الأسطى عبده
الأسطى عبده


حكايات| الأسطى عبده «بيتهوفن مصر»..ميكانيكي كفيف «ايده تتلف في حرير»

أسامة حمدي

الأربعاء، 23 سبتمبر 2020 - 07:00 م

 

وهب الله أشخاصاً القدرة على تحدي أي إصابة أو إعاقة تحدث لهم، فيتحدون الظروف والمرض ويحققون النجاح والتميز، ويظلون قدوة ومَثل أعلى للكفاح وتحقيق الذات، بطل قصتنا هو الأسطى «عم عبده» الميكانيكي، صاحب الـ 63 عاما، مقيم بمنطقة شبرا وبالتحديد عند «كوبري عرابي».

«الأسطى عبده» ماهر فى عفشة السيارات بشهادة زبائنه، فبعضهم يلقبه بـ«نمرة واحد» وآخر بـ«ميتهوفين مصر»، فرغم إصابته بفقد بصره منذ نحو 18 عاماً؛ الإ أنه رفض الجلوس بالمنزل، وظل يعمل بيده وعقله وأذنه، مستخدمًا ما تبقى لديه من نعم الله الكثيرة، حيث يستخدم أذنه فى الكشف على السيارات وتحديد العطل بها وإصلاحها.


عندما تقابله تجده بشوش الوجه، مبتسما،ً طيب القلب، كريمًا مع زبائنه، يعمل بإتقان منذ الساعة التاسعة صباحاً وحتى الخامسة مساءً، وأكثر ما يفتخر به «عم عبده» أنه علّم أبنائه حتى حصلوا على أعلى الشهادات الجامعية. 

فى البداية يقول عم عبده إسماعيل: «أول إصابة حدثت لى فى 1996 عندما كنت أعمل بالورشة وقطعة حديد صغيرة "رايش" دخلت فى عينى؛ ما أدت إلى فقدان البصر بعيني، أما الإصابة الثانية فكانت فى 2001 حيث تضررت العين الثانية من إصابة الأولى ما أدى لإصابتى بمرض ضغط  العين، وتابعت مع الطبيب لمدة 15 عاما دون جدوى، وبدأ نظري فى الضعف شيئا فشيئا، ثم أجريت عملية جراحية لتلقيح القرنية، وبعدها أصبت بالعمى التام».


وتابع: «أمارس حرفة الميكانيكا بالإحساس.. إحساس من عند ربنا.. بحس بالحاجة لأني بحب الصنعة.. وربنا أعطاني خبرة وفهم للصنعة.. أي زبون يأتي للورشة أركب معه السيارة ويشغلها وأسمع صوت السيارة وأحدد العطل بها، والمساعد الخاص بى "حاتم" يفك العربية وأتولى أنا تصليح العطل، وبعدما يجرب الزبون السيارة لا يجد بها أي أعطال».

ويضيف الأسطى «عبده»، أنه يمارس صنعة الميكانيكا منذ سنة 1970 أي ما يقارب 48 عاما، منها 17 عاما وأنا وكفيف لا أرى، وزبائن الورشة مازالوا يأتون لنا حتى بعد الإصابة، فالإقبال بالورشة لم يتأثر، لكن حاليا السوق كله فيه ركود مش أنا وحدي، لكن ربنا بيرزقنا، وفيه زبائن جديدة تأتي للورشة على السمعة الجيدة بالإضافة للزبائن القديمة، واللى بيجي مرة مبيسبناش خالص، يأتي مرة وإثنين وثلاثة.

وذكر أن أكثر شئ يفتخر به هو رحلة تعليم الأبناء ولدي 3 أولاد وبنت؛ جميعهم تعليم عالي، مصطفى خريج هندسة، ومحمد خريج نظم ومعلومات، ومحمود خريج تجارة خارجية، ومنة تدرس بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس، والحمد لله علمتهم أحسن تعليم وربنا عوضنى بهم عن الإصابة بالعمى.

وأوضح: «دور حاتم هو المساعد لي يرفع العربية ويفك الجزء الذى به العطل وأتولى أنا تصليح العطل وبعد ذلك هو يركب الجزء الذى تم إصلاحه، وأنا بعرف أسوق ومعايا رخصة خاصة من 20 سنة، لكن مع الإصابة مش هينفع، فالزبون هو يسوق وأنا أكون معه وأحدد العطل من الصوت، ودائما ما يكون معرفة العطل صحيح، مثلاً فيها مقصات أو بارات أو مساعدين أو جلب أو علبة دلكسيون أو مكنة باور أو بطاحات مساعدين أو مساعدين تاندا أو أى ارتجاج واهتزاز فى العربية أو أي عطل خاص بالعفشة لأنى ميكانيكى عفشة وليس ميكانيكي موتور».

ولفت إلى أنه يتحدى الإصابة ويعمل رغم كبر سنه، وايزال ينزل أسفل السيارة ويلمس العطل بيده ويحدده وبعد تصليحه يطمئن أنه تم تركيبه جيداً، مضيفا أن تصليح العربية ممكن يكون فى ساعتين لحد ما الزبون يشترى قطع الغيار وممكن التصليح يكون فى نصف ساعة حسب حالة العربية.


ويشير: «الإصابة لو أثرت عليّ كنت قفلت الورشة من زمان، وصاحب الورشة لو استعان بصنايعية يشتغلوا بدلا منه مش هتنجح الورشة، لأنهم مش هيحافظوا على المكان زى ما صاحب الورشة يبقى موجود بنفسه معاهم، ولما تعبت فترة فى 2001 وتوقفت عن الشغل رجعت الورشة كان علينا ديون كتيير، وعيالى كانوا عاوزين فلوس علشان مصاريف التعليم فمثلا ابنى طالب الهندسة مشروع تخرجه تكلف 20 ألف جنيه بالإضافة لمصاريف الدراسة، فكان لازم أشتغل علشان أسدد ديوني وأصرف على بيتي».

والتقط منه حاتم، صاحب الـ25 عاما، مساعد عم عبده الميكانيكي، طرف الحديث قائلاً: «عم عبده بيشتغل فى التصليح كويس، لكنه عاوز صنايعي معاه يعطيه مفتاح الفك والتركيب وكل مفتاح له رقم مثلاً مفتاح 10 أو مفتاح 14 وكل ده يحتاج شخص بصير؛ وياخد منه معدات الورشة بعد التصليح أو يمسك معاه حاجة أو مفتاح صعب الفك أفكه أنا، وكان معانا صنايعية كتيير تعلموا من الحج عبده وفتحوا ورش بنفسهم وبقوا معلمين كبار فى الصنعة».    

وذكر رأفت محمد، صاحب الـ28 عاما، أحد زبائن الورشة: «زبائن عم عبده بيفضلوه أكتر من أى ميكانيكى آخر وفيه ناس بتلقبه بـنمرة واحد أو بيتهوفين مصر مثل عالم الموسيقى الألمانى الأصم ميتهوفين الذى كان يعزف الألحان رغم أنه أصم».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة