صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


حكايات| «ثقب الأوزون».. أكذوبة انجرف وراءها العالم أم حقيقة موجودة؟

إنجي خليفة

الأربعاء، 16 سبتمبر 2020 - 03:37 م

 

-رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق: ثقب الأوزون «لعبة أمريكية» غرضها سياسي

-رئيس قسم علوم الفلك والفضاء والأرصاد: ترويج من الغرب.. ولا دليل على وجوده

-خبير الأرصاد الجوية بعلوم القاهرة: مصر والشرق الأوسط غير متأثرين بثقب الأوزون

- مدير مشروع برتوكول مونتريال: الثقب «موجود».. ومصدره تهديه تكنولوجيا ابتعها الإنسان

 

هناك بعض الأمور حول طبيعة الكون، نعتقد جميعًا أنها من المسلمات، الحديث هنا على سبيل المثال لا الحصر عن الأشعة فوق البنفسجية والأخرى تحت الحمراء والشهب والنيازك التي تسقط من السماء، فكل هذه من الأمور المسلمة، لكن البشر يضيفون إلى قائمة المسلّمات مسألة ثقب طبقة الأوزون ومسألة اتساعه وضيقه، ويعتبرونها حقيقة في هذا الكون.

ومع جائحة كورونا، وتوقف الحياة بصورةٍ كبيرةٍ في عدة بلدان، وغلق كثير من المصانع، راجت شائعات حول ضيق ثقب الأوزون، ذلك الثقب الذي يراه بعض الخبراء أنه مزعومٌ، وهذا الأمر هو بيت القصيد في موضوعنا هذا.

وفي الأثناء، يحتفل العالم اليوم الأربعاء 16 سبتمبر باليوم العالمي للحفاظ على طبقة الأوزون، وهو الاحتفال الذي يصاف هذا التاريخ من كل عام، ويأتي تخليدًا لذكرى توقيع بروتوكول مونتريال عام 1987، المتعلق بالمواد المستنفذة لطبقة الأوزون، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون يومًا عالميًا للحفاظ على طبقة الأوزون منذ عام 1994.

حاولنا أن نكشف جزء من الحقيقة حول ثقب طبقة الأوزون الذي طالما التصقت به الأقاويل، وكان مرشدنا في رحلة البحث عن الحقيقة مقولة للعالم المصري محمد جمال الدين فندي والذي يلقب بأبو الأرصاد في مصر.

"إذا كنت تستطيع أن تخرق البحر، في هذه الحالة تستطيع أن تثقب السماء"، هكذا تحدث الدكتور فندي عن ثقب الأوزون، وهذه المقولة كانت الأساس الذي ارتكز عليه رأي د. أحمد عبد العال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، مؤكدًا أن من غير المنطقي أن يكون الأوزون متوازنًا في منطقة ويأتي في الأخرى ويختل.

لعبة أمريكية

وأضاف عبد العال لـ"بوابة أخبار اليوم"، "ثقب الأوزون كذبة ليس لها وجود حقيقي. أيضًا التقارير التي ذهبت لتعافي الأوزون نتيجة فيروس كورونا غير حقيقية".

ورأى عبد العال، أنه لا يوجد ما يسمى بثقب الأوزون، واصفا إياه بأنه «لعبة أمريكية» غرضها الأول سياسي والحديث عنه غير علمي، ولها اهداف اقتصادية تعود بالنفع على الدول الاقتصادية على حساب الدول النامية.

وتابع «عبد العال»، أن "كل المشكلات التي تحدث في الغلاف الجوي هي نتيجة الاستخدام المفرط للبترول ومشتقاته والفحم ومشتقاته والحل الأمثل هو اللجوء إلى استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وهي متوفرة بكثرة مثل الشمس والهواء والماء"، موضحًا أن مصر تسير نحو هذا الاتجاه.

ومن جانبه، قال الدكتور السيد محمد عبد الحميد ربعة، أستاذ ورئيس قسم علوم الفلك والفضاء والأرصاد الجوية بكلية العلوم جامعة القاهرة، إن "الدكتور الفندي من علماء الأرصاد الجوية ومؤسس قسم علم الفلك والأرصاد الجوية بجامعة القاهرة وله وزنه في هذا العلم وكونه ذهب إلى هذا الرأي في هذا التوقيت الذي لم تكن العلوم فيه قد تطورت بالشكل الذي نحن عليه الآن يعد أمر إيجابي".

واستطرد قائلًا، "لكن هناك طفرة حدثت بعد وفاة دكتور الفندي وتوقف نشاطه العلمي الذي وصل إلى ما يقرب من نصف القرن".

لا دليل

وأكد دكتور ربعة لـ"بوابة أخبار اليوم"، أن اتساع طبقة الأوزون أو ثقب الأوزون كما يطلق عليه هذا يحتاج إلى مزيد من الأبحاث لأن ما اعتمد عليه الإنسان من قياسات لتسجيل بدأت عام 1950 تقريبًا، مضيفًا "لم يكن لدينا أي خلفية عن طبقة الأزون قبل زمن القياس، والذي جعلنا نطرح تساؤلًا: هل هي اتسعت بالفعل أم هي كما هي؟".

وتابع قائلًا، "حتى الآن ليس لدينا أي دليل على أن طبقة الأوزون تقل أو تزيد ويمكننا رصد النقص إذا توافرت قياسات لفترة أكبر من ذلك تقارب الـ150 عامًا، فنحن لا يتوافر لدينا هذه القياسات خاصة في طبقة الاستراتوسفير في نصف الكرة الجنوبي التي تعطي لنا دليل قوي على حدوث نقص وتحتاج لمزيد من القياسات والدراسات لكي نسبت بشكل قاطع حدوث تغير في مقدار الأوزون في طبقة الاستراتوسفير".

وأكد دكتور ربعة أن الأبحاث العلمية والنشاطات العلمية أثبتت أن الأوزون له دور في علاج بعض الأمراض، قائلًا "الأوزون عبارة عن نوعين: الأوزون الجيد وغير الجيد، فالجيد يتكون بفعل الطبيعة في منطقة الاستراتوسفير في الغلاف الجوي على بعد ما يقرب من 25 كيلو من الأرض تسمى طبقة الأوزون، وهو يحمي الأرض من الأشعة الضارة التي يمكن أن تضر بالإنسان وتسبب له العديد من الأمراض".

وأردف قائلًا، "أما الأزون السيء فهو يتكون بنسب صغيرة جدًا عند سطح الأرض نتيجة تفاعلات الشمس مع مواد الملوثات التي تنتج من احتراق دخان المصانع وعوادم السيارات فتتفاعل مع أشعة الشمس وتنتج غاز الأوزون السام الذي يسبب الكثير من الأمراض".

يذهب دكتور ربعة، بالقول إلى أن "ترويج الغرب لثقب الأوزون يجب أن يقابله أبحاث يقوم بها العرب فطالما كان اعتمادي على الغير فلن أنجح ولن أصل إلى الحقيقة، فلابد علينا كمصريين أو الدول العربية أن نجتهد ونوفر الدعم الكافي للأبحاث العلمية ونشجع الباحثين المصريين والعرب أن نعتمد على أنفسنا، وأن نكون مصدرًا للمعلومة، وليس الدول الأجنبية التي من الممكن أن تستغلنا استغلالًا سيئَا دون علمنا، خاصة وأن لدينا عقول مصرية يشار إليها بالبنان".

وعن الربط بين ثقب الأوزون والتغيرات المناخية، يؤكد دكتور ربعة أن هذا غير صحيح، موضحًا "التغيرات المناخية في المقام الأول نتيجة للنشطات البشرية غير المحكومة، والتي تسببت في تغيرات مناخية حادة والضرر الوحيد من نقص طبقة الأوزون هو السماح لأشعة الشمس فوق البنفسيجية بالنفاذ إلى الأرض بكمية أكبر من التي كان مقررًا لها أن تنفذ وتسبب كثيرًا من الأمراض".

ليس ثقبًا!

وعلى نفس المنوال، سار دكتور أحمد مصلحي، خبير الأرصاد الجوية بكلية العلوم جامعة القاهرة، حيث رفض مصطلح ثقب، وأكد أنه لا يوجد شيء اسمه ثقب أوزون، ولكن هناك انخفاضًا في كمية الأوزون ولا يوجد ثقبًا إطلاقًا، وأقصى كمية للأوزون تتواجد على ارتفاع 25 كيلو وتقل إذا ارتفعنا أو انخفضنا.

وقال مصلحي لـ"بوابة أخبار اليوم"، "هناك أنشطة تساعد في الإخلال بالأوزون منها حركة الطيران خاصة الطائرات النفاسة، التي تتواجد على ارتفاع من 12 كيلو والتي تخرج كمية من التيار النفاس يكثر في كمية الأوزون، ونشاط الدول التي تقوم بتجارب نووية وتحدث تفجيرات تحت سطح الأبحار والمحيطات لتقوم بتجارب نووية، فهذه التفجيرات تكثر من كمية الأوزون، وهناك أسباب طبيعية أيضًا، منها البراكين حيث أن مناطق البراكين يوجد بها انخفاض في كمية الأوزون".

وأضاف أن "وجود ثقب الأوزون في نصف الكرة الجنوبي وليس الشمالي بالرغم من أن كثافة السكان وأنشطة البشر في النصف الشمالي وليس الجنوبي مؤشر أن الدول التي تنفذ التفجيرات أكثرها في النصف الجنوبي وأيضا دليل على أن أنشطة البشر ليست السبب الأكبر".

وأسهب قائلًا، "هناك علماء ذهبوا إلى أن عملية انخفاض كمية الأوزون (ثقب الأوزون) طبيعية فليس من الطبيعي أن يحدث زيادة في منطقة وضعف في منطقة أخرى، إنما هى كمية ثابتة ولكنها تنتقل من منطقة إلى أخرى وتزيد في منطقة وتنقص في الأخرى. وليس هناك علاقة بين التغيرات المناخية والتغيرات في كمية الأوزون على سطح الأرض".

أهمية الأوزون في حياة البشر

وحول أهمية طبقة الأوزون في حياة البشر، يقول دكتور أحمد مصلحي، "أهمية الأوزون ترجع إلى امتصاص كمية من أشعة الشمس فوق البنفسجية لتحمي الكائنات الحية من هذه الأشعة الضارة، وأن الاشخاص الذين يعشون في المناطق الحارة لا يتأثرون بأشعة الشمس لكن الأوروبيين من يتأثرون بالشمس والأشعة فوق البنفسيجية، فيتعرضون لنوع من السرطانات الجلدية والكلف والنمش وأمراض في العيون".

يؤكد مصلحي أن مصر والشرق الأوسط غير متأثرين بانخفاض الأوزون، معللًا ذلك أن "كمية الأوزون ثابتة ولم يحدث لدينا أي انخفاض أو زيادة في الكمية. والسبب وراء الترويج لثقب الأوزون أن هناك شركات عالمية تروج لمنتجات الغرض منها اقتصادي وسياسات دولية".

وأشار خبير الأرصاد إلى أن كمية الأوزون على سطح الأرض ضئيلة جدا ولا تؤثر إلا على الأشخاص غير القادرين على التعرض للشمس ، وفي مقدمتهم الأوروبيون.

رفض التشكيك

وعلى النقيض، قال الدكتور علي محمود، مدير مشروع الدعم المؤسسي لبرتوكول مونتريال، إن ليس من العدل التشكيك في جهود علماء أفنوا حياتهم في سبيل العلم على مدار عقود، والقول أن ثقب الأوزون أكذوبة. ولمعرفة الحقيقة لا بد في البداية من معرفة ما هو الأوزون؟".

وأجاب قائلًا "الأوزون هو مركب غازى يتكون من ثلاث ذرات أوكسجين ويوجد فى طبقة الاستراتوسفير التى تحيط بالغلاف الجوى على ارتفاع يتراوح ما بين 20 و30 كيلومترًا، ويتراوح سمك طبقة الأوزون من 2 إلى 8 كيلوأمتار، وهي تقوم بدور المرشح الطبيعى والدرع الواقى الذى يحيط بالإرض ليحميها من الجزء الضار من الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس ذات الأضرار الجسيمة بصحة الإنسان والحيوان على حد سواء، كما تؤثر هذه الأشعة على نظم البيئة المائية وهذا يؤدى إلى خلل فى التوازن العام للطبيعة والحياة على الأرض".

وقال الدكتور علي محمود لـ"بوابة أخبار اليوم"، إن "مصدر التهديد يأتي نتيجة أعمال وتكنولوجيا ابتدعها الإنسان مع تطور الحياة المدنية واستحداث مواد كيميائية بالإضافة إلى مجموعة من الممارسات الخاطئة لبعض الأشخاص مما نتج عنه زيادة انبعاث الغازات من المواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون".

وعدّد مدير مشروع الدعم المؤسسي لبرتوكول مونتريال هذه المواد، مشيرًا إلى أنها "الكلوروفلوروكربونية (CFC’s) والهيدروكلوروفلوروكربونية (HCFC’s) المستخدمة في أجهزة التبريد والتكييف المنزلية والتجارية والصناعية وأجهزة التكييف المركزية ، الهالونـات المستخدمة في أجهـزة وأنظمـة مكافحــة الحرائق، ومادة بروميد الميثيل المستخدمة كمبيد حشري وفى تبخير الحاصلات الزراعية، تعقيم التربة وإجراءات الحجر الزراعي والتبخير قبل الشحن".

وذكر الكتور علي محمود أن من هذه المواد ما تم حظره بالفعل على مستوى العالم، ومنها ما هو في طور الخفض التدريجي، منوهًا إلى أن هذه المواد عادة ما تحتوي على ذرات من الكلور أو البروم وتنفصل نتيجة لتأثرها بالأشعة فوق البنفسجية فتتجه إلى أقرب وحدة من غاز الأوزون الذي يتكون من ثلاث ذرات أكسجين وتضم إليها إحداها تاركة ذرتين أوكسجين، واحدة لا تقاوم الأشعة فوق البنفسجية، وتمضي ذرة الكلور ومعها ذرة الأوكسجين إلى أن تلتقي بذرة أوكسجين أخرى منفردة فتتحد ذرتا الأوكسجين مع بعضهما مكونة وحدة أوكسجين وتنفصل ذرة الكلور وتمضي إلى وحدة أوزون أخرى لتفعل معها نفس الشيء، وهكذا تتكرر عملية الهدم هذه ملايين المرات وذلك في الطبقات العليا (الاستراتوسفيرية).

دور مصر في اتفاقية فيينا

وأكد دكتور علي بالقول "لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الرئيسي الذي قامت به مصر فى المفاوضات التى أدت إلى توقيع اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال تحت قيادة العالم الجليل الدكتور مصطفى طلبة، الرئيس الأسبق لبرنامج الامم المتحدة للبيئة، والذى يعتبر بحق الأب الروحى لبروتوكول مونتريال، وكانت مصر الدولة السابعة فى ترتيب الدول الموقعة والمصدقة على هذا البروتوكول والذى بلغ عدد أطرافه أكثر من 197 دولة".

وكشف عن أن الدراسات العلمية تشير إلى تعافي طبقة الأوزون بحلول منتصف هذا القرن، كنتيجة لجهود جميع الدول الأطراف فى بروتوكول مونتريال، وليس أحد الآثار الإيجابية لظاهرة فيرس كورونا حيث أن التفاعلات التي يتم خلالها استنفاد طبقة الأوزون تتم في طبقات الجو العليات وتحتاج إلى عدة سنوات.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة