جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

درس «أوكسفورد»!!

جلال عارف

الأربعاء، 09 سبتمبر 2020 - 06:08 م

صدمة مفاجئة لجهود إنتاج لقاح «كورونا». حتى أمس كان لقاح «أوكسفورد» يتصدر السباق بين سبعة أو ثمانية لقاحات تخوض مرحلة التجارب النهائية من بينها اللقاح الروسى والصينى والأمريكى وقبل يومين  كان وزير الصحة البريطانى يتحدث عن نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل موعداً لبدء إنتاج لقاح أوكسفورد الذى تنتجه شركة «استرازينيكا» العالمية والتى تعاقدت بالفعل على بيع مئات الملايين من جرعات اللقاح بعد اعتماده.
بالأمس كانت المفاجأة فى إعلان الشركة عن وقف التجارب السريرية التى تجريها حول العالم على اللقاح الذى جرى تطويره فى معامل جامعة «أوكسفورد» ذات السمعة العلمية المرموقة وذلك بسبب إصابة أحد المشاركين فى هذه التجارب بـ «مرض محتمل غير مبرر» كما قالت الشركة.
ورغم أن الحديث - حتى الآن - عن حالة مرضية واحدة بين أعداد قد  تصل إلى أربعين ألفا يخضعون للتجربة النهائية.. فإن الأمر هنا لا يحتمل مطلقاً أى تهاون. والقرار الفورى هو إيقاف التجارب وإعادة التقييم من جهة علمية مستقلة وتملك المصداقية والعلم لإصدار القرار بشأن ما حدث.
الالتزام العلمى لا يسمح مطلقاً بأى مغامرة غير مأمونة فى قضية تتعلق بأرواح البشر. وجهة الإنتاج «شركة استرازينيكا» تدرك جيداً العواقب الاخلاقية والمادية إذا لم تلتزم بالقواعد الصارمة لإجراء التجارب.
القرار بإيقاف التجارب سيؤخر (فى أحسن الأحوال) موعد إنتاج لقاح «أوكسفورد» إذا أثبتت المراجعة والتحقيقات سلامته. وقد يكون الوضع أسوأ إذا ثبت أن هناك أضرارا جسيمة للقاح وتعطل المشروع لأجل غير مسمى. لكن لا مجال هنا للعبث بأرواح الناس، وليس هناك من بديل عن القرار الذى تم اتخاذه بايقاف التجارب مؤقتاً.
القرار يعزز موقف الهيئات الطبية العالمية الذى يؤكد على عدم التسرع فى إنتاج أى لقاح قبل التأكد تماما من فعاليته ومن سلامته وعدم تسببه فى أضرار خطيرة، ويخفف - بلا شك، من ضغوط السياسة واغراءات الأرباح الطائلة فى سباق لقاح «كورونا».
التنافس حول انتاج اللقاح سيبقى قائماً، وضغوط البيزنس والسياسة لن تزول تماماً.. لكن درس «أوكسفورد» يقول إن علينا أن نستخدم تلك العوامل فى خدمة العلم وليس فى استغلاله، وأنه لا مجال للعبث بأرواح البشر فى قضية ينبغى أن يحكمها - أولا وأخيراً - الضمير العلمى والقوانين الحاكمة التى تضمن ألا يطرح أى لقاح قبل التأكد تماماً من فعاليته ومن السلامة الكاملة لمن يستخدمه.. حتى ولو كره أهل البيزنس فى احتكارات الدواء، أول أهل السياسة فى مواسم الانتخابات!!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة