنا الحصانة أيضاً عندما وردتنا طلبات من النائب العام فى جرائم متعلقة بالشرف والأمانة والرشوة ومنها مرتان تم فيهما رفع حصانة عن نائب بالبحيرة فى قضية رشوة المقابر، أما قضايا السب والقذف من الجرائم التى فى كثير منها تكون هناك كيدية بامتياز، النيابة العامة تحفظ هذه الجرائم، وكانت قديماً تحركها على أنها جنحة وتحال للمحكمة، وبعدها اكتشفت أن السبب كما قالت محكمة النقض أصبح يشبه العادة أو الظاهرة وأصبحت المحاكم لا تستطيع أن تواجه هذا الكم الهائل من القضايا ولذلك يكون مصيرها الحفظ ومن يريد يحركها بطريق الدعوى المباشرة، وهى جريمة يسهل وقوع أى نائب أو موظف عام فيها، مشكلة الحصانة لسنا أول مجلس يتعرض للنقد فيها.. ولدينا مسطرة واحدة فى التعامل مع طلبات رفع الحصانة ومراعاة القانون وشبهة الكيدية.

كان لك أداء مميز فى احتضان النواب والتعامل معهم رغم اختلاف انتماءاتهم وتنوعهم.. أغلبية معارضة ولم تستغل السلطات الواسعة التى تمنحها لك اللائحة الداخلية للمجلس مع أى نائب يخترق هذه اللائحة أو يتجاوزها؟

فى بداية تشكيل المجلس وبعد أول جلستين وتحدثت مع قيادات المجلس وكانت هناك سيولة، وكان هناك اتجاهان، الأول الحزم مع النواب والتطبيق الحرفى للائحة والدخول والخروج إلى ومن مكتب رئيس المجلس يكون خاضعاً للتنظيم.. ووجهة النظر الثانية أننا فى مرحلة انتقالية وعضوية البرلمان كانت تشهد منح مزايا وعطايا ومنها خدمات ومزايا فى دائرة النائب، ومثل هذه الأمور لم تعد موجودة وليس عندنا شيء من هذا القبيل.. حتى الرحلات الخارجية كنت أستغل علاقتى الطيبة بالنواب وأطلب من كل نائب أن يمول سفريته من نفقته الخاصة إذا كان قادراً، وفى ظل عدم وجود أغلبية وغياب المزايا الممنوحة للأعضاء، فكان رئيس المجلس كربان أبحر بسفينة وعليه أن يصل بها لبر الأمان وعليه الالتزام بسلامة وصول كل الراكبين.. وقررت أن آخذ بسياسة الباب المفتوح، خاصة أننى من الصعيد «وواخد على الدواوين التى تجمع الناس».. كنت أستمر فى المجلس لما بعد كل جلسة بحوالى 4 أو 5 ساعات للقاء النواب وهو ما كان يتطلب الصبر والحكمة.

هل تنوى خوض الانتخابات المقبلة لمجلس النواب؟

لكل حادث حديث ولكل مقام مقال.. أنا من الجيل الذى انتمى ونشأ على حب هذا الوطن.. وتربينا على مادة التربية الوطنية والقومية والتربية العسكرية ودرسنا تاريخنا جيداً، وبالرغم من أنى عشت بالخارج لكنى لم أفكر إطلاقاً فى أن أترك هذه الدولة، لم أحمل جواز سفر إلا المصرى ونشأنا على ميثاق العمل الوطنى، «اتعجنا بطين هذا البلد».. وما حققته لى مصر أكثر مما كنت أطمح فيه وعلى هذا الأساس نحن الجيل الذى تعلم أن راية هذا البلد تظل وفية، وما تخلفت إطلاقاً عن تلبية نداء هذا الوطن فى كل ما يُطلب منى ونداء هذا الوطن بالنسبة لنا خط أحمر، وساهمت فى كل تكليف من الدولة حتى أننى فى عام 1993 بتكليف من وزارة الخارجية ساهمت فى كتابة الدستور الأثيوبى وسافرت إلى هناك لفترة طويلة، ونحن من جيل المهمات الصعبة.

 هل تفكر فى الانضمام لأى حزب سياسى؟

لا يوجد شخص ليس لديه رغبة الانضمام لحزب سياسى ويوم تتوافر القناعة سينضم للحزب الذى يرغب فيه.. وأنا أرى حالياً اتجاهاً فى مصر لبناء حزبى جيد وهناك أحزاب ناشئة تحاول أن تشق طريقها، وأرى فيها عناصر جيدة وأعتقد أن هذا سيمنح دفعة جيدة للنظام السياسى المصرى.

ما طبيعة علاقة البرلمان بالحكومة طوال خمس سنوات.. وعلاقتك برئيس الوزراء د.مصطفى مدبولى؟

علاقة المجلس وعلاقتى برؤساء الوزراء سواء المهندس شريف إسماعيل أو د.مصطفى مدبولى علاقة جيدة، وكلاهما من الذين تصدوا للمهمة فى ظرف صعب وقاسٍ.. والمهندس شريف إسماعيل أدى أداءً جيداً فى ظروف صعبة، وكلاهما يتبعان نفس المنهج وهو المنهج العلمى باعتبارهما مهندسين.. ليس لديهما الاهتمام بالدعاية بقدر الاهتمام بتحقيق النتائج طبقاً للقواعد التى ينص عليها علم الهندسة، ود.مدبولى يكمل مشوار الأداء الجيد الذى بدأه المهندس شريف إسماعيل، والعلاقة قائمة على الحوار والمناقشة، ولم يحدث أى صدام بيننا وبين الحكومة، والفترة التى مررنا بها كانت تستدعى عدم الاصطدام.
هل كان هناك استجواب يجب أن يتم تقديمه فى حق وزير معين من الحكومة؟

ما درسناه فى النظم السياسية أن المجالس النيابية فى الفترات الانتقالية يجب أن ترشد من استخدامها للأدوات الرقابية، وخاصة الاستجواب وسحب الثقة.. فبمجرد تقديم الاستجواب يشل عمل الحكومة.. وبعض الزملاء فى دولة عربية كانوا يقولون إن سبب الأزمة الاقتصادية عندنا كثرة الاستجوابات.. وبدأ ترشيدها فى السنوات الأخيرة، حتى أنه تم تقديم 3 استجوابات لرئيس الوزراء فى هذه الدولة فى يوم واحد، وهى أزمة مرت بها الدولة الفرنسية وتم إلغاء الاستجواب من الدستور الفرنسى عند تعديله فى عام 1958، ولكن عندهم سحب ثقة بآليات مختلفة تماما.

ورغم ذلك عندنا استجوابان بالمجلس حققا نتائج غير مسبوقة، الاستجواب الأول أدى لاستقالة أحد الوزراء فى موضوع يمس مصالح الكثير من المواطنين، الموضوع الثانى فى وزارة الصحة وبشهادة مقدم الاستجواب قال: «ما كنت أستطيع أن تحصل الدائرة على الخدمات التى حصلت عليها لولا هذا الاستجواب، الذى نوقش وكانت وزيرة الصحة الجلسة شاقة عليها، ونودى على طلب سحب الثقة لكن مقدميه لم يتواجد بعضهم بالعدد المطلوب فسقط الطلب.. وهى إجراءات لم تتخذ من قبل فى مصر، وهو أول طلب سحب ثقة فى تاريخ الحياة النيابية المصرية.

ما تقييمك لانتخابات مجلس الشيوخ التى تجرى جولة الإعادة لها خلال يومين.. ورؤيتك لانتخابات مجلس النواب المقبلة؟

انتخابات مجلس الشيوخ هناك ميزة جيدة فيها وهى القائمة الوطنية، وعلى الناس أن تأخذها بمأخذ التحليل، ولم يكن لدينا بديل إطلاقا وهذا تحالف انتخابى وليس سياسياً، وهذا كان مستحيلا يتم أن يشكل كل حزب قائمة وحده منفرداً، البعض يتكلم عن تدنى نسبة المشاركة لكن تاريخ انتخابات مجلس الشورى السابق كانت كلها كهذه؛ فضلاً عن ظروف إجراء الانتخابات فى ظل فيروس كورونا، وهناك خطوات إيجابية يجب البناء عليها واستغلالها فى انتخابات مجلس النواب المقبلة، وأعتقد وأتوقع أن المشاركة فى انتخابات النواب ستكون أكثر من ممتازة، ولو استمر منهج القائمة الوطنية سيكون جيداً، لأنه يوسع من المشاركة الحزبية فى ظل ظروف الكل يعلمها، وهى الضعف فى البنية الحزبية.

وأعتقد أنها مسألة مهمة للغاية ويجب أن تناقش بعد انتخابات النواب وانتهاء أزمة كورونا فى مؤتمر قومى فى مناقشة موسعة بين كل الأحزاب، حول كيفية إصلاح النظام الحزبى.. «لأن عندنا القاعة مقلوبة الأغلبية مستقلون والأقلية من الأحزاب ونحن نريد قاعدة حزبية واسعة وعريضة».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة