رفعت رشاد
رفعت رشاد


يوميات الأخبار

شـارع الحكومـة !!

رفعت رشاد

الأربعاء، 09 سبتمبر 2020 - 06:02 م

 

رحم الدكتور رفعت المحجوب الذى ارتفع صوته داخل مجلس الشعب رافضا وجود الجامعات الخاصة التى لا هدف لها إلا مص دماء وجيوب أولياء الأمور.

 ليست نكتة أن يكون الشارع بالفعل شارع الحكومة، فالشارع رمز للسلطة ولكل الأشياء فى الدول، فلو وجدت الشارع نظيفا فذلك بسبب الحكومة التى هى الجهة الرسمية المسئولة عن النظافة، وإذا وجدت المرور منضبطا فالسبب فى ذلك الحكومة التى هى شرطة المرور بجانب طبعا سلوك المواطنين فى حالة عدم وجود الشرطى، وإذا وجدت الباعة منظمين فى وقفتهم وفرشتهم فهذا ليس إلا بسبب الحكومة وشرطة المرافق التى يجب أن تحدد مع السلطات المحلية أماكن وقوف الباعة ومواعيد نشاطهم وغير ذلك. وإذا وجدت عكس ما ذكرته سابقا فهو أيضا بسبب تقاعس جهات حكومية تركت الشارع من غير صاحب فاحتله كل من يريد وسيطر عليه كل بلطجى. أنت لا يمكنك أن تركن سيارتك بدون استئذان الباشا السايس البلطجى وهو الذى يحدد تعريفة الركنة ـ والجدع اللى ما يسمعش الكلام ـ لا يمكنك أن تحمى نفسك من باعة المناديل الذين يقتحمون سيارتك فى الإشارات فى تسول مقنع ومعظم هؤلاء أطفال يتم استئجارهم لصالح شيخ المنسر الذى يسيطر على مساحات جغرافية يتم توزيعها بالتفاهم مع شيوخ المنسر الآخرين.
لا يقتصر الأمر على ذلك بل يمكن لجماعة من البلطجية أن يتفقوا على إغلاق شارع كامل لصالح أعمالهم فيبدأون بتضييق حارة المرور وتوزيع عربات ومهملات حتى يكره المواطنون المرور من هذا الشارع فيستولى عليه البلطجية لحسابهم كما حدث فى شارع ترعة الإسماعيلية بشبرا المظلات. لقد نشرت العديد من المقالات فى هذا المكان ولم يتحرك وزير التنمية المحلية ولا محافظ القاهرة ولا نائب المحافظ ولا رئيس الحى وخجلت من أن أناشد رئيس الوزراء فى ظل مشاغله ومع ذلك عملوا «ودن من طين وأخرى من عجين» واللافت أن لا جهة واحدة نفت ما نشرته ولا حتى أرسلوا شخصا يقول: كل شيء تمام. هذا يعنى أن الحكومة ممثلة فى بعض صغار كبار الموظفين تغض البصر والبصيرة عما يحدث فى شوارعها ويكون الضحية المواطن الذى يعتقد أن صلاحه يشفع له فى العيش فى أمان وكرامة داخل شارع من شوارع مدينته.
فى طفولتنا كان يرتفع صوتنا ونحن نقول: إحنا واقفين فى شارع الحكومة، وهو بالفعل كذلك، فهل ينكر أحد سلطة الحكومة على كل شبر فى الشارع!! لكن يبدو أن الحكومة لم تعد ترغب فى الاحتفاظ بالشوارع وهو أمر جلل نتائجه سلبية فى كل الأحوال.
أهوال الالتحاق بالجامعات
نعيش منذ فترة صدمة المجاميع العملاقة التى حققها الطلبة فى امتحان الثانوية العامة. سعدنا بوجود أبناء لنا متفوقين ولكن هذا التفوق وهذه المجاميع ـ يبلها ويشرب ميتها ـ الطالب وعائلته. هل من المعقول أن يحصل طالب على 97% ولا يستطيع الالتحاق بكلية الطب؟؟!! أضرب مثلا بالطب لأنه حلم معظم الطلاب وهو حق لهم، هل قصدت وزارة التعليم العالى والعادى دفع الطلاب فى خانة المجاميع لصالح الجامعات الخاصة؟. قلبى مع أولياء أمور يضطرون إلى سداد عشرات الآلاف من الجنيهات كمصاريف فى الجامعات الخاصة لكى يروا ابنا أو ابنة فى كلية الطب أو الألسن أو غيرها من الكليات التى تسمى بكليات القمة. وهل مازال التعليم مجانيا بعد سداد كل هذه الآلاف حتى فى الجامعات الحكومية؟. وللأسف تروج وسائل الإعلام بشكل مباشر لمزايا التعليم فى الجامعات الخاصة وكيف أن الطلاب سعداء ويتمتعون بتعليم راقٍ!!
رحم الله جمال عبد الناصر الذى جعل التعليم مجانا ورحم الدكتور رفعت المحجوب الذى ارتفع صوته داخل مجلس الشعب رافضا وجود الجامعات الخاصة التى لا هدف لها إلا مص دماء وجيوب أولياء الأمور.
أشهر الأخطاء الصحفية
يستمر الكاتب الصحفى والصديق الأستاذ على القماش فى إدهاشنا بتألقه وتمسكه بتحقيق إنجازات فى كل وقت. أصدر القماش العديد من الكتب كما نظم العشرات من الحملات الصحفية الناجحة التى حققت أهدافها وأحدثت تغييرات فى أوضاع سلبية ورغم الظروف المحيطة بالصحافة والتى يمكن أن تحبط كثيرين حتى عن المتابعة، يدهشنى القماش ويصدر كتابه الجديد عن «أشهر الأخطاء الصحفية». الكتاب بجانب مرجعيته فى التأريخ للصحافة فى فترات مختلفة إلا أنه ممتع كثيرا بإحاطته للعديد من العناوين والأخبار التى نشرت منذ أن كان جمع حروف الطباعة بالرصاص أو بسلخات البرومايد بعد ذلك أو حتى بالكمبيوتر. فرغم التطور الذى يسمح بالمراجعة الدقيقة لما ينشر إلا أن الصحف تحفل بالعديد من الأخطاء التى تمر على مراجعى الصياغة ومراجعى اللغة وعلى نائب رئيس التحرير القائم على الطبعة وعلى العديد من الأعين. ويرصد القماش أبرز هذه الأخطاء ومنها المانشيت الرئيسى لجريدة الأخبار فى الستينات «مصرع السفاح.. عبد الناصر فى باكستان» نشر هذا العنوان بدون فاصل فبدا وكأنه يتحدث عن الزعيم وكان لنشره تبعات مدوية ومفصلية فى تاريخ الصحافة.
لم يقتصر كتاب القماش على الإشارة للأخطاء الصحفية بل خصص ما يزيد على 180 صفحة لرصد والتأريخ لمختلف أنواع الأخطاء الصحفية، أعتبرها مادة جزلة لكل مهتم بالصحافة طاف بنا خلالها القماش فى أزمان التاريخ وتناول شخصيات سياسية وفنية وصحفية فعرفنا من خلال ذلك الكثير عن الصحافة والمهنة وليت شباب الصحفيين يطلعون على الكتاب للاستفادة.
إمبراطورية الدم
عرفت صديقى الشاب اللامع د.أسامة السعيد منذ سنوات طويلة بعدما تخرج فى كلية الإعلام ورشحه عميدها وقتذاك لرئيس تحرير الأخبار لكى يمارس مهنة الصحافة فى مدرسة الصحافة. جاء أسامة مع بعض الزملاء أذكر منهم المرحوم أحمد عبد الفتاح صبرة وأمير لاشين وأحمد الدسوقى وقد أظهروا تفانيا واجتهادا وحبا للصحافة وتألقوا فى مهنتهم وصاروا أوتادا. عمل د.أسامة فى أقسام عدة بالجريدة مما متعه بخبرات متعددة، بدأ بقسم التحقيقات الصحفية وهو القسم الشامل الذى يتخرج فيه الصحفى بدرجة متمكن، بعدها عرَج على القسم السياسى فخبر البرلمان والأحزاب وانتقل إلى تغطية نشاط رئيس الجمهورية وقت عهد الرئيس مبارك وخرج إلى رحلة فى الخليج العربى أكسبته معرفة وتقاليد مجتمعية وثقافة إضافية وهناك أصدر أولى رواياته التى فازت بجوائز مهمة، وبعد عودته تولى موقع مدير مركز أخبار اليوم للتدريب بعدما حصل بتفوق على درجة الدكتوراه.
مؤخرا أصدر د.أسامة كتابه المواكب لما يمر بنا من أحداث «إمبراطورية الدم.. حقيقة الوجود التركى فى المنطقة العربية» الكتاب صدر ضمن سلسلة «كتاب اليوم» التى يرأس تحريرها الكاتب المتميز علاء عبد الهادى فى توقيته المناسب تماما فجموع المواطنين فى حاجة إلى فهم ما يجرى حولهم من أفعال يقوم بها الرئيس التركى وتحركاته التى تشعل نار الخطر بالمنطقة، وقد شرح فيه السعيد بعبارات كالسهل الممتنع تاريخ الوجود التركى فى المنطقة واستغلال الدين للتوسع الاستعمارى بالغزو حتى للدول الإسلامية وما فعله الأتراك بمصر وحكامها وتسبب الاحتلال التركى فى عودة البلاد العربية إلى العصور الوسطى واستغلالهم قضية فلسطين وشرح السعيد الجرائم التى ارتكبها الأتراك على مدى قرون فجاء الكتاب وجبة دسمة تشبعنا بمعلوماتها بدون عسر هضم، فهو يقرأ فى جلسة واحدة لكن بما يجعلنا نفهم ما يدور حولنا من أوضاع.
بيومى عبد القادر
تعامل المواطنون العاديون مع البنوك مثل لعبة الحظ، قد تحظى بفرع قريب من بيتك، غير مزدحم، يتعامل موظفوه مع العملاء بلباقة واحترام، فيخرج العميل وهو راض وشاعر بالارتياح لهذه المعاملة، وقد يكون حظك سيئا فتجد الفرع القريب من بيتك دائم الزحام بسبب عجز قادة الفرع على تنظيم التعامل مع العملاء وربما تكون المعاملة جافة، على طريقة «خلصنا عاوز إيه..». وقد كان حظى عثرا لأن فرع البنك الذى أتعامل معه والموجود قرب السكن، فى غاية السوء، لم أذهب مرة لأجده إلا مزدحما ويبقى العملاء لما بعد مواعيد العمل الرسمية لأجل إنجاز ما جاءوا من أجله، لذلك تركت فرع أغا خان وقررت التعامل مع فرع روض الفرج ومن حسن الحظ أن مقره على طريق الكورنيش فمن السهل خلال ذهابى لعملى بالجريدة التوقف وإنجاز مصلحتى. فى ذاك الفرع كان الوضع مختلفا فالزحام خفيف ومقبول، ربما يحل دورك فى التعامل بعد عدد قليل من الأشخاص فلا تشعر بأنك أهدرت وقتا طويلا، كما أن الموظفين يتمتعون باللباقة إلى حد كبير. لكن ذات يوم تعثرت المصلحة التى ذهبت من أجلها واضطررت للتعامل مع أكثر من موظف ولكن أصموا آذانهم فرفعت صوتى مطالبا بحل الموضوع الذى هو من حقى تماما. التف حولى بعض الموظفين إلى أن جاء أحدهم وطلب منى مصاحبته إلى مكتبه فسألت: مين حضرتك؟ قال: أنا بيومى عبد القادر مدير الفرع.
فى مكتبه رحب بى وطيب خاطرى وقدم لى مشروبا فهدأت الانفعالات وسألنى عن موضوعى، فشرحت له المسألة فقال: لديك الحق، لذلك علينا أن نساعدك فى إنجاز مصلحتك سريعا حتى تلحق بمصالحك الأخرى التى ترتبط بما تطلبه من البنك. وبسرعة طلب أحد كبار قيادات الفرع ووجه إليه تعليمات بسرعة إنجاز الخطوات المطلوبة شارحا له ما سيفعله فانطلق الرجل وخلال ذلك كان السيد/ بيومى عبد القادر يتبادل معى الحديث وبعد قليل جاء الموظف المكلف وقد أنجز ما طلب منه.
أروى هذه القصة لأن كثيرا من الموظفين يعوقون مصالح المواطنين، لكن هناك أيضا من يجمع بين العمل على راحة الناس معنويا ومهنيا، فهو لا يخالف اللوائح والقوانين لكنه يتعامل بروحها لكى يحقق أفضل النتائج مع العملاء. مضى على هذه القصة عدة سنوات وترقى مدير الفرع إلى موقع أكبر وترك الفرع لكن بين الحين والآخر يتصل بى تليفونيا للسؤال عن شخصى والاطمئنان عن ما لو واجهت مشاكل فى التعامل مع الفرع الذى كان مديره لكى يتدخل ويذللها!! بالمناسبة البنك قطاع عام أو من بنوك الدولة أى أن لدينا من الإمكانيات البشرية من يمكنه الدفع بمؤسساتنا المملوكة للشعب إلى الأمام.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة