عبلة الروينى
عبلة الروينى


نهار

بنت شيخ العربان «٢»

عبلة الرويني

الإثنين، 14 سبتمبر 2020 - 07:46 م

تشير ميرال الطحاوى فى كتابها «بنت شيخ العربان» إلى قيام جدها ومشايخ عربان النواحى المجاورة، بإطلاق النيران والزغاريد فى الهواء، ابتهاجا بوفاة عبد الناصر، أملا فى زوال تلك الحقبة الثقيلة!!... وتوضح ميرال كيف كانت دولة يوليو، وراء زوال نفوذ العربان... فالتغيير السريع نحو الدولة المدنية الحديثة، وطموح تلك الدولة لصهر المصريين فى بوتقة الأعراق والأجناس، وتحويل الجماعات البشرية إلى مواطنين... تغيير لم يستطع العربان التكيف معه ولا قبوله..!!
الإبتهاج بموت عبد الناصر، إشارة لم تتجاوز سطرين فى الكتاب... لكنها بالغة الدلالة على مجابهة العربان للعلم والعمل والتطور والاندماج فى الدولة الحديثة!!... إشارة أخرى ذات دلالة، هى صداقة الجد الأكبر للكاتبة «سعود الطحان» لدليسيبس، وتعامله مع الانجليز، وخيانة عرابى!!.. ومن قبل أيضا انضمام الجد الأكبر، إلى بونابرت فى غزوه لمصر!!..... تاريخ من الإغارة والسطو والنفوذ والغلبة السياسية، التى اعتبرها العربان حقا شرعيا ورثوه أبد الدهر!!
انشغل الكتاب بنصف الهوية المشطورة.. بهجرة العربان وسطوتهم وشريعتهم وثقافتهم وعزلتهم وحرصهم على نقاء العرق... بينما النصف المشطور الآخر «العلاقة بالوطن، محاولات الاندماج داخله، أو محاولات التمرد والخروج على القبيلة» لم تتطرق إليه، أو هو المسكوت عنه طوال الكتاب!!
وسط سرد تأريخى عام للعربان فى مصر.. ينطوى الكتاب على سيرة ذاتية مسكوت عنها، أو سيرة ذاتية متضمنه بالضرورة، أو تحديدا هى «الهوية المشطورة».. فتاريخ العربان المناهض للعلم والتحديث والمدنية، تكتبه بنت شيخ العربان التى تعمل حاليا أستاذا فى إحدى الجامعات فى أمريكا!!.... وتاريخ العربان المنغلق على نفسه، المناهض للاندماج والمحافظ على نقاء العرق «ارميها للتمساح ولا يأخذها الفلاح»!!... تكتبه بنت شيخ العربان الكاتبة والمبدعة والنموذج للعقل الحر والروح الحرة المستقلة..
ورغم.. لكنها لم تشرح بصورة واضحة التناقض بين المحافظة على الهوية ونقاء العرق، إلى حد عدم الزواج من خارج القبيلة «ارميها فى الرياح.. ولا أديها للفلاح»!! وبين محاولات التمرد والخروج عليها، أو الاندماج لدى أجيال من العربان الجدد.. وهو ما يستدعى كتابة السيرة الذاتية لتتطابق مع العنوان «بنت شيخ العربان».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة