فجأة، وبلا مقدمات، دخل المصريون في حالة جدال ساخنة، وانقسامات، حول قضية لم تكن في حسبان الكثيرين، أعني « تيران وصنافير «. البعض يزعم علمه منذ عقود، تبعية الجزيرتين للسعودية. والبعض الآخر يجزم أنهما مصريتان. ووسط هذا وذاك، انخرط الكثيرون في نوبات إحباط وحيرة ولسان حالهم يقول : هي ناقصة ؟!
وبلسان هؤلاء أكرر نفس السؤال : هي ناقصة ؟! ألا يكفي انشغالنا بأزمة سد النهضة الأثيوبي، الذي أقيم رغم أنفنا، ونسف كل ما تركه لنا الأجداد من اتفاقيات تحفظ لنا أقل القليل من موارد النيل. ناهيك عن الإرهاب الذي يضرب مصر، ويحصد أرواح أخوتنا وأبنائنا، إضافة إلي الكساد السياحي المر، و أزمة « ريجيني « ذلك الباحث الإيطالي الذي تعرض للقتل والتعذيب علي أيدٍ آثمة، وألقيت جثته علي طريق الاسكندرية الصحراوي، لتترك تلك الأزمة غبارا علي علاقات مصر وروما التي كانت علي أعتاب مرحلة ازدهار، خاصة بعد اكتشاف شركة إيني الإيطالية أكبر حقل للغاز في المياه الإقليمية المصرية. وطبعا لا يمكن إغفال أزمات أخري تخنقنا جميعا، منها الغلاء الفاحش، والدولار، والوضع الاقتصادي الضبابي.... الخ الخ
كنت أتمني ألا يتم إفساد فرحة المصريين بزيارة خادم الحرمين التاريخية، بفتح الملف التيراني، حتي لو كان أولو الأمر، علي قناعة تامة، بتبعية الجزيرتين للسعودية الشقيقة. فالشعب مازال يعيش روائح الثورة، بما تحمله من وهج قد يرفض أي منطق، يمس ثوابته الوطنية الموروثة.
لقد ارتكبت الحكومة خطأ فادحا، يضاف إلي سجل فشلها. ما يستوجب ضرورة إغلاق الملف فورا قبل أن تحرق نيرانه حبال الود مع النظام، والدولة السعودية العزيزة علي قلوبنا جميعا.