عام واحد تغيب فيه مهرجان الاسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة عن الانعقاد، كان محل تساؤلات من سينمائيين في الداخل والخارج ،فالمهرجان الذي قطع شوطا طويلا في انعقاده علي مدي 17 عاما ،استطاع خلالها أن يستقطب سينمائيين من مختلف دول العالم وأن يلقي الضوء علي تجارب سينمائية مهمة لا يتاح للجمهور مشاهدتها سوي من خلال تلك النافذة ،وأن يدفع بمخرجين في تجاربهم الاولي ، ويحدث احتكاكا مطلوبا بين السينمائيين المصريين ونظرائهم في كل دول العالم .. كل ذلك أحدث بلاشك حراكا مهما في السينما ،ماكان يجب التهاون بشأنه والاستهانة بأهميته ، التي تزداد بانعقاده في الاسماعيلية ،الجميلةالهادئة ،ذات الموقع الفريد علي قناة السويس التي نحتفل هذا العام بمرور ستين عاما علي تأميمها ،وما يحدثه المهرجان من رواج مطلوب لهذه المدينة في ظل امكانات كبيرة تتمتع بها ،تؤهلها لتصبح مدينة سياحية من الدرجة الأولي،وهو ما أكد عليه المحافظ اللواء أركان حرب يس طاهر في حفل الافتتاح مشيرا الي أن المهرجان يبعث برسالة سلام الي العالم تبرهن علي الاستقرار والأمان اللذين تتمتع بهما مصر. لقد استمد المهرجان أهميته ونجاحه بجهود مجموعة من كبار السينمائيين الذين بذلوا الجهد علي مدي سنوات ومن بينهم المخرج هاشم النحاس ود.محمد القليوبي ،والناقد الكبير علي أبو شادي الذي تولي رئاسته لسنوات عديدة كانت بمثابة العصر الذهبي للمهرجان ،ونجح باقتدار في وضعه علي خريطة المهرجانات الدولية المهمة بدعم كامل من فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق الذي تحمس لإقامته ومنحه الدعمين المادي والمعنوي . يعود المهرجان هذا العام بعد توقفه العام الماضي ، وقد دفع بعودته وزير الثقافة حلمي النمنم الذي وعد في كلمته خلال حفل الافتتاح بانتظام انعقاد المهرجان سنويا ،وأن تعود مهرجانات اخري للاسماعيلية ،بتأييد وحرص من محافظ الاسماعيلية ،لقد تكاتف الوزير والمحافظ علي استعادة المهرجان ،فكل منهما يعي تماما أهمية استمرار هذا الحدث الثقافي الذي تحتضنه المدينة العريقة،وسعي كلاهما لتذليل كافة العقبات ،وأسند الوزيرمهمة هذه الي الفنان الشاب خالد جلال رئيس قطاع الانتاج الثقافي الذي لايغيب عن اي حدث ثقافي ،وقد أعاد الروح لذلك القطاع المهم الذي يساند كافة المشروعات الثقافية ويمنحها الدعم والمساندة ،ويعيد لها البريق المفقود . يعقد المهرجان برئاسة المخرج أحمد عواض رئيس المركز القومي للسينما الذي يدرك فضل المهرجان علي جيله وأجيال عديدة من المخرجين ،وقد اختارفريق عمل من الشباب يضفي علي المهرجان حيوية كبيرة وعلي رأسهم زميلنا الناقد الصحفي محمد عاطف المدير الفني الذي اكتسب خبرة كبيرة ونجح في استقطاب 76 فيلما من مصرومختلف دول العالم ليستمتع بمشاهدتها جمهور الاسماعيلية .
تأتي أهمية المهرجان باعتباره الوحيد في مصر المتخصص في السينما التسجيلية، «ذاكرة الزمن» التي تمثل سينما الحقيقة ،فهي تؤرخ للأحداث والوقائع بمصداقية وبلارتوش ، كما يلقي الضوء علي الأفلام القصيرة التي تقام لها مهرجانات عالمية ،ولاتلقي الاهتمام المطلوب في مصر ،رغم أنها لاتقل أهمية ولا إبداعا عن الأفلام الطويلة ،والمشكلة ان الجمهور لدينا اعتاد الأفلام الطويلة ،ودور العرض لاتستقبل سوي هذه النوعية ،ورغم وجود قرار سابق بعرض الأفلام القصيرة والتسجيلية قبل عروض الأفلام الطويلة في السينما الا أن هذا القرار لاينفذ لصالح الاعلانات التجارية ،وهو مانتمني أن يتم تفعيله لنشر ثقافة مشاهدة هذه الأفلام بين الجمهور.