أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

أطفال «السوبر ماركت»

أحمد عباس

الخميس، 24 سبتمبر 2020 - 06:21 م

 

انزعجت جدا، جدا، وأنا أتابع إحدى حلقات برنامج الإعلامى عمرو أديب، فى إحدى الحكايات التى عرضها عن زواج طفل فى الخامسة عشر من عمره، ببنت فى مثل سنه أو تقل قليلا، وكان الأستاذ عمرو ممتعضا جدا من الحادثة، بالفعل هى ليست واقعة هى حادث مكتمل الأركان، وانفعل أكثر الأستاذ عمرو لما أضاف من الخبر الذى كان يقرأ متنه.. أن هذه هى الزيجة الثانية، وأن الطفل الحدث الذى له امرأتان، طلق الأولى وبالقطع بدون أوراق ثبوت، كيفما تزوجها من دون توثيق.. والخطير الذى دفع الأستاذ عمرو لرفع حاجبيه من فرط التعجب، أن لهذا الطفل.. طفل!. آه والله هذا الطفل تزوج زوجته الأولى الطفلة، فى الثانية عشرة من عمره، وأنجب من الطفلة، «طفل»، وكل ذلك بلا ورقة ثبوتية واحدة، تثبت ميلادا، أو زواجا، أو طلاقا، أو نسب، أو أى مصيبة من بين هذه المصائب!
وأقول لك سبب انزعاجى الحقيقى.. والله ولا أى شىء مما سلف، أنا انزعجت فقط من تعجب الأستاذ عمرو ليس إلا.
ثم أردف الرجل.. لدينا مشكلات مجتمعية ثقافية كبيرة يا جماعة منها زواج القاصرات العرفى، والأطفال، وعدم توافر الأوراق الثبوتية اللازمة لتوثيق ذلك كله.
طيب يا أستاذ عمرو أحب أبلغ حضرتك وأنت سيد العارفين، أننا كنا نعرف، وأنت تعرف وكُلنا يعرف.. وهذه حقائق مألوفة وقديمة، والسيدة السفيرة مشيرة خطاب عرفتنا عنها الكثير منذ سنوات عشر، حينها كان هذا الطفل الذى نتحدث بشأنه الآن عمره عامان فقط، وربما لم يبلغ فطامه.
أقول لك الأكبر يا أستاذ عمرو، إن هناك شيئا آخر اسمه الزواج الصيفى، كأن فيه الأب يؤجر رحم ابنته فى سنواتها الأولى لمجرد أنها بكر.. هل تعرف ذلك يأستاذ عمرو، وهذه تجارة رائجة جدًا، ولها ضحايا ولها سماسرة، يكسبون ذهبا، مثل عالم المأذونين الذين يتورطون أحيانا فىهذه الحوادث. هذا عالم سفلى يا أستاذ، موازِ بكامله..
تتذكر «أطفال الشوارع».. أو إن شئت تقنين اللفظ، وتهذيبه فهم.. «أطفال بلا مأوى». هؤلاء الأطفال صاروا رجال شوارع، وأمهات شوارع وجدود، ولهم الآن أحفاد كمان، نحن نلقى الآن جزاء عدم جديتنا القديمة، وهذا جيل رابع من «أطفال الشوارع».
تعرف يا أستاذ عمرو ما القادم أيضًا، الآتى هم أطفال «السوبر ماركت»، وهؤلاء أطفال أحداث، شرفاء جدًا، أعمارهم تبدأ من الخامسة وتمتد حتى قبل العشرين، بقليل، يعملون فى توصيل الطلبات للمنازل بالأحياء الراقية، والله إننى رأيت أمس طفلا فى السادسة يحمل ثلاث كراتين فوق بعضهم وأنا لا أستطيع حملها، هؤلاء لا يتغذون جيدًا، ولا يعرفون إلا الطاعة، ومصابون بالتقزم..
فلا تنزعج يا أستاذ عمرو

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة