لا أدري إلي متي يظل الانحياز الفاضح للأثرياء علي حساب محدودي الدخل مستمرا في مصر ؟! قام الشعب بثورتين أملا في تحقيق العدالة الاجتماعية، لكن لم يتغير شيء. وأصدق مثال علي ذلك نظام الشرائح الضريبية في القانون رقم 96 لسنة 2015، الذي خفض الحد الأقصي للضريبة علي الدخل من 25% إلي 22.5%، وألغي ضريبة الـ 5% التي سبق فرضها علي المليونيرات، ولم يرحم القانون أصحاب الدخول المتدنية من دفع الضرائب. فرغم أن الحد الأدني للأجور 1200 جنيه شهريا، أي 14 ألفا و400 جنيه سنويا، إلا أن الإعفاء الضريبي يقتصر علي مبلغ 13 ألفا و500 جنيه منها 6500 جنيه لجميع الممولين، إضافة إلي الإعفاء الشخصي الذي يصل 7 آلاف جنيه. العدالة تقتضي توزيع العبء الضريبي علي فئات المجتمع وفقا للدخول، مع مراعاة حد الدخل اللازم لتلبية الاحتياجات الأساسية، وإصلاح الخلل السائد حاليا حيث يتحمل الأفراد العاديون نسبة 60% من حصيلة الضرائب والرسوم المختلفة في مصر، ويصل معدل الضريبة علي المواطن المصري ضعف مثيله علي الشركات - وفقا لدراسة أعدها البنك الدولي - بينما يصل في دول مثل تايلاند وإسرائيل والدنمارك خمس الشركات.
للأسف تتصور الحكومة أن تخفيض الحد الأقصي للضريبة يمثل عامل جذب للمستثمرين. وقد ثبت خطأ هذا التصور، بدليل ارتفاع الاستثمار في دول تتسم بمعدل ضريبة مرتفع مثل فرنسا التي يصل الحد الأقصي للضريبة بها 60 % والبرازيل 66% فلا يهم المستثمر معدل الضريبة بقدر اهتمامه بمستوي بيئة الأعمال. آن الأوان لإعداد نظام ضريبي عادل، يتحمل فيه الأثرياء العبء الأكبر، وتحريك حد الإعفاء ليشمل أكبر عدد من محدودي الدخل الذين لا تكفي مرتباتهم متطلبات الحياة الأساسية.