كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

سوشيال ميديا وسياسة القطيع !

كرم جبر

الإثنين، 21 سبتمبر 2020 - 06:57 م

«سوشيال ميديا» مثل فيروس يصيب العقول ويسمم الأفكار، إذا لم يتم التصدى لها سريعاً، قبل أن تنتشر خلاياها المدمرة فى الجسد، وأخطر أمراضها الميل إلى التصديق السريع، فإذا كتبت «فلان خائن» اشتغلت التعليقات فوراً، وتنقب عن خيانته وتخترع حكايات مؤلفة.. وإذا قلت عظيم.. «فعلاً عظيم» ويبحث الجميع عن حسناته.
والسؤال: هل تستطيع وسائل الإعلام التقليدية، أن تجذب نسبة من هذا العالم الافتراضى أو السرى تحت مظلتها لتؤثر فيه بالحقائق والمعلومات، وترشد اتجاهاتهم؟
زمان.. أيام صحافة الآباء والأجداد، كان فيه زوايا اسمها «أبواب القراء»، نافذة واسعة ومحترمة لإجراء حوارات مع الحيارى والمتسائلين، وتفتح أبواباً للتواصل والتأثير ونشر الوعي.. لماذا لا نفعل ذلك ونقيم جسوراً وحواراً ممتداً، يضبط إيقاع الشائعات والأكاذيب باستخدام العالم الواسع الناتج عن الثورة التكنولوجية؟
سوشيال ميديا عندما يستغلها الأشرار تدشن سياسة القطيع، والقطيع يدمر الوعى ويحجب الرؤية، ويشعل عالماً سرياً افتراضياً بعيداً عن الرقابة، يستيقظ بعد منتصف الليل، ويسيطر على أجواء الفضاء الفسيح.
فى كثير من الأحيان لا يكون التأثير محدوداً، عندما تملأ النفوس بالتمرد والغضب والحقد، وتهدر القيم والمبادئ والقوانين، وتبيح الشتائم والسباب والفضائح، دون أن يعاقب مرتكبيها، والأكثر خطورة عندما يتم توظيفها من الجهات المعادية لبث الشائعات، والتحريض على الفوضى، وإشاعة الغضب والتمرد والعصيان.
المسألة أكبر بكثير ممن يظهرون على السطح، وتقف وراءهم فى الخفاء دول وحكومات وأجهزة تخابر، ولا سبيل للمواجهة إلا إيقاظ الوعى المجتمعى بمشاركة الإعلام والمسجد والكنيسة والمدرسة والبيوت والكتاب والمثقفين، وغيرهم لحماية المجتمع من الهدم.
سوشيال ميديا يمكن أن يكون لها منافع، مثلاً شريط المقاول مع بنت أسبانية، وهو يتمايل سكراً وعربدة ويدعو للثورة، وهو بالفعل خير محفز للناس ليسخروا منه ويهزأوا من تفاهته وهو يتكلم عن الغلابة، الذين لا يجدون «فرخة»، فلا يصدقه أحد وهو عايش بسيجارة وكأس وداعرات، ويتباهى بذلك ويتفاخر.
وشمبانزى الغابة، وهو يتعلق بحبلين وحلقتين ويتشقلب ويمارس علينا أسوأ أنواع المسخرة، وتصوروا أن هذا الشخص كان مرشحاً وزيراً للشباب أيام الإخوان وأنقذ الله شباب مصر، لأنه ذهب دون رجعة.
الناس أنفسهم لم يتعاملوا مع هذه الصور المخزية بأى نوع من الجدية، وقالوا: كيف نشغل دماغنا بهم، أو نأخذ كلامهم.. فقط اتفرج واضحك، لتعرف جيداً أن الحاجز بين العقل والجنون شعرة.. وانقطعت، ولكن بجانب هذا الجانب التهريجي، هناك غرف من جهنم تبث الشائعات وتزرع الشك.
المرحلة القادمة تحتاج تلاحماً شعبياً خلف الدولة للتصدى لمحاولات الهدم والتخريب، ولا تُترك شائعة إلا باقتفاء أثرها وإجهاض مفعولها.. وفى النهاية لا يصح إلا الصحيح.. شريطة أن تحسن استخدام الصحيح.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة