محمد سعد
محمد سعد


أمنية

الطوبجى «أعمى»

محمد سعد

الأحد، 13 سبتمبر 2020 - 06:39 م

وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكنَّ اللَّهَ رَمَى (17)» سورة الانفال ، الأسبوع الماضى احتفل سلاح المدفعية بعيده الـ52 إذ يعتبر أبناء السلاح يوم الثامن من سبتمبر عام 1969، من امجد أيام حياتهم بعد ان هدرت مدافع 36 كتيبة - 21 كتيبة من الجيش الثانى، و15 تابعة للجيش الثالث الميداني- نيرانها على طول خط المواجهة مع العدو لمدة 3 ساعات وبعمق 20 كيلو داخل سيناء ردا على قصف العدو الاسرائيلى لمدينة الزيتية بالسويس.
وبالمناسبة فإن رماة المدفعية الذين يقومون بالعمل على المدافع فى مرابض النيران يطلق عليهم لقب «الطوبجى الأعمى»، وسبب هذه التسمية أن رامى المدفعية لا يرى الهدف الذى يصوب النيران عليه لأن المهام الرئيسية فى المدفعية هى الضرب غير المباشر، ومع هذا فإن دانات مدفعه تتصف بالدقة البالغة، وتصنف مدفعية الميدان المصرية باعتبارها من أمهر المدفعيات فى جيوش العالم.
وفى حرب السادس من أكتوبر حشدت القوات المسلحة ، فى سابقة نادرة الحدوث فى تاريخ الحروب، أكثر من 2000 قطعة مدفع على امتداد جبهة القتال، ، وقبل بدء عبور القوات، هدرت المدفعية بقوة وصبت حممها فوق مواقع القوات الإسرائيلية وبينما كانت قوارب المشاة تعبر القناة كانت المدفعية مستمرة فى القيام بالتمهيد النيرانى الذى يعد واحداً من أكبر عمليات التمهيد النيرانى فى تاريخ الحروب، وبينما كانت الموجة الأولى تتسلق الساتر الترابى تواصلت نيران هذا التمهيد بشراسة لحرمان العدو من إعاقة القوات قبل أن يبدأ الاقتحام المباشر للنقاط القوية، استمر القصف لمدة 53 دقيقة وكانت قدرة إنتاج النيران هائلة بحيث سقط على المواقع الإسرائيلية فى الدقيقة الأولى 10 آلاف و500 دانة مدفع بمعدل 175 دانة فى الثانية الواحدة.
وقبل ثلاثين عاماً من هذا اليوم المجيد فى التاريخ المعاصر شهدت مصر تمهيداً نيرانياً آخر فى الناحية الغربية من البلاد عندما قامت القوات البريطانية بتمهيد نيرانى ضخم قبل الهجوم على قوات روميل فى العلمين وكانت مدفعية الميدان المصرية أحد العوامل الرئيسية فى تحقيق النصر فى هذه المعركة بعد سلسلة هزائم متتالية أمام ثعلب الصحراء روميل.
لقد ابلى سلاح المدفعية بلاء حسنا فى كل الحروب التى خاضتها مصر منذ أن أسس السلاح محمد على باشا والى مصر قبل أكثر من مائتى عام ، وذكر الفريق محمد سعيد الماحى قائد السلاح وقت حرب أكتوبر الذى وصفه الرئيس السادات بأنه «قائد مهيب مثل مدفعيته»، أن المدفعية المصرية ظلت تقاتل ضد السفن المغيرة عليها وضد المدرعات والطيران المعادى فى وقت واحد ، حتى أمسكت النيران بكل شبر من الارض فى شرم الشيخ ، وأصبح من المتعذر إطفاؤها، كما ذكر ان اى معركة تكون الطلقة الأولى دائماً للمدافع ، وإن قذائفها هى اشارة البدء لكى تشتعل الأرض ومواقع العدو بالنيران ، ثم تقتحم المشاة حصونه ومراكز حشد دباباته وتجمع قواته .
مسك الختام
الحديث عن بطولات المدافع لا يتسع المكان لذكرها فعندى منها الكثير والكثير فقد كان والدى - رحمة الله عليه - احد رجالاتها المخلصين خلال حرب أكتوبر المجيدة وصنع مع رفاقة ملاحم وبطولات خلدها التاريخ العسكرى.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة