إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة :

الكورونا والنشر

إبراهيم عبدالمجيد

السبت، 12 سبتمبر 2020 - 07:58 م

للكورونا أثر سلبى كبير على صناعة النشر. صناعة النشر أصلا تعانى منذ سنوات من ارتفاع أسعار الورق وأسعار الطباعة بعد تعويم الجنيه. ارتفعت أسعار الكتب ووصل سعر الكتاب الذى لا يتجاوز مائة وستين صفحة من القطع المتوسط إلى أربعين جنيها بعد أن كان لا يتجاوز العشرين جنيها. كتبنا أكثر من مرة عن كيف يمكن انقاذ صناعة الكتاب، بأن تشترى وزارة الثقافة ألف نسخة من كل كتاب توزعها على مكتباتها، مما يساهم فى مساعدة الناشر فى تقليل سعر ما يطبعه بعد هذه الألف نسخة، لكن هذا الاقتراح لا يمكن أن يتم، ولو حدث الشراء فيكون من مائة إلى مائة وخمسين نسخة. كتبنا أن الأمر نفسه يمكن أن تفعله وزارة الشباب ووزارة التربية والتعليم لمكتباتها لكن ما ينطبق على وزارة الثقافة ينطبق عليهما. وزارة الثقافة تطبع كتبا زهيدة السعر فى هيئاتها وهذا جميل، لكن تتصور أن القطاع الخاص يغالى فى أسعاره وتنسى أن كتب هيئاتها مثل الثقافة الجماهيرية أو هيئة الكتاب أو حتى دار الكتب مدعومة بالمال فهى تقف عليهم بالخسارة مما لا يمكن أن يتحمله القطاع الخاص. فى بعض الدول الأوربية يتم شراء الكتب وتوضع فى المكتبات العامة ويحسب للمؤلف نسبة عن القراءة العامة المجانية، لأن كل قراءة مجانية تعطل بيع نسخة من الكتاب. هذا كله تعبنا من الحديث فيه. جاءت الكورونا وضاعفت أزمة النشر، فالمغامرة بالنشر الآن تفتقد كثيرا من الحماس، لتوقف المعارض العربية ولصعوبة عمل ندوات وحفلات توقيع، فى الوقت الذى لم نتعود بعد على أن يكون النشر الإلكترونى هو الأساس، خاصة أن أى كتاب لو تم نشره الكترونيا فى بلادنا لا تتم حمايته من السرقة والعرض مجانا للقراء، مما يفسد مسألة النشر الإلكترونى من أساسها. عدد ما نشرته دور النشر المصرية فى الشهور الستة السابقة قليل جدا قياسا على العام السابق. لقد صنع هذا الوضع أزمة لكثير من الكتاب. وصار سؤال ما جدوى النشر الآن ولا يتردد على المكتبات إلا أعداد قليلة؟ ومن ثم يؤجل الكثيرون نشر أعمالهم أو يتردد الكثيرون من الكتّاب الآن فى النشر. للأسف أنا منهم فلدى كتابان أحدهما ذكريات عن الأيام الحلوة فقط فى الحياة الثقافية، والآخر رواية انتهيت منها فى ظل حبسة البيت. لا أتعجل نشر الرواية فآخر رواية نشرتها وهى رواية «العابرة» لم يمر عليها عام. لكن يغيظنى ترددى فى نشر الذكريات الحلوة. وجدت فى بعض التغريدات المتتالية من الكتاب فرصة بديلة على تويتر فوجدت حفاوة كبيرة بها واستعجالا لنشر الكتاب، ولا أحد يدرى طبعا بشعور كاتب من جيل قديم مثلى حين ينشر كتابا لا يستطيع الاحتفاء به فى ندوة أو حفل توقيع بمكتبة. نحتاج سنوات حتى يكون النشر الالكترونى هو الأول عن نشر الكتاب أو يكون الكتاب الصوتى هو الأول كذلك، ومن هم مثلى رغم معرفتهم بتوفر كتبهم الكترونيا أو صوتيا لا يزالون يؤمنون بأهمية الكتاب الورقى؛ لذلك أنا أنظر إلى ما كتبت، وهو بالمناسبة أمامى على الديسك توب، وأقول له لا تحزن خليك معايا احنا نشرنا كتير حصل إيه فى الدنيا يعنى؟ أضحك وأنا أردد ذلك. ورغم سهولة نشر الكتاب فى أى دار نشر لكن الكورونا أوقفت الزمن فلم يعد يزيد على جلسة فى البلكونة. قرأت خبرا عن دعم وزارة الثقافة لدور النشر بسبب أزمة الكورونا لكنى لم أدخل فى التفاصيل، لأن الدعم الوحيد هو شراء ألف نسخة من كل كتاب، ولا أظن أن ذلك سيحدث لكثرة الكتب، لكن يبقى دائما الأمل أن تنتهى الكورونا يوما ما لنلتقى فى المعارض والمكتبات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة