هناك مجموعة من الأسئلة المشروعة تطرح نفسها وأولها : من صاحب القرار في تنقيح وحذف موضوعات من المناهج ؟

ظهرت خلال الأسبوعين الماضيين بعض صفحات التواصل الاجتماعي، التي تديرها سيدات فضليات من أمهات وأولياء أمور تلاميذ المرحلة الابتدائية، بالاضافة إلي الحملات الالكترونية والاعلامية مثل « مناهجكم باطلة «، « تمرد علي المناهج « بهدف مطلبين : أولهما: حذف الموضوعات التي تم الامتحان فيها في الميد ترم لكي لا يمتحن فيها التلاميذ مرة اخري في نهاية العام، وثانيهما : حذف الوحدات المقررة علي التلاميذ في نهاية كل كتاب مدرسي والتي لم يدرسها التلاميذ، وقد استجابت وزارة التربية والتعليم للمطلب الأول من منطلق أن امتحان منتصف التيرم جزء من التقويم المستمر، وكلفت اللجان المتخصصة بحذف موضوعات شهر فبرايرالتي تم تدريسها والامتحان فيها، اما المطلب الثاني فهو موضوع مقالنا اليوم..
وهناك مجموعة من الاسئلة المشروعة تطرح نفسها وهي : من صاحب القرار في تنقيح وحذف موضوعات من المناهج ؟، هل من حق وزير التربية والتعليم أن يحذف نسبة من المعلومات والمفاهيم والاساسيات دون الرجوع إلي المتخصصين والخبراء ؟، هل اراء الخبراء كافية أم ان هناك وسائل اخري ؟، ما مرجعية الدول المتقدمة التي تطور وتحدث مناهجها كل عامين علي الاقل ؟، لماذا لم تنفذ قرارات اللجان القومية التي راجعت مناهج العلوم والرياضيات وانتهت من المراجعة في اول فبراير من هذا العام ؟ وماذا عن المدة التي منحها السيد الرئيس لهذه اللجان «وهي ثلاثة شهور باق منها شهر» لكي تنتهي من عملها في تطوير محتوي المناهج المدرسية في جميع المراحل الدراسية؟
بداية لا أختلف كمواطنة مصرية قبل أن أكون استاذة جامعية ومتخصصة في المناهج والعلوم التربوية مع مطالب الامهات المصريات اللاتي يذاكرن لابنائهن وبناتهن في تخفيف الكم المعرفي الذي يزدحم به عقل الطفل في المرحلة الابتدائية بما يصعب فهمه وهضمه، ولكني أختلف علي الطريقة، فمن الخطأ التربوي والسيكولوجي أن يظهر الأطفال وهم يرتدون الشارة السوداء في طابورالصباح تضامنا مع الحملات التمردية مما يكرس لثقافة التمرد في هذه المرحلة العمرية الصغيرة.
ان المناهج علم من العلوم التربوية يعتمد علي تراكم المعرفة وترابط الموضوعات وحذف الوحدات الاخيرة مثلا من منهج رياضيات الصف السادس الابتدائي سيؤدي إلي صعوبة وعدم فهم الوحدات المترتبة عليها في العام التالي، باختصار الحذف العشوائي والمتسرع سوف يضر بمصلحة الطالب أكثر من افادته ويمثل خطيئة تربوية لا تقل عما حدث من حذف السنة السادسة من سلم التعليم الابتدائي في فترة زمنية سابقة والذي ترتب عليه خطيئة تربوية في حق ابناء مصر، نتيجة قرارات تربوية عشوائية حتي لو كانت لتهدئة الرأي العام.
ان وزير التربية والتعليم ليس من حقه أن يصدر قرارا وزاريا بحذف او اضافة أي موضوعات من المناهج المدرسية، وأن المعني بالتنقيح والمراجعة والتحديث والتطوير هم أهل الاختصاص (كل في مادته) من التربويين ومستشاري المواد والاكاديميين والموجهين والمدرسين وفق معايير تربوية اهمها الشجرة التعليمية التي تمثل البناء المعرفي لعلم المناهج.
أن المطلع والقارئ والباحث في سياسة التعليم وتحديث المناهج في الدول العالمية، والتي ترتيبها متقدم في التعليم يلاحظ ان مناهجها تعد وتطور وفق نتائج البحوث التربوية والميدانية ووفق استطلاع رأي مدرسي العلوم والرياضيات والتاريخ الوطني واللغات القومية، بجانب اراء الخبراء والمتخصصين ونتائج امتحانات دولية تنافسية للطلاب في المواد العالمية، نعم هناك اراء لاولياء الامور من خلال مجالس الاباء والامهات وهناك اراء للمجتمع المدني، وهناك اراء للاعلاميين المعنيين بقضية التعليم تتم خاصة في الدول العشر الاول في التعليم، أمثال اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، ولكن قبل بداية العام الدراسي وليس قبل الامتحانات يا أهل الخير، لان حذف اي موضوعات دون الرجوع إلي السابق والتالي في اي مواد دراسية خاصة في العلوم والرياضيات يمثل خطيئة تربوية.
ما يبقي :
> الاستفادة من التجربة اليابانية في التكامل بين المركزية واللامركزية، حتي يشارك في التخطيط للتعليم عامة والمناهج بصفة خاصة الجهات التي تجري بحوثا تربوية، وكذلك يستفاد من المعلم الباحث، الذي يجمع بين مهنته في التدريس وبحوثه في الماجستير والدكتوراه في مادة تخصصه.
> أن يعقد السيد وزير التربية والتعليم اجتماعا عاجلا مع رؤساء اللجان القومية لتطوير مناهج العلوم والرياضيات لمناقشة ما ستفعله لجان اليونسكو من الخبراء الدوليين خاصة بعد ان توصلنا نحن أعضاء اللجان إلي ضرورة تطبيق محتوي بعض المناهج العالمية التي تشوق الطالب وتحببه في المادة المدرسية وتجعله يقبل مستقبلا علي دراسة علوم المستقبل.
> أن تجتمع اللجنة الوزارية التي شكلها السيد رئيس الوزراء من وزراء التربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة والشباب بالاضافة إلي رئيس المجلس التخصصي للتعليم لمخاطبة اليونسكو في تسريع قرارها بشأن تطوير مناهج العلوم والرياضيات حتي يتسني للجان القومية من اصحاب العقول المصرية أن تنفذ ما توصلت اليه من قرارات، وفي هذه الحالة لن يكون هناك حذف او اضافة، حال تطبيق احدي السلاسل العالمية وتكيفها مع البيئة والثقافة المصري.